يكتمل تشكيل مجلس الشعب بإجراء جولة الإعادة للمرحلة الثالثة في ختام تجربة ديمقراطية ناجحة بكل المقاييس علينا أن نعتز ونفتخر بها. محطة الوصول لأول انتخابات حقيقية تجري بعد الثورة تمثل علامة مضيئة سوف يتوقف أمامها التاريخ طويلا بالنظر لما شهدته من تفاصيل دفعت العالم إلي الإشادة بها دون تحفظ, وجعل منها نموذجا يتفوق علي ما يجري في بعض الدول العظمي والمتقدمة. والبطولة المطلقة في هذا الانجاز هي للشعب المصري الذي أثبت قدرته علي تقديم صورة حضارية راقية تحاكي أقدم المجتمعات الديمقراطية عندما تدفقت الملايين خلال المراحل الثلاث, ومنذ الصباح الباكر إلي اللجان, وظلت لساعات طويلة تنتظر الإدلاء بصوتها داخل صناديق الاقتراع. ولعل اللقطات والمشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام في الداخل والخارج تظهر اصرار هذا الشعب علي استكمال اللوحة الرائعة التي رسمها في ميدان التحرير علي يناير الماضي, ليؤكد أنه يعرف طريقه جيدا وأن الأولوية القصوي ستظل لبناء المؤسسات الدستورية القادرة علي تحديد ملامح الدولة المدنية المنشودة. والثقة كاملة في أن تأتي جولة الإعادة علي نفس القدر من المسئولية التاريخية التي يتحملها الجميع, ليس فقط في القضاة الذين قاموا بعملهم بروح وطنية صادقة, وكذلك عملية التأمين الناجحة التي قامت بها القوات المسلحة وأجهزة الأمن, وإنما أيضا المواطن الذي لا يكتفي بالإدلاء بصوته وأداء واجبه الانتخابي ولكن بالمشاركة الايجابية في حماية العملية الانتخابية من أي محاولات تستهدف التشويه وإجهاض الحلم الذي طال انتظاره. ويقينا نقول إن هذه الانتخابات قد اكسبتنا المزيد من الثقة بالنفس, والقدرة في انجاز الانتخابات الرئاسية القادمة بدرجة عالية من الممارسة الديمقراطية الصحيحة. ويبقي أن نكرر ما نقوله دائما للبعض بأن عليهم إظهار واجب الاحترام والقبول للإرادة الشعبية مهما تكن التوجهات والتيارات السياسية الفائزة, والدرس الذي يجب أن يستوعبه الجميع أن الشعب يتابع ويرصد ويفرز كل ما يحدث حوله, ولن يقبل من أي طرف كان التشكيك في قدرته علي الاختيار الصحيح, وعلي الذين لم يحققوا الفوز الجماهيري ضرورة مراجعة أوراقهم ومواقفهم حتي يستعدوا للانتخابات البرلمانية القادمة, فالشعب يمنح الفرصة ولكنه لن يفوض أحدا مدي الحياة.. فقد تعلم من تجارب الماضي المريرة. [email protected]