لا يمكن وصف جلسة مجلس الشعب الطارئة أمس سوي أنها تاريخية, حيث لم يسبق للبرلمان المصري أن يتخذ رئيسه قرارا بعقد جلسة طارئة منذ40 عاما إلا يوم أمس, وسيطرت حالة من الغضب الشديد واليأس علي وجوه جميع النواب في هذه الجلسة التي فتح فيها البرلمان مجزرة بورسعيد, وامتد هذا الغضب والحزن إلي رئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري وعدد من الوزراء الذين طلب الدكتور سعد الكتاتني رئيس المجلس حضورهم لهذه الجلسة. وبدا علي وجه اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية حالة حزن شديدة وكان في قمة الشعور باليأس وهو يستمع إلي أكبر حملة من الهجوم البرلماني عليه خاصة بعد توجيه الاتهام له من الدكتور عصام العريان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس, وأكثر من143 نائبا, وقرر المجلس إحالة هذا الطلب إلي اللجان المتخصصة لدراسته. ومثل الدكتور كمال الجنزوري أمام البرلمان دون أي ورقة مكتوبة معه وقدم عزاءه لشعب مصر كله, وأعلن قرارات فورية بقبول استقالة محافظ بورسعيد وايقاف مدير أمن ومدير مباحث بورسعيد عن العمل وإحالة كل منهما إلي التحقيق فورا, وإقالة سمير زاهر رئيس اتحاد كرة القدم, وحل الاتحاد وإحالتهم جميعا إلي التحقيق. وقال الجنزوري: لقد حاولت أن أستجمع قوتي ورغم ذلك لم أتمكن من جمع كلمات أقولها والقول إنني حزين أو مختنق لا يكفي, مشيرا إلي أن احدي القنوات القضائية قالت أين رئيس الحكومة؟ وأقول لهم ها هو رئيس الحكومة لم يخلع ملابسه منذ أمس وكان عليه أن يتصل بكل مؤسسات الدولة بدءا من المجلس الأعلي للقوات المسلحة حتي أضمن أن يعود كل مواطن سليم إلي القاهرة وتأمين القطار الذي أقل الجماهير من بورسعيد للقاهرة حتي الثانية من فجر أمس. وأضاف: ها هو رئيس الحكومة الذي يسعي إلي تحقيق الأمن في الشارع, وأقول نحن في حاجة إلي وقفة واتخاذ القرارات ولنبحث كيف وقعت أحداث اسنا والضبعة وغيرها, ألا تدعونا الثورة التي فرحنا بها جميعا إلي التكاتف لتسير الثورة وكيف لنا أن تحقق العدالة الاجتماعية والانتاج متوقف. وأكد الجنزوري ان التحقيقات سوف تكشف خلال أيام الحقائق كاملة أمام الشعب. وقال انا مسئول ومستعد تماما ان اقابل أي واحد وأي جهاز ليحاسبني وأعلم انني مسئول سياسي, ولذلك بقيت دون أن أخلع ملابسي منذ الحادث وحتي الآن من أجل هذا الشعب. واستطرد: سبق وخرجت من الحكومة وأنا محبوب من الشعب كله أي مكسب لي أن أعود ولماذا أعود؟! أنا أعلم أن الوضع في أشد السوء وقد قبلت المسئولية, ويقال إن هذا الرجل مسئول فهل أنا الذي أخل بالأمن و الإعلام.. أي مسئولية لرجل جاء في هذا العمر ليحمي هذا الوطن؟ ومن جانبه قال الدكتور سعد الكتاتني رئيس البرلمان: لقد قضت مصر ليلة عصيبة نام العالم فيها وباتت مصر تبكي قتلاها وتداوي جرحاها ليلة حزينة فجرت لدي الشعب الحزن والأسي واستعادت الأيام الأولي للثورة. وقال إن هذه المجزرة التي وقعت في ستاد بورسعيد عقب مباراة نادي الأهلي والمصري وراح ضحيتها أكثر من70 قتيلا ومئات المصابين يقف وراءها إهمال أمني جسيم وغياب التنظيم المنضبط خاصة أن هناك تحذيرات انطلقت قبل المباراة وكان هناك تخوفات من المواطنين تم بثها في مواقع متعددة. وأكد الكتاتني أن جهاز الأمن لم يقم بواجبه قائلا: إن ما مرت به مصر في هذه الليلة ليس حادثا عاديا وعلينا نحن نواب الأمة ان نقرأها في إطارها العام في إطار المرحلة التاريخية والثورة في خطر وأنتم قد نتخبكم الشعب لتكونوا الحرس الأمين لثورتنا العظيمة. وأضاف ان مجلس الشعب لم يسبق له أن عقد جلسات طارئة منذ أكثر من40 عاما ودعا المجلس إلي الوقوف وقراءة الفاتحة علي أرواح الشهداء.