لا أعرف لماذا يصب من يدعون الفكر وأصحاب رايات التنوير الزيت علي خلافات بسيطة, كان يمكن تداركها وتجاوزها, لو تعاملنا معها بقليل من العقل والحكمة, وهذا ما يحدث ولا يزال يحدث من جانب بعض المثقفين. الذين هم للأسف أخطر علي الوطن من الأعداء, الذين يريدون ألا تقوم مصر وتنهض من جديد. لقد حاول بعض من يدعون الثقافة استغلال مظاهرات الأقباط المتشددين, وحالة الاحتقان التي يعاني منها الوطن حاليا, تناسي البعض مصلحة الوطن, بل جعلوا مصلحتهم ومصلحة القوي الخارجية التي يستقوون بها هي العليا, وبدلا من أن يحافظوا علي أرواح شبابهم, ويحولوهم إلي طاقات بناءة, تعلي من شأن البلد الذي يعيشون علي ارضه جنبا إلي جنب مع إخوانهم المسلمين الذين يشكلون أغلبية الشعب المصري. وبدلا من أن يناقش الإعلام, من خلال هؤلاء المثقفين الذين يحتلون الساحة الثقافية بالزور والبهتان منذ أيام راعي الفساد الثقافي, راح الذين لا يمثلون الزاد الثقافي المصري الحقيقي يصبون من داخلهم الحقد, الذي يغلي بزيت الكراهية لكل ما هو مصري أصيل, ولكل ما يتعلق بالدين الإسلامي, راحوا يؤججون نيران الطائفية البغيضة. رأيناهم علي شاشات تليفزيونية أحدهم يتباكي, ويندب الحرية والديمقراطية التي انتهكت امام ماسبيرو, وذهب بخياله المعادي للتيارات الإسلامية بعيدا, ناسجا بعض أوهام فكره المريض ولم يكن وحده السابح في بحر الفتنة والمجدف فيه بمجداف التعصب, وإنما شاركه شاعر حداثي, وهو عدو أصيل لتيار الإسلام السياسي والمناصر الدائم لكل ما هو علماني, وجنود الفتنة والطائفية للأسف كثر, يطلون علينا من وقت لآخر من شرفات الحقد المفتوحة من تلك الفضائيات العميلة, التي لا هدف لها سوي تدمير مصر, من خلال تشويه صورة ثورتها, وإشعال نيران الفتنة بين عنصري الأمة المصرية, اللذين بنيا مصر وزرعا أرضها, وعاشا في وادي النيل, الذي وحدته مياهه العذبة النقية, التي يأتي هؤلاء محاولين تلويثها بترهات أفكارهم المريضة. لم يرض هؤلاء العلمانيون وغيرهم ممن أغدق عليهم نظام مبارك الهبات والعطايا أن يروا شعاع فجر جديد يطل علي أرض مصر, مبشرا بمطر طاهر صاف يغسل أدران الوطن من كل ذرة فساد لحقت به, علي مدي سنوات الهوان, التي غيمت علي بر مصر طوال حكم المخلوع, فراحوا يتآمرون, ويمدون أيديهم لكل كاره لمصر وريادتها, وخاصة فرسان القنوات العميلة, الذين يجيدون ارتداء القمصان وخلعها والأقنعة بكل ألوان الطيف الفضائي الفاسد ليعزفوا سيمفونية النار التي تشعل الحقد الأسود ليحرق كل ما هو أخضر علي أرضنا الطيبة, التي أعطتهم الشهرة والمجد الذي لم يكونوا يستحقونه. لا أعرف أين ضاع وهج الإبداع الذي يدعونه؟ وكيف خانتهم حصافتهم, وفضحتهم سرائرهم الشريرة, فقد ظهروا لأول مرة علي حقيقتهم, كارهين لمصر, أعداء للتقدم, مناهضين للثورة, معادين للتيار الإسلامي, الذي اثبت انه اكثر القوي السياسية وأقدرها علي الفعل والحركة, ليس كما يقول الإسلاميون, ولكن كما يري الشارع, الذي كان الإسلاميون طوال عصر غياب الدولة هو الداعم لهم والقاضي حوائجهم, في وقت توجهت فيه الدولة لإرضاء شهوات الاثرياء ومنهم هؤلاء المثقفون تجار الكلام الذين يقولون ما لا يفعلون, الذين يدافعون عن العمال, وهم باليل علي طاولة الشراب مع شانقيهم. جلس هواة الكلام وجنرالات الفضائيات يشعلون ثورة الغضب في قلوب المسيحيين الأبرياء, الذين ينخدعون بتلك الدعاوي الباطلة, التي لا تصدر ابدا عن فكر أو عقل أو قلب محب لمصر ولشعبها بعنصرية المسيحي والمسلم, كان الأولي بهم وهم كما يخالهم البعض أصحاب فكر أن يناقشوا الأمور بصدق وموضوعية وعقلانية, حتي تهدأ النفوس وتقر القلوب, وتهدأ الخواطر الثائرة. كان المفروض عليهم بدلا من هذا الدور القبيح, ان يكونوا دعاة سلام وتهدئة, دعاة إنتاج وعودة إلي العمل, دعاة وحدة واتحاد ووقوف خلف أهداف الثورة. كان الأجدر بهم وبكل محب لمصر أن يوضح الحقائق ويضع النقاط فوق الحروف, بدلا من أن يهدم المعبد علي رءوس من فيه, ويحرض الغاضبين ضد حماة الوطن ودرع الثورة والشعب الذي طال شوقه إلي الحرية والعدل. إلي جنود الفتنة أصحاب الفكر المريض المزيف, أقول تبت أيديكم, وتبت أفكاركم المسمومة, وسيبقي الشعب والجيش يدا واحدة, وستبقي مصر بلد المسلمين والمسيحيين, وسيبقي عناق الهلال والصليب إلي الأبد رغم أنفكم وأنف قنوات الفتنة الرخيصة. [email protected]