لو أنت معايا يبقي جميل.. ولو ضدي تبقي عميل قالها الكاتب جلال عامر وتجدها في كل نقاش يدور بين طرفين في مصر الآن إذ أصبح الآخر مرفوضا في الاجتماعات وفي الشارع وفي البيت. وكأن الثورة لم تقم وكأن مصر لم تتخلص من أهم ملامح30 عاما من رفض الآخر وتكميم الأفواه وتكبيل الحريات والاعتماد علي الرأي الواحد. الخطير حسب استطلاع سريع لصفحة الميدان أن ذلك بات الصورة الاساسية والرئيسية التي تجدها بين الاحزاب والقوي السياسية والائتلافات في كل شيء.. البرلمان.. والدستور.. والرئاسة.. والقوانين.. والحلول المطروحة.. ومواجهة تحديات الفترة الحالية والمقبلة. واللافت أن الخلاف علي الرأي الآخر أصبح بعيدا عن دولة القانون والديمقراطية والرؤي المتوازنة وتحالف ذلك الخلاف مع صدامات دون اقتناع, ونزاعات بلا قناعة, وأصبحت تلك الرؤي المتباينة بألوان متباعدة احدها إسلامي وثانيها ليبرالي, وثالثها ايديولوجي بلا ايديولوجية, ورابعها بلا لون ولا طعم ولا رائحة لأنها جميعا اختفت بفعل رفض الآخر وعدم قبول فكرة النقاش وصولا إلي الأفضل. وتكاد تتفق آراء الكثيرين في استطلاعنا علي أن مصر وهي تبدأ مرحلة متجددة بعد الثورة لابد وأن تبتعد عن الاهواء الشخصية والمصالح الخاصة بعد أن فشلت طوال30 عاما وألا يغيب عن معركة إعادة بنائها صورة واضحة المعالم اساسها احترام الآخر. وتفسر الدكتورة أماني مسعود أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حالة الفوضي التي تسيطر علي علاقة الاحزاب السياسية بالشارع بأنها حالة طبيعية في السياسة خاصة بعد عملية التغيير السياسي التي تحدث في أي دولة وقالت إنه تحدث في تلك الظروف حالة من السيول يمكن تفسيرها علي بعدين الأول فوضي العلاقة ما بين القوي السياسية بشكل عام ورجل الشارع العادي, فالقوي السياسية لم تنجح حتي الآن بعد ثورة25 يناير في إصلاح ما أفسده نظام ال30 عاما الماضية بما فيها أزمة الثقة بين المواطن والسياسة بشكل عام, أما بالنسبة للبعد الثاني وهو علاقة القوي السياسية ببعضها البعض فتقول إن هناك انقسامات عديدة فهناك من يريدها علمانية, والآخر إسلامية أو ليبرالية أو محافظة واختلفت وتباينت الايديولوجيات والآراء وبرغم أن التباين في بعض الاحيان يكون مفيدا لكن الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة فيري أن ما يحدث من تناقض في القرارات ودعم التوافق في بعض الأحيان وعدم قبول الرأي الآخر يرجع إلي التعددية المبالغ فيها في الأطراف والقوي السياسية الموجودة الآن خاصة ان هناك احزابا سياسية موجودة من قبل ثم أصبح هناك ايضا العديد من الاحزاب التي نشأت بعد ثورة25 يناير مثل الوسط والحرية والعدالة والنور ويري أنه لا بد من ايجاد نقاط توافقية واستراتيجية يتم الاتفاق عليها مع الجميع بصرف النظر عن توجهات الانتماء السياسي التي تثير الاختلافات بين الشعب والأمن أو بين الشعب والجيش أو بين الشعب والشعب, بحيث تكون مصلحة الوطن هي التي لها الأولوية حتي يتم تحقيق الأمن والاستقرار, فضلا عن اجتياز المرحلة الانتقالية بأقل ضرر ممكن