مع قرب سقوط القذافي وانهيار نظام حكمه تماماً تنظر مصر إلى ليبيا ما بعد القذافي، وقال سياسيون وخبراء إقتصاد إن هناك أثار إيجابية لنجاح الثورة الليبية على مصر سياسياً وإقتصادياً. رغم أن مصر الرسمية كانت مترددة في دعم الليبيين في ثورتهم ضد القذافي، خوفاً على رعاياها البالغ عددهم ما يزيد عن المليون ونصف المليون شخص، إلا أن تقارير صحافية غربية قالت إنها كانت تدعم الثوار الليبيين بالسلاح والدبلوماسية سراً، في حين كان الشعب المصري يقف معهم قلباً وقالباً، واحتضن ميدان التحرير الثوار الليبيين، ولم يغب علمهم بألوانه الأحمر والأسود والأخضر عن الميدان منذ منتصف فبراير الماضي. ومع قرب سقوط القذافي وإنهيار نظام حكمه تماماً تنظر مصر إلى ليبيا ما بعد القذافي، وقال سياسيون وخبراء إقتصاد إن هناك أثار إيجابية لنجاح الثورة الليبية على مصر سياسياً وإقتصادياً. التحريض ضد المصريين مع إندلاع الثورة الليبية في 17 فبراير الماضي، أي بعد أسبوع واحد من إنتصار الثورة المصرية على الرئيس السابق حسني مبارك، وإسقاط نظام حكمه في 11 من الشهر نفسه، سارع العقيد معمر القذافي ونجله سيف الإسلام، بإتهام المصريين بقيادة الإنتفاضة ضد حكمه، ودعيا في خطاباتهما المتتالية إلى مطاردة المصريين وقتلهم أينما وجدوا على أرض ليبيا. وكانت النتيجة مقتل العشرات من المصريين العاملين في ليبيا، وفرار مئات الآلاف تاركين وراءهم أملاكهم ومتاعهم ومنازلهم، فر بعضهم عن طريق الحدود التونسية الليبية، وفر آخرون عن طريق حدود بلادهم مع ليبيا، وإضطر المجلس العسكري إلى إقامة جسر جوي من أجل نقل مواطنييه إلى بلادهم، وساهمت الولاياتالمتحدة بطائراتها في نقل جانباً منهم. خسائر فادحة وتوتر وتعرضت مصر إلى خسائر إقتصادية فادحة جراء تحريض القذافي ونجله سيف الإسلام الذي كان يعده لخلافته، قدرتها تقارير منظمات معنية بمئات الملايين من الدولارات، تتمثل في حجم التجارة البينية، وتحويلات المصريين الذين فقدوا أعمالهم، فضلاً على خلق أزمة جديدة ما كانت الحكومة المصرية تضعها في الحسبان، ألا وهي إنضمام عشرات الآلاف من المصريين العائدين من ليبيا إلى طوابير البطالة، وزيادة أزمة السكن، لاسيما أن ما يقرب من 50% من هؤلاء كانوا يقيمون إقامة دائمة في الدولة الشقيقة. التوتر على الحدود المصرية الليبية، وتدفق عشرات الآلاف من اللاجئين، كان الأخطر بالنسبة لمصر التي تحاول الإنعتاق من أسر المرحلة الإنتقالية، بما تتضمنه من إنفلات أمني وسياسي، وركود إقتصادي. وأقامت مصر معسكرات للاجئين، وساهمت في تمويلها مادياً وطبياً، مما زاد من أعبائها الإقتصادية، فضلاً على تعرض حدود للإختراق من قبل جماعات مسلحة، كانت تصدر إليها الأسلحة باستمرار مما أضاف تهديدات جديدة إلى أمنها القومي، وكان آخر تلك الحوادث في 17 أغسطس الجاري، حيث ضبط قوات الشرطة سيارة محملة ب25 صاروخ مضاد للطائرات، والعشرات من الأسلحة الثقيلة مثل الأر بي جيه، وكميات من الذخائر، وكانت السيارة في طريقها من مدينة العلمين بالقرب من الحدود الليبية إلى الداخل المصري. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنتقل الصراع الليبي إلى قلب القاهرة، حيث وقعت معارك ومناوشات بين مؤيدي ومعارض القذافي عدة مرات أمام جامعة الدول العربية بميدان التحرير بوسط القاهرة، وأمام السفارة الليبية، ونتج عنها مصابين من الجانبين، ومصابين من المصريين المؤيدين للثورة الليبية الذين كانوا يشاركون في التظاهرات المنددة بحكم الأخ العقيد وأسرته. وكان أشهرها المعركة التي وقعت بين الجانبين، أثناء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للقاهرة في 21 مارس الماضي، حيث منعه مؤيدو القذافي من زيارة ميدان التحرير، وتعدوا عليه بالألفاظ النابية، وهتفوا ضده. وإشبتكوا مع آخرين مؤيدين للثورة، وتراشقوا بالحجارة. إنتصار ثورة ليبيا قوة لمصر الآن، وبعد إنتصار الثورة الليبية ووصولها إلى طرابلس، ولم يبق سوى الإنقضاض على مجمع باب العزيزية الرئاسي، يتساءل المصريون: ماذا تأثير هذا الإنتصار عليهم؟ وتأتي الإجابة على لسان الدكتور أيمن نور، المرشح الرئاسي المحتمل، بالقول إن إنتصار الثورة الليبية يضاف إلى رصيد الثورة المصرية ولا يخصم منه، وأوضح ل"إيلاف" أن ثورة ليبيا أسقطت عميد الطغاة العرب، وما كان الإستقرار ليستتب في مصر إلا بعد إنتصار الليبيين، فالتوتر لدي جارتها الغربية ليس في صالحها. مشيراً إلى أن مصر ترتبط بعلاقات إقتصادية وتجارية وسياسية وعلاقات إنسانية حيث إن هناك روابط أسرية ومصاهرات بين الشعبين فضلاً على الروابط القبلية، وبالتالي فمن فإن إستقرار كلا البلدين يساهم في إستقرار الآخر، ولا يمكن أن تكون إحدهما ثورية ديمقراطية والأخرى يحكمها نظام إستبدادي قمعي. وأضاف أن ليبيا الثورية الديمقراطية ستسهم في تشكيل محور عربي مهم مع تونس ومصر يكون له مواقف متناغمة فيما يخص القضايا العربية والدولية ومن المهم أن تجد مصر جارتيها الغربيتين تقفان معها جنباً إلى جنب في السراء والضراء. فيما يشدد السفير محمد مسعود سفير سابق في ليبيا على ضرورة تفاعل العرب مع الثورة الليبية، والقيام بدور واضح في مرحلة ما بعد القذافي، وأوضح ل"إيلاف" أن إنتصار الثورة الليبية إنتصار لجميع العرب في مواجهة الإستبداد والتبعية للغرب، مشيراً إلى أن الدعم العسكري للثوار الليبيين يثير القلق على مستقبل ليبيا، حيث من الممكن أن تتدخل الدول الأعضاء في الحلف في تشكيل نظام سياسي يروق لها ويعمل لمصالحها. ولفت إلى أن نجاح الثورة الليبية سيكون له مردود إيجابي على الثورات التي تناضل ضد الأنظمة الإستبدادية في سوريا واليمن، فضلاً على المردود الإيجابي على الثورة المصرية، حيث سيشدد من عضدها. إنتعاش إقتصادي إقتصادياً، ينظر المصريون إلى مرحلة ما بعد القذافي بإعتبارها سوف تنعش إقتصادهم، وقال الدكتور محمود زين الدين الخبير الإقتصادي ل"إيلاف" إن مرحلة البناء في ليبيا بعد القذافي سوف يكون لمصر نصيب كبير منها. مشيراً إلى أن شركات البناء والتشييد وشركات الأسمنت والحديد والسيراميك تنظر بترقب ليبيا، لاسيما أنها ستحتاج إلى إعادة إعمار ما دمرته الحرب بين الثوار وكتائب القذافي، فضلاً على أن تلك العملية ستستقطب عشرات الآلاف من العمال المصريين. وأضاف زين الدين أن شركات الإصلاح الزراعي وتصنيع الأسمدة تترقب أيضاً مرحلة إعمار ليبيا، بالإضافة إلى شركات البترول، لكن هذا يتوقف على مدي التناغم بين قيادات الثورتين المصرية والليبية.