الأوقاف عن فيديو المشاجرة داخل المسجد: حفظ هيبة بيوت الله واجب شرعي ووطني    ننشر تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء مع أعضاء اللجنة الاستشارية لتنمية الصادرات    جيش الاحتلال يقر باغتيال الصحفي حسن إصليح بخطة مسبقة مع الشاباك    الدوري المصري، فوزي الحناوي يتوج رجلا لمباراة حرس الحدود والبنك الأهلي    الشباب والرياضة ببنى سويف تحتفل باليوم العالمى للصحافة    إخلاء سبيل نجل خالد النبوي في اتهامه بدهس نجل موظف    مي فاروق تشوق الجمهور لحفلها في دار الأوبرا: «هستناكم علشان وحشتوني»    أثناء تكريمه.. «دي نيرو» يهاجم ترامب من مهرجان كان: «عدو للفنون»    وربيرج: نسعى لنكون شريكًا أساسيًا وندرك حرية دول المنطقة    فتحى عبد الوهاب: العلاقة تاريخيا ملتبسة بين الإخراج والإنتاج ويشبهان الأب والأم    هل تعليق الصور في البيوت يمنع دخول الملائكة؟.. أمين الفتوى يحسم    من بين 80 غزوة.. علي جمعة يكشف عدد الغزوات التي شارك فيها النبي؟    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    قرار بتعديل تكليف خريجي دفعة 2023 بالمعهد الفني الصحي بقنا إلى المستشفيات الجامعية    احذر- علامات تدل على نقص فيتامين ه بجسمك    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان لبحث سبل تعزيز التعاون    محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    وكيل الصحة بالمنوفية يتفقد القومسيون الطبي لبحث تطوير الخدمات    وزير خارجية سوريا: رفع ترامب العقوبات عن بلادنا نقطة تحول محورية    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    د. أسامة السعيد يكتب: ساعات فى رحاب المجد    محافظ الدقهلية: 1457 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية الخليج مركز المنصورة    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    "فخور بك".. كريستيانو يحتفل بأول ظهور لنجله مع منتخب البرتغال (صور)    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    انطلاق مسيرة دعم وتمكين فتيات «ريحانة» بمركز شباب أبنوب بأسيوط    ننشر الصورة الأولى لشاب ألقى بنفسه في ترعة الإسماعيلية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    كشف ملابسات فيديو يتضمن تعدى شخصين على سيدة بالضرب في الدقهلية    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    مصدر ليلا كورة: لا توجد أزمة في خروج حسام عبد المجيد لأداء امتحان ثم عودته    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    استلام 145 ألف طن من القمح المحلى بمواقع التخزين بالصوامع والشون فى بنى سويف    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    كييف تعلن إسقاط 10 طائرات مسيرة روسية خلال الليل    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة مبارك تمثيلية فاشلة من إخراج الديب‏
نشر في الأهرام المسائي يوم 18 - 09 - 2011

ربما لم يحظ هاملت ودون كيشوت بما حظي به كمبورة من حضور في مصر‏.‏ لقد دخلت شخصيات مصطفي حسين كل بيت‏,‏ وصارت علي كل لسان‏,‏ هي نفسها صارت لسانا في كل فم‏.‏
غريب مصير الشخصيات التي يلدها الخيال‏..‏ تولد وتعيش كالإنسان تأخذ اسما وملامح مثله لكنها علي العكس منه‏..‏ لا تموت‏!‏كنت من الأسبوع إلي الأسبوع انتظر ما سيقوله فلاح كفر الهنادوة للبيه عاطف صدقي‏,‏ كنت في الجامعة وقتها وأخبار اليوم كنت شغوفا بهاأكثرمن كونها جريدة‏.‏ ومقالات صلاح حافظ ومحمود السعدني وحوارات هيكل وكاريكاتير مصطفي حسين وأحمد رجب كانت تعويضا كافيا عن الانتظار‏.‏
علي أن مصطفي حسين قد ربح الشهرة والجوائز وخسر فنه فالرجل نسي التشكيلي بداخله وتفرغ للصحفي‏.‏
‏*‏ سألت مصطفي حسين أولا عما ربح وما خسر في رحلة الحياة وهو بتنهيدة أجاب‏:‏
‏**‏ اتفق معك في أنني خسرت الفنان التشكيلي بداخلي لكنني مازلت أحاول تعويضه كانت تشغلني جمعية الكاريكاتير ونقابة التشكيليين والأعباء الإدارية لكنني تخلصت منها وأحاول الآن العودة إلي البورتريه بالذات‏,‏ وربما أقيم معرضا في الفترة القادمة بعنوان‏100‏ بورتريه‏.‏
‏*‏ متي تشعر أن البورتريه قد انتهي ولا يحتاج حتي إلي لمسة أخري؟
‏**‏ هناك لحظة‏,‏ وهي فارقة بين فنان وآخر‏,‏ انني لو ظللت أجود فيه قد أفقده‏.‏
‏*‏ يفقد العمل تلقائيته؟
‏**‏ بالضبط‏,‏ تفقد الإحساس بطزاجته‏.‏
‏*‏ هناك إذن شعرة بين الفن والصنعة؟
‏**‏ ليس أكثر من شعرة‏.‏
‏*‏ وما خسائرك الأخري؟
‏**‏ أعتقد أن العمل بالصحافة مكسب‏,‏ لأن الجريدة معرض دائم لأعمالي‏.‏ لو أنني أقمت معرضا‏..‏ كم واحدا سيزوره؟ الجريدة تتيح لك الآلآف وربما أحبوه أكثر‏,‏ لأن الشعب المصري للأسف مش متربي تشكيليا‏.‏ وهذه مشكلة لو أننا نتذوق الفن التشكيلي ستجد طوابير أمام المتاحف والمعارض‏.‏ المهم أن الصحافة معرض يومي وهذه ليست خسارة فادحة كما تقول وهذه لقطة جيدة جدا هي أن الفنان التشكيلي يحن دائما لفنه‏,‏ لأن الصحافة من جهة أخري عبء‏,‏ والعمل اليومي لا يتيح لك التجويد‏,‏ ثم إن القارئ ديكتاتور لا ترضيه فكرة نص نص‏,‏ بيرمي الجورنال‏,‏ ومشكلاتنا كثيرة والبحث عن ابتسامة هو بحد ذاته مشكلة‏!‏
‏*‏ خسرت أصدقاء بسبب رسوماتك؟
‏**‏ ندمت علي بعض الرسومات‏,‏ كان هناك وزير للتعليم‏,‏ رجل عظيم أسمه حلمي مراد‏..‏ هاجمته‏,‏ وعندما جمعتنا جلسة وجدته علي خلق‏,‏ كان شبه كامل ولم يعاتبني حتي فشعرت أنني كنت فجا في الهجوم عليه‏.‏
‏*‏ هل هنا أشخاص آخرون؟
‏**‏ يختلف استقبال الناس للكاريكاتير خاصة إذا كانوا مسئولين لكن عاطف صدقي رحمه الله كان يتقبل كل شيء‏.‏
‏*‏ بماذا كان يعقب؟
‏**‏ كان يتصل بي ويقول‏:‏ هو إنت عملت الرسمة الحلوة دي إزاي‏!‏
‏*‏ رغم أن فلاح كفر الهنادوة خبيث‏,‏ والواد ابن أبوسليم كان بلسان زالف؟
‏**‏ جدا جدا‏,‏ كانوا في منتهي الرزالة‏.‏
‏*‏ ألم يعاتبك قط؟
‏**‏ لا والله‏,‏ مرة التقينا في السفارة الأمريكية بمناسبة احتفالهم بعيد الاستقلال‏,‏ وكان فلاح كفر الهنادوة قد ظهر في كتاب‏,‏ فقال لي صدقي‏:‏ أين نصيبي‏,‏ هو مش أنا بطل الكتاب‏!‏ وضحكنا‏.‏
‏*‏ ومن من المسئولين كان يأخذ رسوماتك علي محمل شخصي؟
‏**‏ في البداية كان الدكتور محمد الرزاز‏.‏
‏*‏ وزير المالية الأسبق؟
‏**‏ لكننا أصبحنا بعد ذلك صديقين‏,‏ لدرجة أنه كان قد خرج من الوزارة وزارني وأنا مريض‏.‏
‏*‏ ما الشيء الذي تحرمه علي ريشتك؟ الحياة الشخصية مثلا؟
‏**‏ طبعا
‏*‏ حدث أن تعرضت لمبارك شخصيا ولو تلميحا؟
‏**‏ في بعض الرسوم‏,‏ تلميحا‏.‏
‏*‏ هل فهم أو اتصل بك؟
‏**‏ كان يتصل بي عندما يوافق الكاريكاتير هواه ومرة اتصل بي يقول لي فكرة كاريكاتير‏.‏
‏*‏ ما هي ؟
‏**‏ كان هناك مرشح في أمريكا اسمه دوكاكيس سقط فقال لي مبارك دوكاكيس جاي مصر يرفع قضية تزوير انتخابات‏!‏
‏*‏ وماذا قلت له؟
‏**‏ قلت له‏:‏ ياريس دي تنشر علي‏13‏ عمود‏(‏ وقلب حسين يده ثم أضاف نكاية في البكاء‏..)‏ طبعا مافيش‏13‏ عمود في أي جريدة‏!‏
‏*‏ وأنت تواجه المرض‏,‏ هل كان الفنان بداخلك متجردا ينفصل عنك ويتفرج عليك؟
‏**‏ قبل العلاج كنت مستخفا بما قد ينتج عنه من ألم‏,‏ كنت أندهش وأسأل‏:‏ لم يتألم الناس ولماذا يخافون من الكيماوي لكن بعد أسبوع من العلاج وجدت نفسي خرقة بالية لم أكن أعي كنت أبكي بكاء مرا لا يمكن وصف الألم‏.‏
‏*‏ ماذا أعطي لك المرض غير الصبر؟
‏**‏ هذب روحي‏.‏
‏*‏ عبرت عن هذه التجربة؟
‏**‏ لا‏,‏ لم أعرف‏.‏ ماذا يمكن أن أقول‏.‏
‏*‏ ألم تتمن وقتها أن تكون كاتبا؟
‏*‏ أنا جربت الكتابة لكن نفسي غير طويل‏.‏
‏*‏ عندما تطل الشخصية الكاريكاتورية من الشاشة هل تخصم منها الدراما‏,‏ أم تضيف إليها‏.‏
‏**‏ تخصم منها الكثير لسبب أنها تحذف خيال القارئ في تجربة‏'‏ ناس وناس‏'‏ كان أيامها فلاح كفر الهنادوة في عز مجده ومحمد هنيدي لطيف‏,‏ لكنه ليس الفلاح الخبيث اللئيم الذي يكلم رئيس الوزراء بإصبعين مثل شفيق نور الدين‏,‏ لم يكن هنيدي هو هذا الفلاح‏,‏ فلاح الكفر علي الورق كان أغني‏.‏
‏*‏ لمن تدين بموهبتك؟
‏**‏ حي الحسين‏,‏ هناك تربيت وعرفت كل النماذج حتي المباني هناك كانت مختلفة‏..‏ الجمالية وقصر الشوق وبيت القاضي ولدت في العوالم التي صورها نجيب محفوظ بيئة غنية بالوجوه ومازلت أحفظ كل حجر هناك‏,‏ كنت أركب العجلة وأمشي طوال الوقت في هذه الشوارع وكنت العب مع بقية الأطفال في كل ركن‏.‏ أعرفها زاوية زاوية وأعرف من يسكنها كنت أعرف عن الحي كل شيء‏.‏
‏*‏ علاقتك بيدك‏,‏ كيف هي؟
‏**‏ أعتقد أن يدي تدربت جيدا علي مدي سنين طويلة كانت بتعصلج في البدايات لكنني بمرور الوقت استطعت تطويعها‏.‏
‏*‏ هل هناك تكوين معين لليد بحيث نعرف عندما نري يدا ما أن صاحبها رسام؟
‏**‏ هناك أعصاب معينة‏,‏ لو أن الأعصاب توترت ستفقد اليد لمستها‏.‏
‏*‏ متي بدأ شغفك بالألوان؟
‏**‏ وأنا صغير كانت كراريس الرسم دائما في يدي‏,‏ في ابتدائي كنت أرسم أنور وجدي وليلي مراد والملك فاروق والملك فؤاد‏,‏ كنت أرسم علي كل شيء‏..‏ بلاط حوش البيت‏,‏ الحيطان‏.‏
‏*‏ جربت الفقر؟
‏**‏ طبعا‏,‏ لأنه بعد وفاة أبي تعب جدي وكان من أكبر تجار السجاد في خان الخليلي المهم أنه مات فاستولي عمي غير الشقيق علي كل شيء وكان رجلا فظا قاسيا فاضطررنا للعيش علي إيراد البيت‏.‏
‏*‏ اضطرتك الظروف للعمل؟
‏**‏ لا‏,‏ دخلنا كان علي قد مصروفنا لكن أول شغلانة لي كانت عندما تولي محمد نجيب فقد كان يزور المشيخة المرازيقية بحي الحسين فقالوا عايزين نعمل رسمة لمحمد نجيب وعملت الرسمة الكبيرة المطلوبة ولم أطلب قرش صاغ من أحد لكن ولد صاحبي أروبة قال لهم‏:‏ لا‏,‏ لازم تعشونا عند العجاتي‏,‏ كان صاحبي يتحدث باسمي‏,‏ وبعد الزيارة ودونا وطلبنا اللي إحنا عايزينه‏.‏ كان هذا هو أول أجر أحصل عليه‏.‏
‏*‏ هل ظلم محمد نجيب؟
‏*,‏ طبعا‏,‏ وكان إنسانا في غاية البساطة وعلي سجيته إلي درجة مفرطة؟
‏*‏ تعتبر نفسك واحدا من أبناء عبدالناصر؟
‏**‏ أكيد‏.‏
‏*‏ ما أخطاؤه؟
‏**‏ عبدالناصر كان يعاني من كبت شديد جدا جدا بداخله‏,‏ كان ذلك محسوسا‏,‏ ولاشك أن عبدالناصر نهض بمصر والعرب نفسيا لكن في الداخل ما كنش حد يقدر يتنفس ولا يقول بم حتي‏!‏ كنا نخاف من بعضنا ونتجسس علي بعضنا‏,‏ كانت العيون والآذان مفتوحة ومستعدة لتحصي عليك أنفاسك‏.‏
‏*‏ والسادات؟
‏**‏ عبدالناصر‏,‏ السادات‏,‏ مبارك‏,‏ كل واحد فيهم وطني بأسلوبه‏.‏
‏*‏ أنت اقتربت من السادت‏.‏ ماذا رأيت ولم تحكه من قبل؟
‏**‏ كنت أشعر أنه ابن بلد‏.‏
‏*‏ مقاطعا أعتقد أنه كان يصطنع هذه الحالة؟
‏**‏ لا‏,‏ كانت هذه طبيعته‏,‏ كنت أرسم ذكرياته التي كان ينشرها في جريدة مايو‏.‏
‏*‏ هل كان يعلق علي ما ترسمه؟
‏**‏ آه‏,‏ كانت بتعجبه فيما عدا بعض الرسوم‏.‏
‏*‏ مثل؟
‏**‏ أثناء رسم مذكراته‏.‏
‏*‏ البحث عن الذات؟
‏**‏ رسمته في الطريق إلي نادي السيارات‏,‏ وكانت السيدة جيهان أمامه‏,‏ فالطبيعي أن تبدو أكبر حجما وهكذا يتدرج منظور الصف‏,‏ الأكبر فالأصغر‏..‏الخ‏,‏ فقال لي‏:‏ مالك عملني صغير كده ليه؟‏!‏
‏*‏ قالها بهزار أم كان متجهما؟
‏**‏ بهزار‏.‏
‏*‏ كيف كان رد فعله؟
‏**‏ ضحك ولم تكن هناك أدني مشكلة؟
‏*‏ هل كان مبارك يتمتع بحس الفكاهة؟
‏**‏ لا‏.‏
‏*‏ تتذكر آمثلة؟
‏**‏ علق مرة علي إحدي الرسوم‏,‏ عندما احتجزت أمريكا الطائرة المصرية‏,‏ عملنا رسمة عن متحف الكزموبوليتان وأيزنهاور وماك آرثر‏,‏ وعملنا تمثالا لريجان‏,‏ فاتصل بي مبارك وقال لي‏:‏ أنا بقي لي كتير ما ضحكتش‏,‏ لكن الرسمة دي ضحكتني‏,‏ وعشان كده قلت لهم ينشروها في وكالات الأنباء‏,‏ ومرة كنت اتسلم منه جائزة الدولة التقديرية‏,‏ طلبت منه دعما لنقابة التشكيليين فقال لفاروق حسني‏:‏ إديله دعم ده بيعملنا كاريكاتير يومي‏!‏ علاوة علي أنه سأل عني أثناء المرض واتصل بي أكثر من مرة‏.‏ وأنا ممتن لذلك لكن حكاية الفساد الذي تورط فيه هو وأولاده فاجأتني لم تكن لدي أدني فكرة عنها‏.‏
‏*‏ ولو كنت عرفت‏,‏ هل كنت سترسم عنها شيئا؟
‏**‏ طبعا‏,‏ ولو بالرمز‏,‏ لا تنس أنني مازلت في حالة حرج‏,‏ الرئيس اهتم بمرضي‏.‏
‏*‏ وسوزان‏..‏ ما الذي فاجأك فيها؟
‏**‏ نفس الحكاية‏.‏
‏*‏ ألم تقترب منها ؟
‏**‏ رأيتها كثيرا في افتتاح المعارض؟
‏*‏ ماذا عن تذوقها الفن؟
‏**‏ كانت تتذوق وتعلق علي الأعمال‏..‏ في إحدي المرات علقت علي لوحات الفنانة سهير‏..‏ سهير مش فاكر سهير مين‏,‏ قالت سوزان لفاروق‏:‏ الحاجات دي لازم تظهر‏.‏
‏*‏ للتاريخ‏..‏ هل تعرف ما إذا كانت مدت يدها علي الآثار أو المقتنيات أو اللوحات‏..‏ إلخ؟
‏**‏ أشك‏,‏ بص حكاية لوحة الخشخاش لو أنها أرادت هذه اللوحة‏,‏ كان بإمكانها أن تكلم فاروق حسني يجيبهالها‏!‏
‏*‏ إزاي؟
‏**‏ من المتحف‏,‏ كان ممكن‏,‏ لكن هاتاخدها مقصوصة ومشوهة‏!‏ ليه‏!‏ مش ممكن؟
‏*‏ كلمني عن خالد محيي الدين؟
‏**‏ كان إنسانا رقيقا جدا‏.‏
‏*‏ هل مارس عليك دور الرقيب؟
‏**‏ اطلاقا‏.‏
‏*‏ وإبراهيم سعدة؟
‏**‏ لم يمارس هو الآخر أي رقابة؟
‏*‏ هل نمت إلي علمك وقائع فساد تتعلق به؟
‏**‏ هناك تفاصيل فوجئت بها‏..‏ لا تنس أن حياتي في الجريدة هي عملي فقط‏,‏ لا أقعد لأسمع لكن كان هناك لغط كثير حول إبراهيم سعدة عن تجارته في أراض تملكها الأخبار و‏..‏ و‏,‏ لكني لا أتأكد ولا أتيقن من أشياء كهذه‏.‏
‏*‏ وممتاز القط؟
‏**‏ نفس الكلام‏,‏ لم يأخذ شيئا زيادة عن غيره‏,‏ لكن انتماءه للرئاسة كان فجا‏.‏
‏*‏ من أفضل رئيس تحرير عملت معه؟
‏**‏ أنيس منصور‏.‏
‏*‏ وأفضل رئيس مجلس إدارة؟
‏**‏ إحسان عبدالقدوس‏,‏ ويوسف السباعي‏,‏ لم يكن يفرض علي أي قيد‏,‏ كان بغاية التواضع‏,‏
‏*‏ هل تعاملت مع هيكل؟
‏**‏ لا‏,‏ لكنه كان رئيس مجلس إدارة هنا‏(‏ يقصد أخبار اليوم‏,‏ حيث نجري الحوار في مكتبه بالطابق الثاني‏),‏ وأذكر أن بيكار كتب كلمة تخصني‏,‏ كان بيكار قد ذهب إلي هيكل ليهنئه علي وجوده في أخبار اليوم‏,‏ فقال له هيكل‏:‏ إني أفكر في اختصار العاملين هنا‏,‏ كان يريد أن يرفت بعض الناس وأنا منهم‏,‏ فكتب بيكار ذلك‏..‏ قال‏:‏ عندما سمعت ذلك من هيكل كأنما لدغني عقرب‏.‏ وقلت له‏:‏ يمكنك أن ترفتني أنا‏,‏ لكن مصطفي حسين لا‏,‏ فرد عليه هيكل‏:‏ للدرجة دي‏!‏
‏*‏ لماذا أراد هيكل اختصارك؟
‏**‏ لا أعرف
‏*‏ كيف كان وقع قضية مصطفي أمين داخل المؤسسة‏,‏ صدقتم أنه جاسوس‏,‏ هل حملتم هيكل أي مسئولية؟
‏**‏ نعم حملنا هيكل المسئولية‏,‏ كان يتردد ذلك‏,‏ أنا كنت صغيرا وقتها ولم تكن درجة إختلاطي بالوسط الصحفي تمكنني من معرفة الحقائق لكن قيل في دهاليز الجريدة ان هيكل هو الذي دبر له القضية‏,‏ مصطفي أمين كان إنسان كويس‏,‏ أول ما دخلت أخبار اليوم سنة‏1926‏ كان يترك مكتبه ليطلعني علي كاريكاتير الصفحة الأولي‏,‏ وكان يحضر لي أدوات الرسم من لندن في وقت كانت فيه هذه الأدوات عزيزة‏,‏ لم نشعر في أعماقنا بأن هذا الرجل يمكن أن يكون جاسوسا‏!‏ كانت هناك اتصالات مع الأمريكان وقتها‏,‏ وكان هناك تكليف له من عبدالناصر‏.‏
‏*‏ ألم تخدم النظام؟
‏**‏ خدمت النظام بعملي‏,‏ خدمت نظام السادات وقت الهجوم علي القذافي‏,‏ كان هناك رسام في ليبيا اسمه الزواوي كان يرسم السادات وهو يحشش‏,‏ فأثارتنا رسومه التي تتطاول علي رئيس الجمهورية‏,‏ فعملت مع أحمد رجب القصرية‏,‏ وكانت البداية‏,‏ هذه مساندة للنظام‏,‏ لاجدال في ذلك‏.‏
‏*‏ بدون مقابل‏,‏ ألم يكافئك النظام أنت أو أحمد رجب علي خدماتكما؟
‏**‏ إطلاقا‏.‏
‏*‏ ألم تخدم حسني مبارك أو سوزان؟
‏**‏ علي الإطلاق‏.‏
‏*‏ صحبة أحمد رجب‏..‏ ماذا أعطت وماذا أخذت من مصطفي حسين؟
‏*,‏ أعطتني الكثير جدا‏,‏ تركيبة أحمد رجب الفنية فريدة في اختياره للسخرية‏,‏ أحمد يستدرجك في الكلام بحيث يمكنك تخمين النهاية‏,‏ لكنه يفاجئك بنهاية أخري مختلفة تماما عما توقعت‏.‏
‏*‏ كيف تعاملت مع كلمته القاسية بأنه صنعك ويستطيع أن يأتي بأي واحد من الشارع‏,‏ ليصنع منه مصطفي حسين آخر؟
‏**‏ كان هذا أثناء الخصام‏,‏ وكانت كلمة ثقيلة جدا‏,‏ لا أحد يصنع أحدا‏,‏ لا أحد يستطيع صناعة موهبة‏.‏
‏*‏ هل عاتبته؟
‏**‏ لا‏,‏ لكنه أثناء مرضي أظهر موقفا إنسانيا هائلا‏,‏ فقد اتصل بالرئاسة وبزكريا عزمي‏,‏ وكتب أنه مادام مصطفي حسين عيان فأنا عيان‏,‏ وربما كان موقفه هذا هو الذي حرك الدولة لعلاجي‏.‏
‏*‏ وماذا أخذ منك؟
‏**‏ أحمد ديكتاتور في آرائه‏,‏ ومواعيده بايظة‏,‏ لكننا استمرينا لأننا نقيضان‏,‏ هو ملهلب علي طول وأنا أميل إلي البرود‏.‏
‏*‏ كيف كان موقفك من ثورة‏25‏ يناير؟
‏**‏ في البداية اعتقدت أنها مجرد هوجة‏.‏
‏*‏ نتيجة يأسك من قدرة الناس علي التغيير أم رغبتك في استمرار النظام؟
‏**‏ لما لقيت الولاد واقفين قصاد المصفحات اندهشت‏,‏ قلت‏:‏ ياه‏..‏ إحنا كده؟ فيه حد كده‏!‏ واقفين بجد‏,‏ ساعتها أدركت أننا اختلفنا‏.‏
‏*‏ لم تذهب إلي ميدان التحرير؟
‏**‏ ظروفي الصحية لم تساعدني؟
‏*‏ ألم ترسم ضدها؟
‏**‏ بيقين‏..‏ لا ضد الثورة‏,‏ لا
‏*‏ لا قبل الثورة ولا في أثنائها؟
‏**‏ بعد الخطاب الأول لمبارك‏,‏ ولم تكن الصورة قد وضحت بعد‏,‏ رسمت مبارك علي أنه ضوء كالشمس‏!‏ وهناك رسمة أخري لحسن نصر الله‏,‏ عندما رأيته يتحدث عن ثورتنا رسمته بذيل يحترق‏!‏ لكن هذه الرسمة فهمت خطأ ايضا وضموها للهوهوة‏!‏
‏*‏ هل شعرت بالندم علي أنك رسمت الرئيس المخلوع مثل ضوء الشمس؟
‏**‏ آه طبعا‏,‏ ولو أن مبارك حوكم محاكمة عادلة وأدين سامسح الود الذي أحمله له بأستيكة‏.‏
‏*‏ بماذا تشعر الآن حين تراه في قفص الاتهام؟
‏**‏ والله بحس أن التمثيلية شكلها وحش أوي‏,‏ الاخراج سيئ‏.‏ وجوده علي التروللي ويخش وهو نايم‏,‏ ما يلبس بدلة ويقعد علي كرسي متحرك؟
‏*‏ هل تشعر أن فريد الديب وراء هذه التمثيلية؟
‏**‏ فريد الديب صديقي‏,‏ لكنه عامل تمثيلية فاشلة‏.‏
‏**‏ لم تر في موقفه ما يستفزك علي الرسم؟
‏**‏ هناك مشكلات أكبر منه بكثير‏.‏
‏*‏ هل لديك تفسير له؟
‏**‏ محب للشهرة الزيادة‏.‏
‏*‏ ما الشخصية السياسية التي كنت تشعر انها خرجت من رسمة كاريكاتير؟
‏(‏ بعد تفكير لم يسعفه بشيء‏)‏
‏*‏ القذافي مثلا؟
‏**‏ والله‏.‏ القذافي مظبوط
‏*‏ هل اتصل بك او جمعتكما اي مناسبة بعد القصرية؟
‏**‏ بعد حرب الخليج قال لي ماهر أباظة سمعت القذافي يقول لمبارك‏..‏ هو الأخ مصطفي عامل ايه مع الاخ صدام؟
هو فاهم اني شغال قصاري مثلا‏!‏ فجمعت رسومي عن صدام حسين واعطيتها في البوم لمصطفي الفقي‏,‏ ليعطيها للقذافي‏.‏ قلت‏:‏ هذه نصف مصالحة‏,‏ لأن القذافي وقتها كان يمثل خطرا وعايز يموتنا‏,‏ فقلت أتقي شره وأبعت له الرسوم دي‏,‏ عشان يعرف انه مش لوحده‏.‏
‏*‏ أين تقع اسرائيل علي خريطة رسوماتك؟
‏**‏ حاول الإسرائيليون الاتصال بي بكل الطرق ورفضت‏,‏ حتي انهم ذهبوا الي المطعم الذي امتلك حصة فيه‏,‏ لكني لم أذهب‏.‏ وقابلت مسئولة اسرائيلية مع وفد من الرسامين الاسرائيليين‏,‏ فرسمت هوة بين جبلين‏,‏ ليعرفوا انه لن يكون هناك لقاء‏*‏ هل أجبر رسمك احدا علي الاستقالة‏,‏ او اقيل احد بسببك؟
‏**‏ لا أظن‏.‏
‏*‏ لم يكن الرئيس المخلوع يستجيب لرسمة او مقال؟
‏**‏ الشلة التي أحاطت بمبارك كانت تسيطر علي افكاره
‏*‏ من منهم تحمله مسئولية إفساد مبارك؟
‏**‏ ابنه وزكريا عزمي
‏*‏ ألا تعتقد معي ان انتقادك للوزراء ورئيس الوزراء كان بديلا عن انتقاد مبارك؟
‏**‏ تلمست الطريق لانتقاد مبارك بالرمز‏,‏ رسمت عربة يستعد لقيادتها وكتبت انها بحاجة للكشف علي السلندر
‏*‏ ما الأخطاء التي أودت بمبارك وحكمه؟
‏**‏ الفساد المالي والمسئولون عديمو الضمير‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.