طارق الطاهر كثيرون يعرفون إلهامى الزيات، بوصفه أحد صناع السياحة فى مصر، على مدى أكثر من نصف قرن، وكذلك لكونه أيضًا- أحد رجال لجنة الخمسين، التى قامت بتعديل الدستور المصرى، بعد انتهاء حكم الأخوان المسلمين. منذ فترة قصيرة تعرفت عن قرب على هذا الرجل، الذى لفت نظرى منذ اللحظة الأولى لدخول مكتبه، وجود أكثر من كتاب على مكتبه فى تخصصات مختلفة، لكن أغلبها يميل إلى الأدب والتراث والآثار، سألته بفضول: هل القراءة جزء من برنامجك اليومى، وقبل أن يجيب استطردت: وهل لديك مكتبة؟ وقبل أن يجيب أيضا- قلت له: أنا «بحب» أتتبع المكتبات، ولدى كتاب عن مجموعة مكتبات لنخبة من المثقفين والفنانين، بعنوان «خزائن الأسرار.. جولة فى مكتبات المبدعين» استمع لى بذهن صافٍ، ثم تحدثنا عن ملامح من سيرته، وتطرقنا إلى حبه الجارف للقراءة فى شتى مناحى المعرفة والثقافة والعلم، ليس باللغة العربية فقط، بل بلغات أجنبية منها الإنجليزية والفرنسية، وأثناء الحوار تطرقنا إلى الحديث عن «علم المصريات»، وبدأت استمع إلى ما يشبه المحاضرة الشيقة عن هذا العلم، المبهر فى تاريخ الإنسانية، وتطرق الحوار إلى شخصيات لعبت دورًا مهمًا فى تعريف العالم بالحضارة المصرية، من هؤلاء كريستيان جاك، وكريستيان ديروش نوبلكلور وتعاونها مع د. ثروت عكاشة فى إنقاذ آثار النوبة، وسعادته أنه شاهد معابد فيلة فى صغره فى مكانها الأساسى. وبعد هذا اللقاء الذى كشف لى عن وجهه «الثقافى» فوجئت به يدعوننى إلى زيارة منزله، وهناك كانت المفاجأة، أننى أمام مكتبة نادرة التواجد فى منزل شخصى، لأكتشف وأنا فى حجرة مكتبه، أنه لا يوجد حائل بينى وبين واحدة من النسخ الأصلية ل»وصف مصر» باللغة الفرنسية، هذه النسخة التى صمم لها مكتبة مخصوصة، كما جاء ذكرها فى «الوصف»، وهنا عاد الزمن إلى فترة السبعينيات، وروى لى قصة حصوله على هذه النسخة، بمبلغ وقتها وصل إلى خمسين ألف جنيه، وقد وافق من اشترى منه على تقسيط هذا المبلغ، ليحتفظ بهذه «الدرة» طوال هذه المدة، لتحاط فى هذه المكتبة الفريدة- بأمهات الكتب والمجلات؛ بلغات متعددة تتمحور حول «علم المصريات» وهنا وقع نظرى على مؤلفات كريستيان جاك، الذى كتب بالفرنسية- العديد من الروايات عن مصر القديمة، وقد احتفظ إلهامى الزيات بهذه الكتب بجانب أخرى تتعلق بالحضارة المصرية، هذه المراجع القيمة، التى تعد بالمئات، و تغطى فى موضوعاتها عصور مصر المختلفة، من «ما قبل الأسرات» وحتى «العصر الحديث»، يضاف إليها موسوعات ودوائر معارف بلغات شتى، فضلا عن كتب أخرى، متواجدة على مكتبه موقعة من شخصيات سياسية بارزة على مستوى العالم. إلى هنا توقعت أن هذا هو حدود مكتبته، ويكفيه ما تضمه من كنوز حقيقية، أبرزها «وصف مصر» و»كتب علم المصريات»، إلا أنه طلب منى أن ننتقل إلى «مكان آخر» داخل منزله، لأفاجأ أننى أمام مكتبة تضم التراث العربى والإسلامى، ونوادر الكتب، وأعمال كبار الكتاب والمثقفين فى حقب زمنية مختلفة. تحية لهذه الشخصية، التى أدركت منذ صغرها، أن «الثقافة» و»المعرفة» هما السبيل لبناء حقيقى للإنسان.