وزير التعليم العالي يتفقد المدينة الطبية الجامعية بجامعة كفر الشيخ    «المشاط» تناقش مع وفود الدول مخرجات اجتماعات وزراء التنمية بمجموعة العشرين    محافظ البحيرة: 8 سيارات لتوفير المياه في المناطق المتضررة بكفر الدوار    الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يؤكدان ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة    خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا    تطورات الوضع في غزة يتصدر مباحثات السيسي وماكرون    الاتحاد الأوروبي: نعول على لقاء ترامب في نزع فتيل الحرب التجارية مع واشنطن    الزمالك يمنح لاعبيه راحة من التدريبات في ختام معسكره    تشكيل بيراميدز في مواجهة قاسم باشا    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    "كوكا" قريب من الانضمام إلى الدوري السعودي    وزير التربية والتعليم يكرم أوائل الثانوية العامة ويشيد بتفوقهم وتميزهم    الله يكون معك يا عظيمة.. أصالة تواسي فيروز في رحيل زياد الرحباني    سميرة عبد العزيز خلال تكريمها في المهرجان القومي للمسرح: الفن كان ولا يزال حياتي.. وكل مخرج كان محطة في رصيدي    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    تايلاند: تمكنا من ردع قوات كمبودية في أربع مناطق وتم إجلاء 4000 شخص من سا كايو    لن توقف المجاعة.. مفوض «الأونروا» ينتقد إسقاط المساعدات جوا في غزة    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    حزب الجبهة الوطنية يختتم دعايته ب8 مؤتمرات جماهيرية قبل الصمت الانتخابي    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    "الزراعة" تعلن التوصيات النهائية لورشة العمل تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    لاعب الزمالك على أعتاب الانتقال لفاركو    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    الضرائب: إلزام فئات جديدة بإصدار إيصالات إلكترونية في هذا الموعد    كمال أبوعيطة: إسرائيل العدو الأول للعرب ولا نستطيع مواجهتها بدون اقتصاد وطني    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    بسبب 19 تذكرة.. دور العرض ترفع فيلم في عز الضهر من شاشاتها    رامى عاشور: مصر تعطل أهداف الإبادة فى غزة وتحافظ على بقاء النبض الفلسطينى    الإفتاء ترد على الجدل الدائر: لا خلاف بين العلماء على تحريم الحشيش    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    توقيع الكشف الطبي على 392 مواطناً بقافلة جامعة المنصورة بالشيخ زويد    الصحة: مصر تستعرض تجربتها الرائدة في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين»    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثوار حقيقيون وثوار مزيفون
نشر في الأهرام المسائي يوم 21 - 12 - 2011

لست من الذين يحبذون التعليق المباشر علي تصريحات او مقابلات لرموز فكرية أو سياسية‏,‏ ولكني هذه المرة سأتجاوز عن هذه القاعدة‏
فالحديث الذي أدلي به د‏.‏ أحمد زويل‏,‏ الحائز علي جائزة نوبل للعلوم في أحد البرامج التليفزيونية معلقا فيه علي الاحداث الجسام التي شهدتها مصر مطلع الاسبوع الجاري‏,‏ يستحق وقفة تأمل‏,‏ وقبل ذلك يستحق كلمة تقدير كبيرة‏.‏
فالرجل‏,‏ وباعتباره عالما يقدر قيمة العلم وقيمة التراث المعرفي وقيمة البحث المنهجي‏,‏ دمعت عنييه حين جاء ذكر الحريق الذي أتي علي المجمع العلمي المصري وما فيه من كنوز علمية وتراثية ووثائق ومخطوطات نادرة لاتقدر بثمن‏.‏ كان الرجل صادقا معبرا عن حزن عميق لا يصيب إلا من يملك مشاعر إنسانية طبيعية وعقلا راجحا وحكمة السنين‏.‏
الرجل أيضا كان مصيبا حين طرح فكرته البسيطة والعلمية في آن واحد‏,‏ وهي أن يقوم من أسماهم بالثوار الحقيقيين بالانسحاب من التحرير وعمل هدنة والتركيز علي مايفيد الوطن‏,‏ وبالتالي يمكن ان نفرز بين هؤلاء الثوار أصحاب المشروع الثوري محل الاحترام والتقدير‏,‏ وهؤلاء الخارجين علي القانون الذين يدور الحديث حول مسئوليتهم المباشرة فيما جري من اعتداءات علي المجمع العلمي والاشتباك مع قوات الامن في محيط شارع قصر العيني والمباني الحكومية العتيدة فيه‏,‏ والتي تعد احد رموز سيادة الوطن‏.‏
الفكرة علي بساطتها إنما تقدم حلا سريعا لتلك الأزمة التي تصاعدت ومازالت قابلة للانفجار‏,‏ في وقت تحتاج فيه مصر قدرا من الهدوء المحسوب لكي تواصل التخلص من نظام فاسد قضي علي كل شيء‏,‏ وتبني نظاما منضبطا تباهي به الامم حولها‏.‏
وللأسف الشديد‏,‏ ورغم كثرة المتحدثين باسم الثورة والثوار‏,‏ لم نسمع احدا من الذين توجه إليهم د‏.‏ زويل يعلق علي هذه الفكرة العبقرية‏,‏ أو يفندها او حتي ينكرها‏.‏ الكل للأسف صمت وركز جهده في إدانة القوات المسلحة والمجلس العسكري باعتبار ان البطولة والثورية السائدة الآن في القنوات الفضائية والصحف السيارة قد تم اختزالها في الهجوم علي الجيش المصري وتشويه سمعته بداية من احداث جندي وحتي أعلي رتبة‏.‏ صحيح هناك بعض محاولات من شيوخ ورموز سياسية لفك الاشتباك بين قوات الامن وهؤلاء المصرين علي البقاء في الميدان ومواصلة الاحتكاك بقوات الامن‏.‏ وصحيح ايضا ان هذه المحاولات فشلت بل وتم الاعتداء علي بعض القائمين بها من الرموز السياسية والنواب المنتخبين حديثا‏.‏ هذا الفشل يعني اننا امام محتجين من نوع خاص‏,‏ لا صلة له بالرموز كثيرة الظهور في الإعلام‏,‏ ولا صلة له بفكر الثورة ذاتها‏,‏ ولكنه وهذا هو بيت القصيد يستفيد من حالة التغطية الإعلامية والدعائية غير المسبوقة لكل من يرمي حجرا بوجه الشرطة والجيش‏,‏ ولكل من يحرق أثرا او يخرب مبني حكومي‏,‏ أو يصيب دولاب العمل الوطني في مقتل‏.‏ هذه التغطية الاعلامية هي التي تحول الحق باطلا‏,‏ وتجعل الاجرام بطولة تستحق الاشادة‏.‏ والأمثلة امامنا لا تعد ولا تحصي‏.‏
ومن يتأمل دعوة د‏.‏ زويل يدرك علي الفور ان الرجل يشير ولو ضمنا الي ان هناك صنفين في التحرير الاول هم صنف الثوار الحقيقيين‏,‏ والثاني هم صنف الثوار المزيفين‏.‏
بالقطع هذه تفرقة مهمة‏,‏ فالثوار الحقيقيون لا يخربون بلدهم بصورة متعمدة ومقصودة ومنهجية كما رأينا وسمعنا‏,‏ ولا يحرقون تراثها العلمي النادر والذي يعد مبعث فخر ورقي للانسانية جميعا‏,‏ ولا يتحالفون مع أطفال الشوارع والمهمشين مستغلين اياهم في اثارة التوتر والخراب والدمار والمناوشات والاحتكاكات مع قوات الامن من الجيش والشرطة‏,‏ ولا يقدمون الاموال والاطمطة وأدوية خاصة لمن يهاجم المنشآت العامة والمصالح الحكومية‏,‏ ولا يدفعون بالمسجلين خطر الي الاعتصام امام المصالح الحكومية لتعطيل دولاب العمل ووقف مصالح الناس‏.‏ وبالقطع من يفعل مثل ذلك هم الثوار المزيفون الذين يستحقون عقاب الدنيا وعذاب الآخرة‏.‏
الثوار الحقيقيون هم الذين يرفعون صوتهم بالحق دون تزيد او استعلاء علي الآخرين‏,‏ هم الذين يؤمنون بحق الناس في حياة كريمة ويفتحون امامهم ابواب التطور والرقي من خلال فعل هادف ومشروعات تنموية مهما كانت صغيرة الحجم‏.‏
الثوار الحقيقيون هم الذين يدركون ان تحقيق اهداف الثورة يتم من خلال الانتقال من فعل ثوري وشعبي الي عمل مؤسسي يؤدي الي دولة القانون والحق والعدالة‏.‏
الثوار الحقيقيون هم الذين يساعدون الناس علي المشاركة في الانتخابات ويقومون لهم المعرفة التي تساعدهم علي حسن اختيار نواب الشعب‏.‏
الثوار الحقيقيون هم الذين يؤمنون بأن الشعب هو صاحب الحق الوحيد في اختيار من ينوب عنه ويحقق مصالحه في الداخل وفي الخارج‏.‏
الثوار الحقيقيون هم الذين يندمجون مع كل الطبقات وكل الفئات‏,‏ ولا يقلبون بعضها علي بعض‏,‏ ولا يستغلون تهميش البعض منهم في اعمال إجرامية يعاقب عليها القانون‏.‏
أما الثوار المزيفون فهم الذين يقلبون الحقائق والموازين‏,‏ ويكرهون أنفسهم ويكرهون وطنهم وشعبهم‏,‏ هم الذين يعيثون فسادا في الأرض‏,‏ ويشيعون الكراهية بين طبقات الأمة ويشوهون سمعة مؤسساتها الوطنية‏,‏ هم الذين ينتشرون إعلاميا في تناغم يحسدون عليه للتشكيك في وطنية المصريين وتشويه اختياراتهم الحرة‏.‏ هم الذين يبشرون بالصدام بين الناس والمؤسسات ويشيعون الضغينة الاجتماعية‏,‏ وهم الذين يكذبون علنا كما يتنفسون‏,‏ وهم الذين يستغلون حاجات البسطاء ليحولوهم الي مجرمين ومخربين وخارجين علي القانون والشرف والاخلاق‏.‏ إنهم بذرة الفساد التي يجب اقتلاعها‏.‏
وباختصار‏,‏ هؤلاء جميعا يستحقون منا كل ازدراء وكل احتقار‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.