بين الشك واليقين وبين وسوسة الشيطان ومعرفة الحقيقة عاش والد الطفل( هاني) مترددا معذبا بين الاعتراف بأبوة ابنه( هاني) وبين رفضه الاعتراف بهذا النسب حتي بلغ( هاني) عامه السابع دون هوية أو شهادة ميلاد. والتي إن وجدت فلن يوجد بها إلا اسم الأم وستكون خانة الأب فارغة لتعطي دلالة علي انه ابن سفاح, حتي اصبح هذا الطفل ضائعا بين أقرانه كأحد أطفال الشوارع مجهول النسب بدون هوية فهو برغم صغر سنه يفكر في عبارات يرددها الأب( الولد ده مش ابني) وترد عليه الأم( والله العظيم ابنك) وهكذا اصبح هاني حائرا فهو يعيش مع أب طيلة7 سنوات دون أن يعترف بنسبه بالرغم من اعترافه بنسب شقيقه الأصغر من الأم نفسها. وذات صباح استيقظ هاني علي حقيقة انفصال والدته التي تعمل بائعة جائلة عن ابيه الذي أخذ شقيقه الأصغر وتركه هو لوالدته دون اعتراف بنسبه ورحلت الأم حاملة ابنها( هاني) وتزوجت رجلا آخر ليعيش هاني مجهول الأب مع والدته وزوجها حياة كلها مشاكل ومشاجرات ومصادمات أدت إلي تكرار هروب الطفل البائس من المنزل ومرافقته لأطفال الشوارع, ومع تكرار الشجار بين هاني وزوج والدته رغم صغر سنه, خير الزوج الأم بينه وبين فلذة كبدها, وعند ذلك كان قرار الأم تسليم الطفل إلي مركز التصنيف والتوجيه بالقاهرة التابع لوزارة التضامن الاجتماعي باعتباره( طفلا من اطفال الشوارع) وقام المركز بتوزيعه علي مركز التصنيف والتوجيه الفرعي بدار التربية الاجتماعية بدمنهور للتعامل معه وإعادة تأهيله, وهكذا استقر( هاني) بدار التربية بدمنهور, حيث قام( علي فهمي) مدير الدار وخبير التوجيه التربوي باستقبال الحالة ودراسة ملابساتها ووضع خطة التعامل معها بهدف إعادة تأهيل الطفل للتكيف مع المجتمع مرة أخري وبمقتضي التعامل والتدخل قام الفريق النفسي والاجتماعي برئاسة( أمل العليمي) بالحصول علي كل بيانات الأب الذي يعمل سائقا بالقاهرة والأم التي تعمل بائعة خضار باحدي المناطق العشوائية بالقاهرة, حيث تم عقد عدة جلسات نفسية واجتماعية مع الطفل الذي اتضح أن عقدته النفسية الرئيسية هي عدم اعتراف والده بنسبه لشكه في سلوك الأم قبل أن يتزوجها رغم اعترافه بنسب شقيقه الأصغر فعمل الفريق الاجتماعي علي تلك الجزئية وعقد عدة جلسات منفردة مع الوالد ومع الأم كل علي حدة ثم جمع بينهما في جلسات مشتركة, وباستخدام الأساليب العلمية في التحاليل الطبية وأساليب الاقناع النفسي تمكن الفريق من اقناع الأب بصحة نسب الطفل هاني إليه وتم عقد جلسة إثبات نسب بين الأم والأب والطفل اعترف علي أثرها الأب بنسب ابنه( هاني) له واستخرج له شهادة ميلاد معترفا فيها بأبوته له, وعلي اثر ذلك انفرجت الأزمة النفسية للابن( هاني), وبدأ بنفسية هادئة مستريحة في تلقي البرنامج التأهيلي بدار التربية بدمنهور الذي تم من خلاله الجمع بين هاني وزوج والدته في أكثر من جلسة اطمأن زوج الأم من خلالها للسلوك السوي لهاني, فعاد الوفاق والوئام بينهما الأمر الذي انتهي بتسلم الأم وزوجها للطفل( هاني) ليعود مرة أخري للعيش معهما دون صدام ودون شجار ودون هروب للشوارع كما عادت العلاقة سوية وأسرية بين هاني ووالده الحقيقي الذي حرص علي تقديم أوراق هاني بما فيها شهادة الميلاد لإلحاقه بالتعليم وإعادة التواصل بينه وبين شقيقه الأصغر من خلال العديد من الزيارات وأيضا تخييره بالعيش مع والدته أو والده دون غضب أو حساسية وباختياره عاد وعاش في كنف أمه وهكذا عاد هاني للمنزل والأسرة وعاد له النسب المفقود.