ينبع حق التظاهر والاعتصام من الحق الأساسي للإنسان في التعبير عن رأيه بشتي الصور والأشكال السلمية, وبشرط ألا تنتقص من حقوق الآخرين, هذا الحق الأساسي هو حق أو حرية التعبير عن الرأي. المنصوص عليها في جميع الدساتير المصرية ودساتير العالم المتقدم, والمقرر أيضا بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أصدرته هيئة الأممالمتحدة سنة8491, واتفاقيات جنيف الأربع للحريات العامة والتي أقرتها الدول كافة. ولكن هذا الحق ليس مطلقا يحده قيد أساسي عام ينطبق أيضا علي جميع حقوق الإنسان, وهو أن حقك أو حريتك تقف عند الحد الذي تصطدم فيه بحقوق الآخرين وحرياتهم.. فإذا كان من حقك أن ترفع صوت الراديو أو التليفزيون في بيتك, فإن هذا الصوت يجب ألا يتجاوز جدار شقتك ويؤذي جيرانك ويتلف أعصابهم ويمنعهم من أداء أعمالهم, ومنهم المريض الذي يحتاج الي الراحة, والطالب الذي يريد استذكار دروسه, وجارك العائد من عمله مرهقا ينشد الراحة والاسترخاء.. كل هؤلاء وغيرهم لهم حقوق يجب مراعاتها وإلا تحول حقك المشروع الي اعتداء علي حريات الآخرين مما يؤدي الي حدوث مشكلات واحتكاكات وصدامات وربما الي اضرار خطيرة تهدد كيان المجتمع. ويمكن القول ببساطة ووضوح, ان الحق والواجب وجهان لعملة واحدة, ولا يمكن ممارسة الحق واستعمال العملة الواحدة بدون الالتزام بالواجب, فليس هناك حق مطلق, وإلا تحول المجتمع الي فوضي, وانهارت سيادة القانون وانتصرت شريعة الغاب وأصبح الحكم للأقوي والأعلي صوتا, وضاعت حقوق الضعفاء والمسالمين. واذا انتقلنا من التعميم الي التخصيص, فإن المظاهرات المستمرة والفئوية التي تلت ثورة يناير1102 وكذلك الاعتصامات وسكني الشوارع والميادين الرئيسية يمكن اباحتها في حدود القيود والواجبات التي أوضحناها بعاليه, ويضاف اليها وقبلها أيضا مراعاة المصلحة العليا للبلاد والتي تعلو فوق كل المصالح الحزبية والفئوية والشخصية, فالمظاهرات يجب أن تتم بشكل سلمي كامل وإلا تتضمن أي ضغط أو تهديد, لأن المظاهرات إنما تعبر عن مطالب ورغبات أو أزمات يريد المتظاهرون حلها, ويبغون توصيلها للمسئولين.. ولذلك يجب علي المتظاهرين عد إبلاغ هذه الطلبات أن ينفضوا فورا ويعودوا الي بيوتهم وأعمالهم وحبذا لو شرحوها في مذكرة لتسهيل دراستها واجابتها, خاصة أن مصر من أعرق دول العالم حضارة ومدنية. ولكي لا نشوه الوجه الجميل للثورة ونحطم كيانها, والعالم كله ينظر إلينا ويتعلم منا.. وأيضا لكي لا نعطل الطرقات ونسمح للمواطنين بالتحرك وممارسة أعمالهم في أمان.. ولكي لا نخيف السياح والمستثمرين, والأمر كذلك وبنفس القيود علي الاعتصامات غير المبررة التي تشوه وجه مصر وتكاد تضربنا في مقتل.. فللأسف المرير فإن هذه الأحداث وما ينتج عنها من تجاوزات وصدامات أدت الي انهيار عجلة الاقتصاد وهروب المستثمرين والسياح, مما جعلنا في أزمة اقتصادية خطيرة وعجز في الموازنة العامة للدولة لم يحدث من قبل. أما إشعال الحرائق وقطع الطرق والسكك الحديدية والاعتداء علي الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة, لاسيما تاريخنا وكنوزنا العلمية( المجمع العلمي), ومهاجمة السلطات ورجال الأمن الساهرين علي أمننا وراحتنا, والذين يضحون بأرواحهم من أجلنا, فإن هذه الأفعال تشكل جرائم خطيرة تستوجب أقصي أنواع العقاب وبسرعة شديدة لوقف هذا المسلسل التخريبي المدمر. [email protected]