اعتقد الكثيرون أن ذوق الجمهور سيتغير بعد ثورة(25 يناير) وستختفي الأفلام الهابطة من دور العرض السينمائية خاصة أن معظم أفلام الموسم الصيفي كان يغلب عليها طابع السياسة. وكانت المفاجأة وفقا لتقرير وكالة أنباء الشرق الأوسط أن جميع الأفلام التي تم تقديمها في هذا الموسم تنتمي إلي نوعية أفلام الفن الهابط, ومن المستحيل أن يشاهد أحد الفيلم مع أسرته نظرا للكم الكبير من الألفاظ الخادشة للحياء التي تتضمنها هذه الأفلام وهو ما حدا بالكثير من شباب الفيس بوك إلي اتهام هذه الأفلام بالاساءة للثورة وتشويه صورتها. وأول الأفلام التي أثارت استياء الجمهور هو فيلم( شارع الهرم) الذي يقوم ببطولته سعد الصغير ودينا حيث تم تدشين أكثر من(50 جروبا) لمقاطعة الفيلم, وأكد مؤسسوها أن السبب في مقاطعة الفيلم يعود إلي أنه يجمع بين الرقص والغناء بطريقة مسفة. وتساءلوا: هل هذه هي مصر التي نريدها بعد الثورة؟ وأضافوا' هؤلاء أخذوا ملايين في أشياء تافهة ولما قامت الثورة كانوا ضدها والآن ركبوا الموجة', لذلك تضمنت العديد من صفحات المقاطعة تصريحات سعد الصغير الإعلامية التي أكد فيها أن' الغناء أكل عيش ومبارك مثل والده ويرفض إهانته ولو خيروه بين أن يترك الغناء ومحاكمة مبارك لاختار أن يترك الغناء حتي لا يحاكم مبارك وذلك حتي يعلم الجمهور أن سعد كان ضد الثورة ولم يكن يوما مع الثوار. أما فيلم' تك تك بوم' الذي يقوم ببطولته محمد سعد ودرة فقد اتهم هو الآخر بالإساءة للثورة بالرغم من أن سعد حاول التخلص من عقدة اللمبي وتناول أحداث الثورة في الفيلم إلا أن الفيلم لم يعجب الجمهور حيث تدور قصته حول تيكا( محمد سعد) صانع بمب في إحدي الحارات الشعبية تحدث له مفاجأة غير متوقعة حيث تقوم ثورة(25 يناير) أثناء احتفاله بزفافه علي قطيفة( درة). وتقع الحارة في براثن عصابات البلطجية التي يقودها محمد لطفي فيتصدي تيكا لعصابات البلطجية, ثم يتم القبض علي تيكا من قبل قوت الجيش ويتم اتهامه بالبلطجة, وفي السجن الحربي يلقي العجب, حيث يلتقي بالضابط المنفلوطي( الشخصية التي سبق أن قدمها في فيلم اللي باللي بالك) وقد تحول هذا الضابط الذي يحمل رتبة عميد, إلي ضابط شرس يطلق الرصاص بشكل عشوائي علي المتظاهرين فيصيب منهم الكثير ثم يتهم تيكا بقتل بعض الجنود, إلي أن يثبت العكس ويتم الإفراج عنه. وهو الأمر الذي دفع الكثيرين إلي اتهامه بالإساءة لثورة(25 يناير) حيث قدمها سعد علي أنها حدث يعطل كل مشاريعه الحياتية وأهمها مشروع زواجه من حبيبته التي يجد صعوبة في الاختلاء بها, هذا بجانب اعتماده علي الاستعانة بالسذاجة التي لم تعد تضحك الجمهور حيث اعتمد علي إفيه مكرر وهو البحث عن مكان خارج جمهورية مصر العربية بسبب أحداث الثورة. لذلك يفكر في أن يقضي شهر العسل في الإسكندرية أو رأس البر فيكتشف أنها ضمن أجزاء جمهورية مصر العربية وتحت حكم الرئيس المخلوع ويضاف الي ذلك أن ربط أحداث الثورة بليلة الزفاف فكرة سيئة لأن الفيلم من المفترض أن يشاهده جميع أفراد الأسرة. أيضا فيلم( أنا بضيع يا وديع) أثار هو الآخر استياء الجمهور بسبب تضمنه لكم كبير من الألفاظ الخادشة للحياء فمثلا في أحد المشاهد يدور حوار دائر وديع الذي يجسده الفنان الشاب أيمن عادل الشهير بوديع مع أمجد عابد الشهير بتهامي بيه يقول له' إنت معرضها شوية' فيرد عليه:' ما البلد كلها ماشية بالتعريض', وكذلك جملة أخري يقولها تهامي:' ما تيجي نعمل بروفا علي ليلة الدخلة', وغيرها من الشتائم الصريحة والكلمات والمشاهد المثيرة. ويضاف إلي ذلك أن قصة الفيلم أساءت للثورة حيث تدور قصته حول منتج سينمائي يعاني من أزمة اقتصادية مع الضرائب ولذلك يستعين للخروج من أزمته بخبير مالي, يقنعه بأن الحل يتلخص في تقديم فيلم سينمائي يلقي فشلا ذريعا وفي رحلة بحث المنتج السينمائي عن فكرة فيلم فاشل يفكر في عمل فيلم عن حرب أكتوبر علي أساس أن الجمهور لا يطيق سيرة الأفلام الوطنية أو التاريخية, وهو الأمر الذي دفع الجمهور إلي اتهام صناع الفيلم بالإساءة للثورة ولم يحترموا مشاعر الشباب المصري الذي ضحي بنفسه من اجل الحرية. ولذلك تم إنشاء أكثر من جروب علي الفيس بوك لمقاطعة الفيلم كان أبرزها حملة( مقاطعة الفن الهابط) ورفع أعضاء هذه الصفحة شعارا بعنوان' نعم نستطيع أن نفعلها ولكننا محتاجون أن نتحرك ونكون ايد واحدة إحنا في بداية الطريق وإن شاء الله البلد هتنضف علي إيد شبابها', ووصف أعضاء هذه الصفحة هذه المقاطعة والدعوة لها بمثابة ثورة علي الفن الهابط لأن من سبل التقدم الارتقاء بالفنون ومن بينها السينما. ووصف أعضاء الصفحة الفيلم بأنه' كارثة أخلاقية' لأنه يحمل انحدارا أخلاقيا لا يليق بمصر بعد الثورة. وبجانب حملات المقاطعة فقد تم رفع قضية ضد الفيلم حيث قام المحامي عبدالحميد شعلان برفع دعوي قضائية حملت رقم2599 للمطالبة بإيقاف عرض الفيلم حيث قال فيها إنه فوجئ أثناء مشاهدته لفيلم أنا بضيع يا وديع بعدد كبير من المشاهد والإيحاءات الجنسية. من جانبه يري الناقد يوسف شريف رزق الله أن أفلام هذا الموسم تبحث عن الربح السريع فقط وأن فيلم محمد سعد هو الذي أساء للثورة فقط حيث تناول الثورة واللجان الشعبية بشكل هزلي وهو أمر مرفوض تماما فالسينما لم تسخر من ثورة23 يوليو فالأفلام التي تناولت الثورة تناولتها بشكل محترم وحتي الذين اختلفوا مع الثورة وأهدافها لم ينتقدوها بشكل ساخر. كما أننا من الممكن أن نصنع أفلاما كوميدية لكن دون أن نسخر من الثورة والثوار ولا نتاجر بشخصيات أثرت في الثورة ونحولهم إلي سلعة تتم المتاجرة بها, لأن الثورة ليست مجرد مناسبة نستغلها في عمل تجاري. أما عن موقف الرقابة من هذه النوعية من الأفلام فيقول د. سيد خطاب رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية إن هناك العديد من الأفلام التي تتناول الثورة بشكل عام وحاولت أن تواكب الحدث ولكن توجد بعض المحاولات لتناول الثورة من جوانب أخري والمشكلة هنا أننا لا نستطيع منع حرية الرأي والإبداع, فكل مبدع يتحمل وجهة نظره الخاصة, ونحن لا نملك قانونا يحاسب الناس علي الأفكار, ولا نستطيع محاسبتهم علي القيمة الفنية للفيلم, ولو كان الأمر كذلك لرفضنا أغلب الأفلام المقدمة وتم صبغ السوق بلون فني واحد وبأفكار واحدة.