التصريحات المتضاربة للمسئولين تثير ذعر الرأي العام, وتقلل من مصداقيتهم, وتزيد من مساحات الشك والثقة الضعيفة أصلا بين الطرفين, وتجعل من الصعب علي الناس معرفة الحقيقة. السبب في كل ذلك ما أثير قبل يومين وتواصل حتي الآن حول موضوع اللحوم المجمدة المستوردة وما إذا كان بها ديدان أو خلافه يجعلها غير صالحة للاستهلاك الآدمي. صحيح أن الفارق كبير بين لحوم فاسدة ولحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي, لأن الأخيرة تعني إمكان استخدامها في أغراض أخري مثل اللحوم المفرومة أو المصنعة أو كعلف للحيوانات, المهم أنها لا تقتل من يتناولها. لكن الفارق كبير أيضا بين لحوم صحية صحيحة, وأخري يمكن توصيفها بأنها درجة ثانية, تصلح لشعوب أقل مستوي اجتماعيا وصحيا, وللأسف ثقافيا, لأنها تقبل تناولها. واعتقادي أن ذلك هو محور الموضوع المتعلق بما أثير أخيرا, فاللحوم المستوردة المجمدة ليست فاسدة, ولا تقتل من يتناولها, ولا تصيبه بالأمراض, لكنها علي الأقل من المستوي الثاني أو الثالث, واذهب إلي أبعد من ذلك إذا شئت. لماذا نستورد لحوما مجمدة بهذا المستوي؟ الإجابة واضحة: لأنها الأرخص, ولأن الفجوة في احتياجاتنا تتزايد, وبالقطع لأن الإنتاج المحلي لا يكفي, وبناء عليه فإن الفقراء هم الذين يتناولون هذه اللحوم. دعونا نكون أكثر صراحة, المسئولون يقولون إن الديدان الموجودة طبيعية وتموت مع الطهي, وآخرون قالوا: إنها طفيليات ناجمة عن التجميد, ويبدو الفارق بين الاثنين مجرد في التبرير وليس في المضمون. أتذكر في منتصف التسعينيات كانت قصة لحوم البريسكت والفلانك, وهي لحوم مستوردة تدخل في تصنيع اللحوم, وتم بيعها في الأسواق علي أنها لحوم مستوردة, واعترفت الحكومة بذلك وأحالت عددا من المستوردين إلي المحاكمة, وكذلك بعض التجار الذين باعوها في الأسواق. نعم هناك فارق إلي حد ما بين الواقعتين, لكن المؤكد أن الرابط الأساسي بينهما هو لحوم مجمدة مستوردة لا تناسب صحة المصريين, ولا تتناسب مع ما يجب علينا تناوله. أحسن حاجة نمتنع عن اللحوم, فرصة خصوص بعد ارتفاع أسعارها. [email protected]