ما يربطنا بالشقيقة ليبيا أكبر بكثير من العمالة المصرية التي جري استهدافها والتحريض المباشر ضدها علي لسان القذافي وسيف الاسلام واركان نظامه في بدايات الثورة الليبية. وبعدها تعرض الالاف من المصريين لمعاملة بالغة السوء لم يكشف النقاب عن تفاصيلها حتي الآن. نذكر ذلك استباقا لتصريحات معتادة قد تأتي في سياق الزيارة المهمة التي يقوم بها اليوم المستشار مصطفي عبدالجليل رئيس المجلس الانتقالي الليبي للقاهرة وهي أول عاصمة اختارها بعد تحرير بلاده في اشارة واضحة المعاني والدلالات التي يجب التعامل معها بكل الجدية والانتباه واليقظة. وقد آن الأوان للخروج عن المناهج القديمة والقوالب الجامدة التي تنحصر فيها العلاقات بين البلدين في خانة الايدي العاملة بالرغم من اهميتها او النظر لليبيا علي انها واحدة من الدول النفطية الغنية. الذي يجمعنا والشعب الليبي اعمق واشمل من ذلك الإطار الضيق وهناك وحدة العقيدة والجغرافيا والتاريخ والمصير وكلها اعتبارات ينبغي تطبيقها علي أرض الواقع ولاتكون فقط مجرد صفحات في الكتب المدرسية ومادة اعلامية نتذكرها عند المناسبات. مصر وليبيا في مفترق طرق ولكنهما بكل المقاييس قوتان هائلتان سياسيا واقتصاديا اذا استثمرتا طاقاتهما الكامنة بعيدا عن التجارب الانفعالية والشعارات الزائفة التي ثبت بطلانها طوال العقود الزمنية السابقة. والترحيب بالضيف الكبير يكون اولا وقبل كل شيء بوضع خريطة جديدة للعلاقات المصرية الليبية القائمة علي اسس محددة وواضحة في جميع المجالات وبما يحقق الفائدة للشعبين خاصة وان المخاطر لاتزال قائمة وحقيقية سواء من بقايا الماضي أو من محاولات الهيمنة من القوي الخارجية المتربصة بثروات الشعوب والساعية لبسط نفوذها تحت غطاء الدعم والمساندة لاجتياز الصعوبات الراهنة. نريد ان تكون مباحثات عبدالجليل بالقاهرة رسالة لمن يهمه الأمر بأن مصر بكامل ثقلها مع الاشقاء في مرحلة إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وفي الدفاع عن وحدة الاراضي الليبية وسلامتها, وان هذا الالتزام هو جزء اصيل للحفاظ علي الأمن القومي المصري. التحديات كبيرة وخطيرة, ولكن المستقبل يحمل الخير والنماء والتقدم والرخاء للمصريين والليبيين علي حد سواء بعد ان طويت صفحات مؤلمة مليئة بالدماء والدمار والفساد. muradezzelarab@hotmailcom