تساءل الجيران عن سر تغيب جارتهم العجوز التي تعيش بمفردها منذ زمن وظنوا أنها قد تكون قد غادرت شقتها إلي أحد الاقاليم حيث كانت تدعي بوجود أصول لأسرتها بالريف. وبعد مرور عدة أيام علي اختفائها بدأت الشكوك تساورهم ويسيطر عليهم القلق ويتسلل إلي عقولهم وقلوبهم خاصة مع انبعاث رائحة غريبة أخذت في الانتشار ببطء داخل العقار الكائنة به شقة جارتهم العجوز لتبدأ رحلة البحث عنها وبسؤال أصحاب المحلات الموجودة أسفل العقاروالمنتشرة بالشارع عنها وجاءت الإجابات لتزيد حيرة الجيران بعد أن نفي الجميع مشاهدتها منذ فترة طويلة في الوقت الذي تحولت فيه الرائحة الغريبة إلي كريهة ومع ازديادها تحدد مصدرها وتبين أنها تنبعث من داخل شقتها فقرر الجيران ابلاغ قسم شرطة مدينة نصر للتأكد من وجود جارتهم العجوز علي قيد الحياة أم أنه أصابها مكروه ليفاجأ الجميع لدي قيام قوة من الشرطة بكسر باب الشقة بجارتهم عواطف90 عاما في حالة تحلل بعد أن فاضت روحها منذ10 أيام دون أن يدري بها أحد لم تكن عواطف حسبما أكد الجيران تتوقع هذه النهاية المأساوية فلم يشعر بوفاتها أحد من قريب أو بعيد فكل أقاربها قد توفوا شقيقتها الكبري وشقيقها منذ عام ولم يزرها أحد من ابنائهما منذ رحيلهما وكانت عواطف التي سرقتها الحياة دائما ما تحكي لجيرانها انها لم يسبق لها الزواج أو الارتباط بأي شخص وفضلت أن تعيش بمفردها حتي ماتت عانس فقد التحقت بالعمل عقب تخرجها في احدي المؤسسات المهمة وهو ما جعلها تهتم بحياتها العملية أكثر من التفكير في الزواج رغم حالتها الميسورة وانتمائها لعائلة مشهورة غير أن تلك المميزات كانت كفيلة بمنع الكثيرين من التفكير في تلك الفتاة ابنة الحسب والجاه كما انها كانت لا تلقي بالا لتلك الفكرة المتعلقة بالارتباط من أجل الزواج والانجاب من الأصل رافضة نصائح أسرتها والمقربين منها حتي مضي بها قطار العمر إلي حيث ما انتهت إليه بعد أن تبدلت أحوالها فمن بعد الحسن والجمال والشباب إلي سيدة أبت الأيام والسنون إلا أن تترك بصماتها علي ملامح وجهها فبعد أن كانت بمثابة مطمع يسيل لمالها وجمالها لعاب الكثيرين صار الجميع يحول وجهه عنها وكشفت احدي جاراتها والتي كانت دائما ما تجالسها لتتعلم منها دروس السنين أنها قد حكت لها أن اخواتها بعد نفاد صبرهم في اسداء النصح لها بضرورة الارتباط قاطعوها حتي زارتهم مرة وقد تخطت الأربعين وأخبرتهم بجديتها في الارتباط إلا أنها لم تجد من يرغبها كزوجة لتنطوي علي نفسها وتقاطع فكرة الارتباط للمرة الثانية والأخيرة وتمضي بها الليالي والأيام وتخرج إلي المعاش ويستقر بها المقام في شقتها لتعيش وحيدة في سجن اختياري تتقاضي معاشا يكفل لها حياة كريمة غير أن كثرة الأمراض ووفاة جميع أقاربها كان القشة التي قصمت ظهر البعير وقضت علي حالتها النفسية التي ساءت وانعكس ذلك جليا علي حالتها الصحية بصفة عامة وفي ظل وحدتها التي كانت تعيش فيها لم يندهش الكثيرون من تلك النهاية غير أن النيابة العامة كان لها رأي آخر بناء علي المعاينة التي أجراها عمرو شعبان وكيل أول نيابة مدينة نصر حيث تبين له وجود بقعة دم أسفل الجثة وبعثرة في محتويات الشقة تزيد عن الحد الطبيعي بالإضافة لكون جثة المتوفاة وجدت علي جنبها الأيمن حافية القدمين في حجرة السفرة كل ذلك كان دافعا لاصدار قرار بتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة وانتداب خبراء المعمل الجنائي لفحص محتويات الشقة لبيان سلامة الأبواب والنوافذ وعما إذا كانت قد تعرضت للسرقة بالاكراه من عدمه وطلبت تحريات المباحث لكشف ملابسات الواقعة.