صدق أو لا تصدق.. قفز دخل المواقع الإباحية علي شبكة الانترنت إلي ماقيمته سبعة وتسعون مليار دولار في السنة الواحدة ويعادل هذا المبلغ الفلكي أكثر من ثلاثة أضعاف الدخل القومي لدولة عربية مثل الأردن. كما أنه يعادل حوالي مرة ونصف الدخل القومي لدولة عربية أخري مثل اليمن. أكثر من ذلك فان هذا الرقم المذهل يعادل تقريبا قيمة الدخل القومي لدولة مثل السودان وذلك قبل أن تنشق إلي نصفين أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب خلال العام المنصرم. آلاف الدولارات كل ثانية ففي كل ثانية, يجري إنفاق أكثر من ثلاثة آلاف دولار علي هذه المواقع, كما أنه في كل ثانية'' تحظي'' هذه المواقع الجنسية بدخول حوالي ثمانية وعشرين ألفا ومائتين وثمانية وخمسين شخصا علي شبكة'' الانترنت'' من شتي أرجاء العالم. وفي كل ثانية أيضا يعمد حوالي ثلاثمائة واثنين وسبعين شخصا إلي محاولة البحث عن هذه المواقع عبر كتابة كلمات بعينها عبر محركات البحث الشهيرة مثل'' جوجل'' و'' ياهو'' وغيرهما. وفي كل تسعة وثلاثين دقيقة, يجري إنتاج'' فيديو إباحي'' في الولاياتالمتحدة. باختصار تعد صناعة المواد الإباحية علي الشبكة العنكبوتية صناعة هائلة بكل المقاييس. فعائدات هذه الصناعة أضخم بكثير من عائدات شركات عملاقة مثل'' مايكروسوفت'' و'' جوجل'' و'' أمازون'' و'' إي.بي'' و'' ياهو'' و'' أبل'' و'' نيتفليكس'' مجتمعة. وتتصدر الصين قائمة الدول التي تحقق المواقع الإباحية فيها أرباحا فلكية, فهذه المواقع تسلب من جيوب الصينيين أكثر من سبعة وعشرين مليار دولار كل سنة. أما كوريا الجنوبية فرغم أنها تحتل المركز السادس والعشرين علي مستوي العالم من حيث عدد السكان فإنهما تأتي في المرتبة الثانية بعد الصين من حيث حجم الأنفاق علي المواقع الإباحية. وينفق الكوريون الجنوبيون أكثر من خمسة وعشرين مليار دولار. ولكن في الولاياتالمتحدة فان الانترنت لا يشكل بشكل عام أشهر وسيلة للحصول علي المواد الاباحية. إذ يبلغ حجم انفاق الامريكيين علي مبيعات الفيديو والمواد الفيلمية المؤجرة نحو ثلاثة وستمائة وعشرين مليار دولار. يأتي ذلك فيما يبلغ حجم إنفاق المواطنين الأمريكيين علي المواقع الإباحية علي شبكة الانترنت وثمانمائة واثنين وأربعين مليار دولار. وبالنسبة للمجلات الإباحية, فقد صار نصيبها من كعكة الإنفاق الإباحي في بلاد العم سام أقل من هذا بكثير جدا. توزيع الكعكة وإجمالا فان الصين تستحوذ علي حوالي ثمانية وعشرين في المائة من إجمالي هذه الكعكة مقابل سبعة وعشرين في المائة لكوريا الجنوبية وواحد وعشرين في المائة لليابان, وأربعة عشرة في المائة للولايات المتحدة وخمسة في المائة لكل من كندا والفلبين وألمانيا وفنلندا وروسيا وهولندا والبرازيل وواحد في المائة لإيطاليا واثنين في المائة للمملكة المتحدة, ونفس النسبة لأستراليا. بلاد العم سام وقد تفوقت عائدات المواقع'' الخليعة'' علي الشبكة العنكبوتية علي حجم العائدات السنوية لألعاب كرة السلة والقدم والبيسبول في الولاياتالمتحدة. كما تتجاوز عائدات الأفلام الإباحية في الولاياتالمتحدة عوائد ثلاثة من أضخم الشبكات التليفزيونية العاملة في بلاد العم سام ألا وهي شبكات'' ايه.بي. سي'' و سي.بي.إس'' و'' ان.بي.سي'' مجتمعة. بإختصار فتحت شبكات الانترنت بابا لم يسبق له مثيل لتسويق المواد الإباحية, وربما بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية. هذا الأمر يعني أن شبكة الانترنت أو بالأحري الثورة الرقمية التكنولوجية أحدثت ثورة هائلة في صناعة المواد الإباحية. ففي السابق كان إنتاج الفيلم الإباحي الواحد(فيلم متوسط الطول) باستخدام أفلام16ملليمترا يتكلف ما بين خمسة وثلاثين وأربعين ألف يورو. أما الآن, فانه بفضل الثورة الرقمية أصبح في الإمكان إنتاج هذه النوعية من الأفلام بما يعادل نصف هذه القيمة. علاقة عضوية وتقول لوريتا نابوليوني في كتابها'' الاقتصاد العالمي الخفي'' التي تعد واحدة من أهم خبراء العالم في قضايا غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتي عملت كمراسلة للعديد من الصحف اللندنية ولها أعمدة ثابتة في صحف كورييرا ديلاسيرا ولا ريبوبليكا ولوموند ان صناعة المواد الإباحية جعلت من شبكة الإنترنت جزءا عضويا منها وأن أي شركة تعمل في هذا القطاع المشبوه لا يمكنها الصمود في وجه منافسيها بدون الاستعانة بشبكة الانترنت بل بكل وسائل التقنية الحديثة بما في ذلك الهواتف المحمولة وكل ما هو علي شاكلتها من أجهزة إلكترونية. وقد نقلت مؤلفة الكتاب عن سيليفيو باندينيلي أحد أشهر مخرجي هذه النوعية من الأفلام في إيطاليا قوله'' إنه لا يتعين علي الشخص اليوم أن يحمل معروفة تقنية واسعة كي يستخدم الكاميرات الرقمية وهذا يوضح السبب في أن الممثلين الإباحيين الذين يمثلون الطبقة العاملة في هذا النوع من الأعمال يقومون الآن بإنتاج الأفلام وإخراجها وأنه من البداهة أن هذه التقنية الجديدة المتطورة قد أثرت سلبا في المخرجين المحترفين في صناعة الأفلام الإباحية. ''وتقول نابوليوني ان شبكة الانترنت حققت نجاحا هائلا بالنسبة إلي صناعة المواد الإباحية بفضل عامل آخر غير قدرة الشبكة العنكبوتية الهائلة علي نشر هذه المواد في أوساط الملايين بسهولة ويسر. ويتمثل هذا العامل في أن الشبكة ظهرت في وقت مناسب تماما بالنسبة لهذا القطاع إذ ظهرت بعد نجاح هذه الصناعة في تحرير الأفلام الإباحية من القيود القانونية التي كانت مفروضة عليها حسبما يقول لوتشانو مانتيللي وهو مؤرخ للأفلام الإباحية. ويقول مانتيللي'' لقد شهدت حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي قيام المجلات الإباحية وخاصة في إيطاليا بمحاولات حثيثة لجعل الأفلام الإباحية مقبولة وفي عام1960 أطلق الناشر الإيطالي سارو بالسامو مجلة الرجال أو'' مين'' التي تعرض صور نساء بملابس السباحة وحققت نجاحا كبيرا وأثارت في الوقت ذاته ضجة هائلة حيث صادرت الشرطة الأعداد السبعة الأولي منها من أكشاك بيع الجرائد علي أساس أنها تروج للفاحشة. ''ولكن رويدا رويدا صار في وسع ناشري المجلات الإباحية وشبه الإباحية ومنتجي المواد الخليعة بث إنتاجهم بدون قيود قانونية تذكر وهو الأمر الذي مهد لانطلاق هذه النوعية من المضامين علي شبكة الانترنت عندما ظهرت للوجود في أواخر القرن الماضي. الاتجار بالبشر وتعد هذه الظاهرة من أكثر الظواهر ارتباطا بظاهرة أخري لا تقل خطورة عنها ألا وهي ظاهرة الاتجار بالبشر حيث يجري في الكثير من الأحيان إجبار النساء اللاتي يجري استرقاقهم في العديد من بقاع الدنيا علي العمل في الأفلام الإباحية التي يجري بثها علي شبكة الإنترنت. وتشير التقديرات إلي أن عدد الرقيق في مختلف أنحاء العالم يصل إلي30 مليون إنسان تقريبا ينتشرون في مختلف الدول ويتخذ رقهم أشكالا مختلفة ويستخدمون في أداء مهام عديدة. ويأتي الاستغلال الجنسي للعبيد الجدد علي رأس صور الاستغلال المنتشرة في أوروبا الولاياتالمتحدة علي وجه الخصوص, في حين توجد أشكال أخري لاستغلالهم في الدول الفقيرة وبخاصة الدول الإفريقية وتشمل التشغيل بدون أجر أو البيع للغير, ووفقا لخبراء الأممالمتحدة فإن عصابات الرقيق الأبيض تحقق دخلا شهريا قدره7 آلاف دولار أمريكي عن كل سيدة أو رجل يتم تشغيله في الدعارة. ويشير الخبراء إلي أنه رغم انتهاء الرق رسميا من العالم فإن الظاهرة تمثل جزءا من نمط الحياة في مختلف دول العالم وإن تفاوتت درجة ظهورها. وتشير التقارير إلي أن عصابات الرقيق في العالم تعتمد علي خطف الأطفال وبخاصة في مناطق الصراع السياسي والعسكري ثم نقلهم إلي أماكن استغلالهم في أية دولة, وهناك أيضا عصابات تتولي شراء الأطفال من عائلاتهم الفقيرة وبخاصة في القارة الإفريقية ودول آسيا الفقيرة ثم تنقلهم إلي أوروبا والولاياتالمتحدة لاستغلالهم في مختلف الأغراض بما في ذلك الاستغلال الجنسي. أما الشكل الثالث لأشكال استقطاب الرقيق فيتمثل في الخداع, وذلك من خلال العصابات التي تخدع الشباب وبخاصة من النساء بوهم عقود للعمل في أوروبا والولاياتالمتحدة حيث يتم إجبارهن علي الدعارة بعد خروجهن من بلادهن ليتم بعد ذلك إستغلال هذا الأمر علي شبكة الإنترنت.