هل يمكن أن تشهد جولة الإعادة اليوم علي مقاعد الفردي للمرحلة الأولي مفاجآت تفرض علي الجميع سرعة المراجعة وترتيب الأوراق؟.. علينا الإقرار بداية بأن المشهد الانتخابي لم يعد علي حالته قبل الإعلان عن نتائج المرحلة, حيث أصبح ممكنا الحديث عن القوة النسبية للأحزاب والائتلافات المتنافسة, وبدلا من التركيز علي استكمال الحملات الدعائية وشرح البرامج الانتخابية, فإن حالة الصخب التي تتواصل حول تقدم تيار الإسلام السياسي كما يحلو للبعض تسميته قد سيطرت بالكامل علي اهتمامات الرأي العام, وانخرطت وسائل الإعلام في الجدل والنقاش سعيا لرصد التحولات المتوقعة في الخريطة السياسية علي الرغم من ضرورة الانتظار لما ستسفر عنه المرحلتان الثانية والثالثة.. وبناء علي ذلك, فالمفاجأة غير السارة أن تنخفض نسبة المشاركة في جولة الإعادة وبل فيما بعدها علي أساس مزعوم بضمان تفوق هذا التيار وزيادة الاحساس الخادع بعدم جدوي الصوت الواحد وفائدته.. ومما يعزز هذا الاعتقاد أن وسائل الإعلام بدورها لم تؤد دورها السابق في دعوة الجماهير للمشاركة, خاصة ونحن نقترب من المحافظات البعيدة نسبيا عن مركز الأحداث ويحتاج الناخب هناك الي أجواء تدفعه للمشاركة وليس الي نشر مشاعر الثقة المفرطة من ناحية أو الإحباط والتشاؤم من ناحية أخري.. أما المفاجأة الثانية التي قد تحملها جولة الإعادة فهي تتعلق بالتوجه الشعبي الذي يمكن القياس عليه بصورة نهائية, فإذا حقق حزبا الحرية والعدالة, والنور ذات المكاسب من خلال المرشحين علي مقاعد الفردي, وبالرغم من الحملات الشرسة التي تعرضوا لها, فذلك يحسم الأمر في الجولتين المتبقيتين, ونستطيع عندها التأكد من الأغلبية البرلمانية القادمة, ومن هنا تبدو الأهمية القصوي لنتائج الإعادة, ليس فقط للأسماء المرشحة وإنما للوصول إلي القول الفصل في السباق كله.. ومن الصحيح تماما القول بأن تراجع المرشحين المحسوبين علي الحرية والعدالة والنور سيفتح الباب واسعا أمام معركة حامية في المحافظات المتبقية والتوقع بتصعيد الحملات الإعلامية واستخدام الفزاعات المنتشرة حاليا بعد الاطمئنان إلي نجاحها وتأثيرها المباشر علي جولة الإعادة.. من ذلك كله نتطلع إلي الاختبار الديمقراطي اليوم, باعتباره الأكثر دقة في تحديد ملامح المسرح السياسي المصري خلال السنوات القادمة, وشكل البرلمان الجديد الذي تبدأ به صفحات تاريخ مصر بعد الثورة.