رئيس جامعة قناة السويس يكرّم الفائزين بجائزة الأداء المتميز عن أكتوبر 2025    أسعار الذهب في السوق المحلية اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025    المالية تقرر زيادة العملات التذكارية للمتحف المصري الكبير لتلبية الإقبال المتزايد    الطماطم ب8 جنيهات.. أسعار الخضراوات والفاكهة بسوق العبور اليوم الخميس    تعزيز العلاقات الثنائية يتصدر.. بيان مشترك لوزيري خارجية مصر وتركيا    الهلال الأحمر المصري يدفع ب235 ألف سلة غذائية ومستلزمات طبية عبر قافلة زاد العزة ال72 إلى غزة    فرق من القسام والصليب الأحمر تدخل إلى حي الزيتون شرق غزة للبحث عن جثث إسرائيليين    الأهلي يعول على محمد شريف لقيادة الهجوم أمام شبيبة القبائل    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    مع بداية نوة المكنسة.. أمطار متوسطة إلى غزيرة تضرب الإسكندرية والصرف الصحي في حالة طوارئ    عروض أفلام الخميس 13 نوفمبر بمهرجان القاهره السينمائي    فاصل من الكوميديا البلهاء    مجلة كلية التجارة بجامعة حلوان ضمن أفضل المجلات العربية    هزة أرضية بقوة 3.9 درجات تضرب منطقة قبرص    إسقاط الجنسية عن شخص لالتحاقه بالخدمة العسكرية بدولة أجنبية    اتحاد شركات التأمين: يثمن إتاحة الاستثمار المباشر في الذهب والمعادن النفيسة    خلال مباريات نوفمبر، 14 منتخبا يستعدون لحسم بطاقة العبور لكأس العالم    البورصة المصرية تشارك شركة "توسع للتخصيم" فعالية "قرع الجرس"    بورفؤاد تدفع ب7 سيارات كسح لمواجهة أزمة غرق الشوارع بمياه الأمطار    خلال 24 ساعة.. تحرير 150 ألف مخالفة مرورية متنوعة    المناهج المستوردة كشفت الكارثة…المنظومة التعليمية تنهار والمعلمون يأسوا من الإصلاح فى زمن الانقلاب    «مبروك لحبيبتي الغالية».. فيفي عبده تهنئ مي عز الدين بزواجها    حسين فهمي يشارك في حلقة نقاشية عن "الترميم الرقمي" بمهرجان القاهرة السينمائي    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    ضبط 5 أشخاص أثناء التنقيب عن الآثار داخل عقار بالمطرية    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    بشير التابعي: شكوى الزمالك ضد زيزو "شخصية".. وطاهر لا يستحق الانضمام للمنتخب    الكهرباء: مستمرون في التنسيق مع البيئة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة    «التحديات النفسية والاجتماعية لظاهرة التنمر في ظل الرقمنة».. ندوة بآداب بنها    الأعلى للثقافة: مدونة السلوك خطوة مهمة لضمان احترام الآثار المصرية وتعزيز الوعي الحضاري    خبير لوائح يكشف سر لجوء اتحاد الكرة للجنة المسابقات لإصدار عقوبات السوبر    تعليم الأقصر تبحث الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسى الأول.. صور    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    مخاطر وأضرار مشروبات الطاقة على طلبة المدارس.. استشاري تغذية توضح    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان دعمهما القوي للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناة قطاع غزة    المجلس التصديرى للملابس يوقع مذكرة تعاون مع "الجمعية التشيكية"    دوري المحترفين، 5 مباريات اليوم في الجولة ال 12    الرئيس يوافق على إصدار قانون الإجراءات الجنائية الجديد    تشييع جثمان زوجته أُنهي حياتها خنقا علي يد زوجها بالمنوفية    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    الاتحاد الأوروبي يُشيد بالانتخابات البرلمانية العراقية    طريقة عمل البطاطا بالكاسترد بمذاق لا يقاوم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 13نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    إسرائيل تضغط لرفع الحظر الألماني على صادرات الأسلحة    إنهاء أطول إغلاق حكومى بتاريخ أمريكا بتوقيع ترامب على قانون تمويل الحكومة    أديل تخوض أولى تجاربها التمثيلية في "Cry to Heaven" للمخرج الشهير توم فورد    الصحة: خلو مصر من التراخوما إنجاز عالمي جديد.. ورؤية الدولة هي الاستثمار في الإنسان    10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال| فيديو    صاحب السيارة تنازل.. سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة حادث إسماعيل الليثي (فيديو)    «سحابة صيف».. مدحت شلبي يعلق على تصرف زيزو مع هشام نصر    الولايات المتحدة تُنهي سك عملة "السنت" رسميًا بعد أكثر من قرنين من التداول    أمطار تضرب بقوة هذه الأماكن.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    احسب إجازاتك.. تعرف على موعد العطلات الدينية والرسمية في 2026    غضب واسع بعد إعلان فرقة إسرائيلية إقامة حفلات لأم كلثوم.. والأسرة تتحرك قانونيا    أبو ريدة: سنخوض مباريات قوية في مارس استعدادا لكأس العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العربية وجدلية الانقسام والتما سك نعم ولا
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 03 - 2012

ساعدت الثورات العربية علي ارتفاع التوقعات والطموحات‏,‏ ووفرت آليات جديدة للتحركات الشعبية لم تكن متاحة من قبل‏.‏يثير القرار الذي اتخذه وجهاء بني غازي الليبية بإقامة فيدرالية خاصة بالإقليم‏,‏
مع الاستمرار ضمن الكيان الليبي الأكبر‏,‏ الكثير من الاشكاليات بشأن مستقبل عملية التغيير وإعادة البناء في ليبيا‏,‏ كما أن تأثيراته لا تتوقف عند حد ليبيا وحسب‏,‏ بل أيضا تمتد إلي عدد آخر من الدول العربية‏.‏ الأمر نفسه موجود في الحالة اليمنية التي تشهد‏,‏ رغم غياب الرئيس صالح رسميا عن قمة السلطة بعد تطبيق المبادرة الخليجية المدعومة دوليا‏,‏ ارتفاع أصوات المطالبين باستعادة الكيان الذي كان قائما في الجنوب قبل إعلان دولة الوحدة الاندماجية في مايو‏.1990‏ وهي خطوة تعني العودة إلي التشطير الذي ساد أكثر من‏23‏ عاما‏,‏ وتسبب في ثلاث حروب بين الشطرين‏.‏
وفي مصر ما بعد الثورة‏,‏ وأثناء أزمة المنظمات الأجنبية المتهمة بتلقي أموال من الخارج دون الخضوع للقوانين والاجراءات المعمول بها‏,‏ وجدت خرائط لدي إحدي المنظمات الأمريكية العاملة بدون ترخيص رسمي تقسم مصر إلي اربعة كيانات‏,‏ وعلي كل كيان علامات معينة‏.‏ والوضع الراهن في سوريا الغارق في المواجهات العسكرية بين الجيش النظامي وجماعات معارضة مسلحة ينذر إن استمر الوضع دون أفق سياسي واضح بأن تتحول مناطق بعينها إلي أقاليم معزولة قد تتحول لاحقا إلي بؤرة تقسيم خطيرة‏.‏ ومن قبل كل ذلك شهدنا خروج جزء عزيز من الوطن السوداني الكبير‏,‏ والذي أصبح دولة مستقلة في الجنوب‏,‏ وفي الآن نفسه ترتفع دعوات بالانفصال في دارفور وفي الشرق علي السواء‏.‏
إنها محنة إذا أن تتعرض عدة دول عربية كبري إلي اختبار التقسيم الجغرافي والسكاني بعد أن ظلت لفترة طويلة من الزمن كيانا واحدا‏.‏ وبعد أن كان الحديث كما في الزمن القومي الراحل عن وحدة عربية شاملة من المحيط إلي الخليج‏,‏ صار الحديث الآن هو عن سبل الحفاظ علي الواقع الجغرافي السياسي الراهن ومنعه من التشرذم والتفتت‏.‏ وبالطبع فإن المفارقة الأكبر هنا هي إن هذا التطور يحدث في ظل تطور نوعي كبير هو الثورات والانتفاضات الشعبية التي أطاحت بنظم فاسدة ومستبدة‏,‏ ولكنها ما زالت في رحلة البحث عن نظام جديد يجسد طموحات وتطلعات الشعوب الثائرة من اجل الحرية والكرامة والمواطنة‏.‏
وكأي حدث كبير ثمة أسباب أكبر‏.‏ أهم هذه الأسباب هو عجز النظم السياسية البائدة عن أن توفر الحد الأدني من عناصر التكامل الوطني والاجتماعي‏,‏ الأمر الذي سمح بتسرب التهميش المنهجي سياسيا واقتصاديا لفئات ومناطق بأسرها لصالح مناطق وفئات اجتماعية أخري في الدولة ذاتها‏.‏ ولذا تبرز دائما دعوات العودة للوراء وكأنها هي المخرج الوحيد للوضع المتردي القائم‏.‏ وقد ساعدت الثورات العربية علي ارتفاع التوقعات والطموحات‏,‏ ووفرت آليات جديدة للتحركات الشعبية لم تكن متاحة من قبل‏.‏
والحالتان البارزتان هنا هما اليمن وليبيا‏.‏ فالدعوة التي انطلقت في المحافظات الجنوبية في اليمن منذ‏1997‏ وتلخصت آنذاك في رفع الظلم عن أهالي هذه المحافظات بعد حرب صيف‏1994,‏ لم تجد آذانا صاغية من السلطة السابقة‏,‏ فما كان إلا أن تحول كثيرون من أهل الجنوب اليمني إلي رفع مطلب الانفصال ردا علي ما يعتبرونه الاحتلال من قبل الشماليين للجنوبيين‏.‏
الأمر علي هذا النحو يطرح تحديا كبيرا علي الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي الذي يعد مطالبا علي الأقل من الناحية التاريخية بالحفاظ علي دولة الوحدة من جانب ورفع المظالم الكبري التي تعرض لها أهل الجنوب من جانب آخر‏.‏ وهي مهمة شاقة تتطلب حوارا حقيقيا وشفافا شاملا للخروج من عنق الزجاجة‏,‏ وإن حدث هذا الحوار الوطني ولم يقصي أحدا فقد يؤدي ذلك إلي إقناع المطالبين بالانفصال بأن هناك تغييرا حقيقيا حدث في البلاد‏,‏ وهو تغيير يبشر بالوحدة علي أسس جديدة سياسيا واجتماعيا وإنسانيا‏.‏
الحالة الليبية‏,‏ ونعني إعلان فيدرالية بنغازي كنوع من العودة التاريخية إلي ما كان عليه الوضع الليبي في الفترة من‏1951‏ إلي‏1963‏ التي قامت علي تجمع ثلاث فيدراليات بين أقاليم بني غازي وطرابلس وفزان في الجنوب‏,‏ تشكل نموذجا آخر مرتبط بالتهميش السياسي والاقتصادي‏,‏ فإقليم بني غازي الذي يحتوي علي‏90%‏ من ثروة ليبيا النفطية‏,‏ ويعد معقلا للسنوسية الإصلاحية‏,‏ يبدو فقيرا ومنزوع الفاعلية السياسية مقارنة بطرابلس التي تستقطب كل شئ وتستحوذ علي النسبة الأكبر من الثروة النفطية ومن جهود التنمية والتحضر والبنية الأساسية‏.‏ وهنا يأتي الشعور العام لأهالي بني غازي بأنهم مظلومون‏,‏ ويدعم من ذلك الأفكار السائدة حول إعادة بناء نظام سياسي جديد يقوم علي اختيار برلمان عبر الانتخابات ولكن يراعي في تشكيله نسبة السكان في كل منطقة‏,‏ الأمر الذي يجعل بني غازي أقل حظوة من طرابلس التي سوف تستقطب اكثر من‏50%‏ وحدها من أعضاء البرلمان المقترح نظرا لكثافة السكان فيها مقارنة بعدد السكان في بني غازي‏.‏ ولذا يبدو إعلان الفيدرالية وكأنه خطوة استباقية لمثل هذا القانون الذي بدوره يكرس التمايز بين المناطق المختلفة في ليبيا‏,‏ وهو تمايز يطمح كثير من الليبيين إلي إلغائه تماما‏,‏ وفي المقدمة منهم أهالي بنغازي‏.‏
وهكذا حين يجتمع الظلم التاريخي والتهميش الاقتصادي والحرمان السياسي يصبح نزوع الناس هو إلي ما يرونه حلولا جذرية عاصفة قد تعيد لهم حقوقهم المسلوبة‏,‏ وسعي إلي القطيعة الكبري مع الماضي حتي ولو انتهي الأمر إلي نسف الوحدة الإقليمية والترابط الاجتماعي للبلاد التي لم يروا منها سوي الدونية والتراجع وضياع الموارد‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.