أصبحت تلال القمامة من المناظر المألوفة في القاهرة الكبري, تلك القمامة التي قهرت كل أعدائها علي مر السنين, و فشلت في أن تقهر, القمامة التي احتلت شوارعها فقد تحولت مختلف مناطقها من مزارات سياحية تتهافت عليها الوفود من جميع دول العالم, الي ثكنات لعدو يعرفه الجميع ولكنه للأسف لم يقهر حتي الآن. كانت البداية في شارع بورسعيد بمنطقة غمرة الذي امتلأت أرصفته بالقمامة المتناثرة والمتطايرة في الهواء, تنبعث منها الرائحة الكريهة, وفي دار السلام توقفنا أمام تلال من القمامة يمكن وصفها ب جبل صغير حيث يقوم الأهالي بإلقائها في الشوارع لعدم وجود صناديق مخصصة مما أدي إلي تراكمها ممايضطر البعض الي حرقها للتخلص منها, فضلا عن قيام بعض الصبية الذين يصطحبون عربات الكارو بالعبث فيها بحثا عن المواد البلاستيكية من أكياس وزجاجات للاستفادة منها. توقفنا في أحد شوارع مصر الجديدة أمام لافتة مكتوب عليها تحذير ممنوع القاء القمامة, ورغم ذلك وجدنا جبلا صغيرا من القمامة تحت اللافتة مباشرة, وشاهدنا الأهالي يتوافدون علي هذا المكان لإلقاء القمامة, فاقتربنا منهم وسألناهم عن سبب ذلك أفادونا بأن عربات النظافة لا تمر إلا كل أسبوع وبالتالي يضطرون لوضعها في الشارع لحين مرورها. وخلال جولتنا في بولاق الدكرور قابلنا شحاتة منصور أحد الأهالي الذي قال إن القمامة أصبحت تعوق السكان عن عبور الطريق أو انتظار الأتوبيس علي الرصيف موضحا وجود تلال من القمامة تعوق وصول الأهالي الي منازلهم, وتساءل عن ذنبه كموظف علي المعاش بدفع رسوم رفع هذه القمامة من أمام منزله علي فاتورة الكهرباء ولا يأتي أحد لحملها من أمام المنزل فيضطر الي القائها في الشارع. سعيد توفيق صاحب كشك يقول إن مشكلته مع القمامة معاناة يومية تبدأ عند فتح الكشك في الصباح ليجد أكياس القمامة متراكمة في جميع الاتجاهات حول الكشك وعلي الرصيف وأمام المحلات المجاورة, ويضيف أن أهالي المنطقة ينتظرون الساعات المتأخرة من الليل بعد غلق المحلات وبعد أن يخلو الشارع من المارة ثم يقومون بإلقاء أكياس القمامة سواء من المنافذ أو البلكونات أو قيام أحد من أفراد الأسرة بالنزول وإلقائها في أقرب مكان خارج العمارة. وتقول سمية عبد الفتاح إنها تتخلص من القمامة بحملها الي أقرب صندوق والذي تجده دائما مغطي بأضعاف الكمية التي يتحملها, لذا فإن المنطقة المجاورة للصندوق تتحول الي مقلب للقمامة فتضطر الي استئجار سيارات ربع نقل وعمال للتخلص منها. اعتاد علي سيد موظف الاستيقاظ كل صباح علي رائحة الدخان المنبعث من القمامة المجاورة لمنزله حيث تتزايد يوما بعد الآخر, الأمر الذي أدي الي أن يعيش أهالي المنطقة بأكملها تحت تأثير السموم, ويقول إنه قام بمخاطبة المسئولين ولم يتحرك أحد حتي الآن, كما أن هذه القمامة أدت الي إصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي والالتهاب الوبائي وأمراض الصدر والحساسية والربو. تقول الحاجة آمال محسن إن لديها ثلاثة أطفال أصيبوا بحساسية الصدر نتيجة قرب سكنهم من مقلب القمامة ومرورهم كل صباح عليها أثناء ذهابهم الي المدرسة, وتضيف أنها تقدمت بشكاوي عديدة للحي وطالبتهم بالتدخل السريع لإنقاذ حياة أطفالها دون جدوي. وتؤكد عائشة بدر انتشار الفئران بصفة دائمة داخل وخارج المنازل وذلك لما تحتويه القمامة من مخلفات وبقايا الأطعمة وغيرها بالإضافة الي تكاثر هذه القوارض نتيجة لتوفير البيئة المناسبة لها مما يصعب القضاء عليها. وأثناء جولتنا لفت انتباهنا دخان متصاعد برائحة كريهة وعندما سألنا عرفنا أن هذه الأدخنة نتاج حرق القمامة للتخلص منها حيث أن معظم سلات القمامة اختفت من الشوارع فكانت النتيجة أن السكان أصبحوا يلقون قمامتهم أسفل العمارات تنتظر مصيرها إما أن تحملها شركات النظافة أو قد يكون مصيرها بين براثن القطط المنتشرة في تلك المنطقة بكثرة. ويتساءل شوقي خليل قائلا هل ينتظر المسئولون حدوث كارثة لكي يتحركوا وينتبهوا إلينا. وتؤكد الهام محمود أن معظم الأطفال يولدون بحساسية الصدر بسبب الدخان الناتج عن حرق القمامة بشكل يومي. توجهنا بكل هذه الشكاوي الي الدكتور عبد القوي خليفة محافظ القاهرة لمعرفة دور شركات النظافة في تلال القمامة التي تحاصر كل الشوارع لكن تليفونه كان مغلقا ثم حاولنا الاتصال بالمكتب الاعلامي التابع للمحافظ الذي رفض الرد قائلا إننا لا نعطي تصريحات صحفية بالتليفون, أما الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة فأكد إنه تم طرح مناقصات لجمع القمامة من المنازل والمحلات لنظافة الشوارع في4 أحياء ممثلة في بولاق الدكرور, الهرم, العمرانية وجنوب الجيزة, مشيرا الي أن المحافظة سوف تتلقي المظاريف الفنية يوم2011/10/13, بالإضافة الي أنه خلال شهر سوف يتم الإسناد لشركات نظافة وطنية علي أن يتم جمع القمامة من الوحدة السكنية أو من المحلات أو مخلفات بناء علي الشارع, مرة يوميا وكذلك الأمر بالنسبة للقري والمراكز والمدن حيث يتم دعمها بمعدات نظافة وعمالة إضافية, فضلا عن تقييم الأداء لكل الشركات وصرف المستحقات الشهرية من خلال لجنة يشارك فيها المواطنون أو ممثلوهم لرفع مستوي النظافة.