أحداث مؤسفة وأليمة.. أحداث تجعل الحليم حيرانا.. من هو المخطئ ومن هو المصيب؟ هل هي أيد خفية تعبث بالوطن؟ هل هي عناصر مأجورة من فلول النظام؟ هل هم مجموعة من الثوار تريد فرض رأيها بقوة الاعتصام وليس بقوة صندوق الانتخاب؟. لماذا تدخلت القوات المسلحة بهذا الشكل المباشر لأول مرة منذ ثورة يناير ولماذا لم تتدخل الشرطة أولا؟ لماذا استقال بعض أعضاء المجلس الاستشاري؟ أين الإسلاميون من كل هذا ؟ هل هم مشغولون بالانتخابات تطلعا إلي النصر والحكم بعد طول تهميش؟ ما هي الإجابة وماذا يحدث؟ من هو المخطئ في كل هذا وهل الخطأ وليد اللحظة أم منذ بدء الفترة الانتقالية؟ الخطأ في رأيي هو الفرقة والانقسام وعدم احترام كل طرف للآخر والإصرار علي هذا السلوك مرة بعد الأخري منذ بداية الفترة الانتقالية وحتي هذه الأزمة؟ فبمجرد سقوط النظام ظن الجميع ان النصر قد أتي, وظن البعض ان الطريق بات ممهدا للوصول لسدة الحكم وبدأت الخلافات مع بدء الفترة الانتقالية وأراد كل فرد أن يثبت للآخر انه الأغلبية فعمل علي تشويهه وإزاحته لقد نسي الجميع اننا كلنا في هذا الوطن شركاء وأن الأغلبية والمعارضة يتعاونون معا في إدارة الوطن ودفعه للأمام وأن من يجلس ضمن الأغلبية اليوم سوف يكون في المعارضة غدا. لقد سارع بعض السياسيين الذين اطلقوا علي أنفسهم أو تم تصنيفهم علي أنهم ليبراليون بعرض آرائهم الجريئة, مما أثار قلق الملتزمين حتي وإن لم يكونوا يوما منتمين للتيار الإسلامي من ان يتولي أمر مصر الإسلامية هؤلاء العلمانيون دعاة الدولة المدنية, وفي الوقت نفسه سارع التيار الإسلامي بالظهور, وأخذ يعرض هو الآخر آراءه, مما أثار قلق المسيحيين والمثقفين الذين يخشون ضياع الحريات باسم الدين ويخشون ان يحكم مصر هؤلاء المتطرفون دعاة الدولة الدينية وكان شباب الثورة والذي لا يجيد بعضه للأسف التعامل مع الجماهير مندفعا بدرجة شديدة أثارت حفيظة الأكبر سنا وفي النهاية كانت الفتن الواحدة تلو الأخري بين الأخوة المتحالفين سابقا في موقعة الجمل. لقد كانت أول فتنة كبري بين المتحالفين سابقا هي الاستفتاء علي التعديلات الدستورية أو غزوة الصناديق حيث تم خلط النقاط بعضها ببعض مما دفع الكثير إلي الإدلاء بنعم ظنا منهم أنهم بهذا يدافعون عن الشريعة الإسلامية فكان الانقسام الأول وظهور التيارين الإسلامي والليبرالي ثم الفتنة الثانية وهي الانتخابات الحالية والتي أدت لمزيد من الانقسام, فالاسلاميون أصبحوا فريقين هما إخوان وسلفيون والليبراليون أصبحوا عدة فرق الكتلة والأحزاب القديمة وغيرها, والشئ المثير للسخرية كما يقول البعض هو تسرب بعض الفلول للفريقين. لقد وقع الجميع في فخ الاختلاف ونسي الكل أن الهدف الأساسي في هذه المرحلة هو القضاء علي النظام الديكتاتوري وأن مجلس الشعب القادم ليس عليه ان يضع الدستور نفسه وليس عليه ان يحكم علي الإطلاق بل مهمته الأساسية هي اختيار لجنة لوضع الدستور وأن هذه اللجنة سوف يتم الاستفتاء عليها من الشعب, وهذه اللجنة يجب أن تضم كل ممثلي الشعب بفئاته وطبقاته المختلفة حتي يتوافق الجميع علي دستور يدفع مصر للأمام في عصر العلم والثورة التكنولوجية. وللخروج من هذا الموقف لنا في التاريخ عبرة يقول الأستاذ بهاء طاهر في كتابه أبناء رفاعة: إن الثورة العرابية التي حاربت استبداد الخديوي والتي نتج عنها أول برلمان مصري عام1882 وأول دستور هنأ به المصريون بعضهم البعض نجحت في جمع كل طوائف الشعب علي كلمة واحدة بسبب نجاح النخبة امثال الشيخ محمد عبده وعبدالله النديم والبارودي في إيصال مفاهيم الحرية والتقدم, والعدل, والمواطنة إلي وجدان الجماهير, وإبرازها علي أنها استئناف لقيم منسية في التراث الإسلامي الذي يؤصل لأبعد آماد الحرية يقول الشيخ محمد عبده عن الحزب الوطني الذي ساهم في انشائه في تلك الفترة إنه حزب سياسي..( غير طائفي) مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب وجميع النصاري واليهود, وكل من يحرس أرض مصر, ويتكلم لغتها منضما اليه, لأنه لا ينظر إلي اختلاف المعتقدات, ويعلم ان الجميع إخوان وأن حقوقهم في السياسة والشرائع متساوية, وهذا مسلم به عند أخص مشايخ الأزهر, الذين يعضدون هذا الحزب, ويعتقدون أن الشريعة الإسلامية الحقة تنهي عن البغضاء وتعتبر الناس في المعاملة سواء فاللهم أوجد فينا رجالا مجددين مثل هؤلاء يلتف الناس جميعا حولهم, ونجنا ممن أراد نفعا شخصيا أو أراد شرا لبلدنا مصر.