سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 3-6-2025 مع بداية التعاملات    بعد هبوطه في 7 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الثلاثاء 3-6-2025    محافظ سوهاج يتفقد شارع «أسيوط- سوهاج» بعد الانتهاء من أعمال التطوير والتجميل    الإيجار القديم.. النائب أحمد السجيني يطالب بمكتسبات فورية للملاك بتسليم التجاري والمغلق    ترامب: لن نسمح لإيران بأي تخصيب لليورانيوم    من ماكرون إلى وزير خارجية إيران، سر تهافت الزعماء والمسؤولين على مطعم ومقهى نجيب محفوظ بالحسين (صور)    البيت الأبيض: اتصال محتمل بين الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني هذا الأسبوع    «مقدرش احتفل قدام الزمالك».. رسائل خاصة من مصطفى فتحي قبل نهائي كأس مصر    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    77 ألف طالب بالشهادة الإعدادية يؤدون اليوم امتحانات الهندسة والكمبيوتر في 239 لجنة    48 ساعة فارقة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس يوم عرفة وعيد الأضحى (تفاصيل)    لماذا فشل مقترح عقد امتحانات الثانوية العامة ب الجامعات؟.. التعليم تجيب    بالمساعد الذكي.. نتيجة صفوف النقل ل المرحلة الابتدائية ب الجيزة (البوابة الرسمية)    تامر حسني ونجله يتصدران التريند بعد تعرضهما ل وعكة صحية.. والجمهور يتفاعل    أحمد السقا يحتفل بتخرج ابنته نادية ويوجه لها رسالة (صورة)    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    أوربان: بروكسل قررت أن على أوكرانيا مواصلة النزاع    وزير المالية: برنامج جديد لدعم الصادرات ب45 مليار جنيه.. وزيادة 93% في المخصصات    موعد مباراة الترجي وفلامنجو في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    تعليم الوادي الجديد: 1400 طالب مستفيد يوميًا من المراجعات بالمساجد    لقطات من حفل زفاف سيد نيمار لاعب الزمالك    زلزال بقوة 6.6 على مقياس ريختر يضرب جزيرة رودس اليونانية    صرف 11 مليون جنيه منحة ل 7359 عامل في الوادي الجديد    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية بكوريا الجنوبية    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    مصطفى فتحي: يورتشيتش عوض غياب الجماهير.. وطريقة الحكام تغيرت معي بانضمامي لبيراميدز    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    عنايات صالح: برفض تقديم الأدوار الجريئة عشان والدي شيخ جامع    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العربية وجدلية الانقسام والتما سك نعم ولا
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 03 - 2012

ساعدت الثورات العربية علي ارتفاع التوقعات والطموحات‏,‏ ووفرت آليات جديدة للتحركات الشعبية لم تكن متاحة من قبل‏.‏يثير القرار الذي اتخذه وجهاء بني غازي الليبية بإقامة فيدرالية خاصة بالإقليم‏,‏
مع الاستمرار ضمن الكيان الليبي الأكبر‏,‏ الكثير من الاشكاليات بشأن مستقبل عملية التغيير وإعادة البناء في ليبيا‏,‏ كما أن تأثيراته لا تتوقف عند حد ليبيا وحسب‏,‏ بل أيضا تمتد إلي عدد آخر من الدول العربية‏.‏ الأمر نفسه موجود في الحالة اليمنية التي تشهد‏,‏ رغم غياب الرئيس صالح رسميا عن قمة السلطة بعد تطبيق المبادرة الخليجية المدعومة دوليا‏,‏ ارتفاع أصوات المطالبين باستعادة الكيان الذي كان قائما في الجنوب قبل إعلان دولة الوحدة الاندماجية في مايو‏.1990‏ وهي خطوة تعني العودة إلي التشطير الذي ساد أكثر من‏23‏ عاما‏,‏ وتسبب في ثلاث حروب بين الشطرين‏.‏
وفي مصر ما بعد الثورة‏,‏ وأثناء أزمة المنظمات الأجنبية المتهمة بتلقي أموال من الخارج دون الخضوع للقوانين والاجراءات المعمول بها‏,‏ وجدت خرائط لدي إحدي المنظمات الأمريكية العاملة بدون ترخيص رسمي تقسم مصر إلي اربعة كيانات‏,‏ وعلي كل كيان علامات معينة‏.‏ والوضع الراهن في سوريا الغارق في المواجهات العسكرية بين الجيش النظامي وجماعات معارضة مسلحة ينذر إن استمر الوضع دون أفق سياسي واضح بأن تتحول مناطق بعينها إلي أقاليم معزولة قد تتحول لاحقا إلي بؤرة تقسيم خطيرة‏.‏ ومن قبل كل ذلك شهدنا خروج جزء عزيز من الوطن السوداني الكبير‏,‏ والذي أصبح دولة مستقلة في الجنوب‏,‏ وفي الآن نفسه ترتفع دعوات بالانفصال في دارفور وفي الشرق علي السواء‏.‏
إنها محنة إذا أن تتعرض عدة دول عربية كبري إلي اختبار التقسيم الجغرافي والسكاني بعد أن ظلت لفترة طويلة من الزمن كيانا واحدا‏.‏ وبعد أن كان الحديث كما في الزمن القومي الراحل عن وحدة عربية شاملة من المحيط إلي الخليج‏,‏ صار الحديث الآن هو عن سبل الحفاظ علي الواقع الجغرافي السياسي الراهن ومنعه من التشرذم والتفتت‏.‏ وبالطبع فإن المفارقة الأكبر هنا هي إن هذا التطور يحدث في ظل تطور نوعي كبير هو الثورات والانتفاضات الشعبية التي أطاحت بنظم فاسدة ومستبدة‏,‏ ولكنها ما زالت في رحلة البحث عن نظام جديد يجسد طموحات وتطلعات الشعوب الثائرة من اجل الحرية والكرامة والمواطنة‏.‏
وكأي حدث كبير ثمة أسباب أكبر‏.‏ أهم هذه الأسباب هو عجز النظم السياسية البائدة عن أن توفر الحد الأدني من عناصر التكامل الوطني والاجتماعي‏,‏ الأمر الذي سمح بتسرب التهميش المنهجي سياسيا واقتصاديا لفئات ومناطق بأسرها لصالح مناطق وفئات اجتماعية أخري في الدولة ذاتها‏.‏ ولذا تبرز دائما دعوات العودة للوراء وكأنها هي المخرج الوحيد للوضع المتردي القائم‏.‏ وقد ساعدت الثورات العربية علي ارتفاع التوقعات والطموحات‏,‏ ووفرت آليات جديدة للتحركات الشعبية لم تكن متاحة من قبل‏.‏
والحالتان البارزتان هنا هما اليمن وليبيا‏.‏ فالدعوة التي انطلقت في المحافظات الجنوبية في اليمن منذ‏1997‏ وتلخصت آنذاك في رفع الظلم عن أهالي هذه المحافظات بعد حرب صيف‏1994,‏ لم تجد آذانا صاغية من السلطة السابقة‏,‏ فما كان إلا أن تحول كثيرون من أهل الجنوب اليمني إلي رفع مطلب الانفصال ردا علي ما يعتبرونه الاحتلال من قبل الشماليين للجنوبيين‏.‏
الأمر علي هذا النحو يطرح تحديا كبيرا علي الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي الذي يعد مطالبا علي الأقل من الناحية التاريخية بالحفاظ علي دولة الوحدة من جانب ورفع المظالم الكبري التي تعرض لها أهل الجنوب من جانب آخر‏.‏ وهي مهمة شاقة تتطلب حوارا حقيقيا وشفافا شاملا للخروج من عنق الزجاجة‏,‏ وإن حدث هذا الحوار الوطني ولم يقصي أحدا فقد يؤدي ذلك إلي إقناع المطالبين بالانفصال بأن هناك تغييرا حقيقيا حدث في البلاد‏,‏ وهو تغيير يبشر بالوحدة علي أسس جديدة سياسيا واجتماعيا وإنسانيا‏.‏
الحالة الليبية‏,‏ ونعني إعلان فيدرالية بنغازي كنوع من العودة التاريخية إلي ما كان عليه الوضع الليبي في الفترة من‏1951‏ إلي‏1963‏ التي قامت علي تجمع ثلاث فيدراليات بين أقاليم بني غازي وطرابلس وفزان في الجنوب‏,‏ تشكل نموذجا آخر مرتبط بالتهميش السياسي والاقتصادي‏,‏ فإقليم بني غازي الذي يحتوي علي‏90%‏ من ثروة ليبيا النفطية‏,‏ ويعد معقلا للسنوسية الإصلاحية‏,‏ يبدو فقيرا ومنزوع الفاعلية السياسية مقارنة بطرابلس التي تستقطب كل شئ وتستحوذ علي النسبة الأكبر من الثروة النفطية ومن جهود التنمية والتحضر والبنية الأساسية‏.‏ وهنا يأتي الشعور العام لأهالي بني غازي بأنهم مظلومون‏,‏ ويدعم من ذلك الأفكار السائدة حول إعادة بناء نظام سياسي جديد يقوم علي اختيار برلمان عبر الانتخابات ولكن يراعي في تشكيله نسبة السكان في كل منطقة‏,‏ الأمر الذي يجعل بني غازي أقل حظوة من طرابلس التي سوف تستقطب اكثر من‏50%‏ وحدها من أعضاء البرلمان المقترح نظرا لكثافة السكان فيها مقارنة بعدد السكان في بني غازي‏.‏ ولذا يبدو إعلان الفيدرالية وكأنه خطوة استباقية لمثل هذا القانون الذي بدوره يكرس التمايز بين المناطق المختلفة في ليبيا‏,‏ وهو تمايز يطمح كثير من الليبيين إلي إلغائه تماما‏,‏ وفي المقدمة منهم أهالي بنغازي‏.‏
وهكذا حين يجتمع الظلم التاريخي والتهميش الاقتصادي والحرمان السياسي يصبح نزوع الناس هو إلي ما يرونه حلولا جذرية عاصفة قد تعيد لهم حقوقهم المسلوبة‏,‏ وسعي إلي القطيعة الكبري مع الماضي حتي ولو انتهي الأمر إلي نسف الوحدة الإقليمية والترابط الاجتماعي للبلاد التي لم يروا منها سوي الدونية والتراجع وضياع الموارد‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.