في الواحدة من ظهر السبت الماضي فاجأتنا الصحف المصرية والعالمية ومواقع وكالات الانباء والتواصل الاجتماعي بصورة اهتزت لها مصر. تلك الفتاة التي تعري النصف الأعلي من جسدها وأحد افراد القوات المسلحة يطير في الهواء ويركلها بقدميه, المشهد قتل بحثا وتحليلا وكتابة بالصورة ومقاطع الفيديو. ولكن احدا لم يتطرق إلي هذا الفتي الذي برد نار الجميع حين هرول إلي تلك الفتاة وستر جسدها المكشوف واشار إلي بقية الشباب المعتصمين بالاسراع لحملها.. وعلي بعد امتار قليلة منه كان احد الضباط يرفع سلاحه الميري ويطلق بعض الرصاصات ولايعلم احد ان كانت حية ولاصوت فما كان من هذا الشاب إلا ان اعطاه ظهره ونادي علي الشباب الفارين ليحملوا معه الفتاة. احمد مصطفي.. الرجل الذي ستر عرض فتاة الصفحات الأولي نلتقي به ونسأله كشاهد عيان عما حدث في موقعة قصر العيني جسده نحيل تكاد لاتراه يمشي علي اطراف اصابعه وراسه ملفوفة بالقطن والضمادات اثر اصابة بالميدان وتستند نظاراته الضخمة علي ابتسامة عريضة. كنا واقفين في تقاطع شارع الشيخ ريحان مع قصر العيني السبت الماضي ومع آذان الظهر تراجعنا قليلا لاداء الصلاة وكان بعض الشباب يشتبكون مع افراد الأمن الموجودين فوق مبني المجمع العلمي الذي بدأ يشتعل بالفعل والغريب انه اثناء اشتعال المجمع كانت خراطيم المياه التي استخدمها الأمن تستهدف المجمع العلمي تارة النيران تلتهم المجمع تحتهم هكذا بدأ حديثه بنفس الابتسامة. واستكمال احمد حديثه قائلا: وحينما استوعب الشباب ان حجم النيران بدأ يزيد ويكاد المبني يسقط حاولوا الدخول إليه عبر البوابات الحديدية لانقاذ ولاطفاء النيران. في تلك اللحظة التي وصل فيها الشباب إلي المجمع العلمي وبدأوا بالفعل انقاذ الكتب والمبني قامت قوات الشرطة العسكرية بالاقتحام وبدأت في التعدي بالضرب علي الموجودين, فبدأنا الركض باتجاه ميدان التحرير واثناء ذلك لاحظنا سقوط اثنين من المعتصمين ولكن حجم القوات الموجودة كان كبيرا ومع صولنا إلي مبني الجامعة الأمريكية لاحظنا تراجعا طفيفا لقوات الشرطة العسكرية فقررنا العودة لانقاذ الشخصين اللذين تم سحلهما علي ارض الميدان. تبدلت ملامح أحمد في تلك اللحظة واستطرد: كنت اقوم بالتصوير اثناء الاحداث ومع تراجع القوات وتقدمنا كان احد الضباط يحمل طبنجة واشار إلينا الآخر بالتقدم لاخذ الشخصين المسحولين ومع هذه الاشارة تقدمت واعطيت ظهري لقوات الأمن وطلبت من اقرب الشباب مساعدتي في حملهما وكل ذلك تم تسجيله علي مقطع الفيديو, وحين اقتربت لم اتبين انها فتاة إلا حين صرخت احدي السيدات دي بنت دي بنت فقمت باغلاق الكاميرا واخذت شالا تربطه علي عنقها وسترت جسدها به ثم حملتها إلي احدي سيارات الاسعاف. كادت عينا احمد تذرفان الدموع حين اضاف ان تلك الفتاة كانت غائبة عن الوعي تماما ووجهها كان متورما نتيجة الضرب باحذية الجنود وكان الدم يسيل من انفها ورأسها ويديها, ولم تكن ترتدي عباءة ونقابا كما, ادعي البعض بعدها بل كانت ترتدي تونيك اسود طويلا من الصوف وسقطت منها نظارتها وهي معي حتي الآن لتذكرني بذلك المشهد حتي القاها مرة اخري بالميدان ولكن اتمني ألا يكون ذلك اللقاء في مشهد مماثل لما سبق ورأيته.