محمد علي خير: الأجور في مصر تحتاج إلى ثورة.. لا يمكن فتح بيت بأقل من 15 ألف جنيه    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    استشهاد طفل برصاص الاحتلال فى السيلة الحارثية غرب جنين    إحالة ربة منزل للمحاكمة بتهمة تعذيب وقتل طفليها بالعمرانية    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    وزير الخارجية الأمريكي روبيو يحذر رواندا من إجراءات بسبب الكونغو    مصدر أمني ينفي ادعاءات إخواني هارب بوجود دعوات لتجمعات بالمحافظات    في دورته الثالثة.. محافظ المنيا يشهد ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح    نائبة بالأقصر تزور مصابي حادث انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    حفاظًا على صحة الأم والطفل.. الصحة تدعو للمباعدة «بين كل مولود وآخر»    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    خطب قبلها 3 مرات والأخيرة طردته يوم كتب الكتاب، تفاصيل صادمة في مقتل «عروس المنوفية»    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    الصحة: لقاح الإنفلونزا يقلل الإصابة بنسبة 60% ويخفف شدة الأعراض    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    أوروبا.. تعاون مشروط وتحمل مسئولية الحماية    خارجية كوبا تتهم لجنة نوبل بازدواجية المعايير    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    رئيس هيئة المتحف الكبير بعد تسرب مياه الأمطار للبهو العظيم: تمثال رمسيس فقط الموجود في المنطقة المفتوحة    توروب: الشناوي وشوبير؟ لست هنا لأصنف الحراس.. وهذا موقفي من عبد الكريم وديانج    د.محمود مسلم عن استقبال السيسي لنتنياهو في القاهرة: مستحيل.. ومصر لن تقبل أي شيء على حساب الفلسطينيين    نائب وزير الصحة: نسبة الإصابات بكورونا لا تتجاوز ال 2% والإنفلونزا الأعلى 60%    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    مصرع شاب تناول حبه غله سامة لمرورة بضائقة ماليه في العدوة بالمنيا    محامي عروس المنوفية: إحالة القضية للجنايات.. ووصف الجريمة قتل مقترن بالإجهاض    وزراء رحلوا وسيرتهم العطرة تسبقهم    خلال ساعات نتيجة كلية الشرطة 2025    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    إسلام عيسى: على ماهر أفضل من حلمى طولان ولو كان مدربا للمنتخب لتغيرت النتائج    أخبار مصر اليوم: الاحتياطي الاستراتيجي من زيت الطعام يكفي 5.6 أشهر، بدء الصمت الانتخابي في 55 دائرة بجولة إعادة المرحلة الثانية من انتخابات النواب غدا، الصحة تكشف حقيقة انتشار متحور جديد    رئيس أريتريا يزور ميناء جدة الإسلامي ويطّلع على أحدث التقنيات والخدمات التشغيلية    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    خالد لطيف ل ستوديو إكسترا: الكل مسئول عن تراجع الكرة المصرية    تراجع حاد في صادرات النفط الفنزويلية بعد مصادرة الناقلة والعقوبات الأمريكية    أخبار 24 ساعة.. موعد صرف معاشات تكافل وكرامة عن شهر ديسمبر    العثور على جثمان تاجر مواشي داخل سيارته بالشرقية    المصل واللقاح: الإنفلونزا هذا الموسم أكثر شراسة    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    محافظ المنيا يتابع مشروعات رصف الطرق ورفع كفاءة الشوارع    وزير العمل: الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي يعيدان تشكيل خريطة الوظائف في مصر    الداخلية تعلن نتيجة القبول بكلية الشرطة غدًا    "الإسكان" تناقش استراتيجية التنقل النشط بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية    شعبة الدواجن: المنتجون يتعرضون لخسائر فادحة بسبب البيع بأقل من التكلفة    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    الليجا على نار.. برشلونة يواجه أوساسونا في مواجهة حاسمة اليوم    بيراميدز أمام اختبار برازيلي ناري في كأس القارات للأندية.. تفاصيل المواجهة المرتقبة    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية نقدية‏:‏الحصار الاجتماعي وكبوة الرومانسية في المواسم الخمسة

المواسم الخمسة هي المجموعة القصصية الأولي للقاص مبارك أحمد محمود‏,‏ الصادرة عن مطبوعات أمسية‏2011‏ وهي تحوي سبعة عشر نصا قصصيا‏,‏ منها أحد عشر نصا يضم عددا من المقاطع المنفصلة المتصلة‏,‏ بما سبقها من صور وأحداث ومواقف‏.‏
ولأنه ليس مقطوع الصلة بالشعر‏,‏ فالأديب مبارك أحمد محمود صاحب وعي لغوي متفرد‏,‏ يشبه لغة القصيدة الشعرية التي تعتمد كثيرا علي نبض الكاتب وخبراته ورؤاه الشخصية‏,‏ فتتميز قصصه بالايجاز والتركيز في بنيتها الفنية‏,‏ وفي جوهرها رصدا انسانيا رحبا‏,‏ وهي مداهمة من الكاتب للميراث الاجتماعي للواقع‏,‏ فهناك العجز‏,‏ ومعاناة الفرد وانهيار الإرادات وتفسخ العلاقات وسقوط الكيانات الانسانية المهزومة بوحشية الواقع‏,‏ وكلها تأتي في مشاهد وصور‏,‏ أو بورتوريهات صارمة أحيانا ومنفرجة أحيانا أخري‏.‏ ودخل إلي منزله صامتا‏..‏ واستقبلته زوجته صامتة‏,‏ أزاح عن كتفه حقيبة سفره‏,‏ وألقي نظرة علي أبنائه النيام بصمت استلقي علي فراشه ثم التفت إلي زوجته قائلا بحسرة‏:‏ لن أفكر في السفر‏!!‏ المهم أنك عدت سالما ورفعت الزوجة كفها لتمسح دمعة كبيرة في الظلام‏.‏ورغم صغر الأقاصيص‏,‏ نشهد جرأة تنوعها ما بين الحركة النابضة بالأخيلة الساخرة‏,‏ أو النابضة بعمق التفاصيل‏,‏ مع توحد سمة الانكسار لشخوص القصص واجترار الألم والحسرة‏.‏
كنت أسير متجها إلي عملي صباحا‏,‏ فوجدت أذني تشارك عيني في هذا المشهد العجيب‏.‏
كان الرجل وابنه في حوار‏,‏ الرجل يمتطي الدابة وابنه خلفه الابن‏:‏ هات سيجارة الأب‏:‏ ليس معي سجاير يا ولدي‏,‏ فجأة قذف الابن نفسه من علي الدابة‏,‏ وألقي المنجل في الأرض وتمتم‏:‏ لما تجيب سجاير‏,‏ أروح معاك‏..‏
كما نلحظ في رؤيتنا لقصص الكاتب مبارك أحمد محمود‏,‏ أنها لا تكشف مضمونها مباشرة‏,‏ إلا بعد إسدال ستار النهاية كاملا‏.‏
قال لأمه وهو ينزع فمه من ثديها‏:‏ لماذا لا أجد حليبا لأروي ظمئي؟ نظرت إليه صامتة‏:‏ ابتسمت بحزن‏..‏ مسحت علي شعره‏..‏ وقالت بحنان‏:‏ لا تتكلم الآن يا صغيري فأنت لم تبلغ العام الأول من عمرك وأخاف عليك من هموم نشرة الأخبار‏..‏ وجنون الأسعار‏.‏
ولأن الكاتب مغرم بمتابعة الحدث ومراحل تطوره‏,‏ في إطار تسلسلي‏,‏ فإن الشعرية جعلت سياق قصصه تأتي غالبا بصيغة المتكلم أوالراوي العليم‏,‏ وفقا لتطور الأحداث والمواقف‏,‏ عازفا سيمفونية الخلاص من عنفوان الأحزان وصخبها‏,‏ فهو ككاتب لقصيدة النثر‏,‏ بوصفها شكلا من أشكال التعبير الشعري‏,‏ فإن نصوصه القصصية كذلك‏,‏ تستجلي تجربته الذاتية في نقل النهج الرمزي وجملة الأحاسيس الذاتية‏,‏ وتحويلها إلي مؤثرات نصية متدفقة‏,‏ لذا نجد صدي تجاربه الانسانية في القصة‏,‏ يسبح في فضاء المجتمع والتفاعل معه‏,‏ كما كان قادرا من قبل علي انجاز
قصيدة لومضة فهو بارع أيضا في بسط رؤاه الوامضة في نسيجه القصصي‏.‏
وقالت حتي لو عدت إليك من الجنة‏,‏ أنت لا تصدقني‏!!‏ ومع هذا سأظل أصارحك ولوكرهت‏..‏ ولو رحلت‏..‏ ولو انتهيت‏..‏ لأني اهتم بوجودك العظيم في قلبي‏!.‏
لقد قدمت قصص المجموعة عددا من الصور والمشاهد والأحداث‏,‏ المرتبطة عضويا وفنيا بنتائج ومواقف موحدة‏,‏ نعم هي مواسم السماء الأربعة المتقلبة من صيف ساخن إلي شتاء بارد‏,‏ لتصل بنا إلي ربيع مزهر أو خريف جاف‏,‏ لكن الكاتب أضاف موسما جديدا يظللنا جميعا هو الحزن‏,‏ وهو الوجه الخامس للحياة‏,‏ الذي يصافحنا ويكابدنا من الصحو إلي المنام‏,‏ ويلبد سماء شخوص الكاتب وأبطال قصصه وهو ما بدا جليا من إهداء الكاتب إلي جمهور قرائه‏,‏ والذي عنونه إلي تلك اللحظة التي قد تأتي يوما‏,‏ لتغسلني من أحزاني‏,‏ إلي أهلي وأبناء قريتي الصبريات أهدي هذه القصص‏,‏ ورغم رغبة الكاتب الجامحة مع بعض شخوصه‏,‏ في تخطي المحن وتمني التخلص من تلك الأحزان‏,‏ بل وخلعها ولو بجرة قلم‏,‏ أو لطمها حتي بحفنة تراب‏,‏ فإن الواقع لايزال قاسيا بلون التراب أيضا‏.‏ من لي بحفنة تراب واحدة من أرض مولدي‏,‏ يخيل إلي أن رؤيتها كافية لجلاء الهموم التي تسكن صدري‏.‏هذه القصص الإيقاعية السريعة ببنيتها المضغوطة‏,‏ للأديب مبارك أحمد محمود‏,‏ ربما شكلت لوحات نابضة‏,‏ باتت مدخلا موحيا للإطاحة بالأحزان المعربدة في ثنايا النفس‏,‏ وظلت سندا مؤيدا لاتجاه الكاتب الواقعي‏,‏ المعتمد علي الرؤي الرمزية والقدرات الشخصية‏,‏ في قراءة صادقة أو صادمة لمفردات المجتمع‏,‏ بأسلوب أقرب إلي التصوير منه إلي الرصد‏,‏ فارتكنت الكتابة إلي مجابهة الحياة بصرامتها‏,‏وفضح أحزاننا أو ومسحها بالفضفضة الذاتية‏.‏
فتحي أبوالمجد
ناقد وأديب


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.