في أول فبراير الماضي تعهد السيد الرئيس محمد حسني مبارك بتسليم آمن السلطة, وأعلن أنه لا ينتوي الترشح لفترة رئاسية سادسة تبدأ في أكتوبر.2011 وبعد أيام من ذلك الإعلان الذي رفضه ثوار25 يناير في ميادين التحرير علي مستوي الجمهورية, قال مبارك: أنا أو الفوضي. الآن, وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر علي تخلي الرئيس تليفزيونيا عن رئاسة الجمهورية, لا مبارك تنحي, ولا الأمن تحقق. باختصار بقي مبارك وبقيت معه الفوضي, وعلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يعلن الآن, الآن الآن وليس غدا, الانحياز للشعب, وتنحية مبارك, لكي يذهب وتذهب معه الفوضي! الآن, وبعد مرور تسعة أشهر علي الحكم العسكري, لم تتحقق شعارات الثورة, ولا مطالب الشعب: تغيير, حرية, عدالة اجتماعي, ونحن نثق أن الجيش يستطيع إعادة الأمن للمواطنين, والانضباط إلي الشارع, بتفعيل القانون الطبيعي دون الحاجة إلي قانون الطوارئ, ولكنه لا يريد. ومادام هو لا تريد, فالشعب يريد الآن من الأشباح الذين يحكموننا أن يعلنوا بصراحة انحيازهم لثورة أدوا لشهدائها التحية. الشعب يريد يا سادة, ومن إرادة الشعب جاء المجلس العسكري من الثكنات إلي إدارة شئون البلاد, والعسكر بطبعهم يعتمدون علي إصدار الأوامر, وهذا لا يتفق مع تجاذبات السياسة, ومناورات السياسيين. علي المجلس العسكري الآن إعلان تنحية مبارك الذي مازال يحكم, ويستقبل ملوكا, ويتلقي مكالمات رجاله في سجن طرة, ذلك السجن الذي قتل فيه شاب بحجة تهريب شريحة هاتف محمول! الذين يخاطبون مبارك من سجن طرة, ويطمئنونه علي استمرار الفوضي يعاملون بتدليل, ويحاكمون أمام قضاء مدني, في حين يحاكم ثوار أمام المحاكم العسكرية, هؤلاء الثوار الذين لولاهم لظل أعضاء المجلس يؤدون التحية لمبارك! الآن, وبعد أن صفقنا للجيش مساء28 يناير, نشعر باليأس, وتتآكل مساحة الثقة, وما يجري الآن في ميادين التحرير رد فعل ثوري شعبي تلقائي علي التواطؤ والتلكؤ. ما يحدث منذ أمس الأول( السبت) هو استعادة لعافية الثورة وحيويتها, هي الآن في مخاض حقيقي, بعد تسعة أشهر من ولادة متعسرة لا يراد لها أن تتم, ولكن أحدا لا يستطيع أن يحجب الشمس, حتي لو ظل مبارك يحكم من الباطن, وسيخرج الجنين أكثر قوة.