غيب الموت فجر أمس الروائي الكبير خيري شلبي عن عمر يناهز73 عاما, وتم دفنه في مسقط رأسه بقرية شباس عمير, مركز قلين, بمحافظة كفر الشيخ وسيقام العزاء بعد غد الاثنين بمسجد الشرطة طريق صلاح سالم. وكان الموت قد داهمه فجرا بعد أن استيقظ وتجهز لكتابة مقاله اليومي, وهو لم يكن يعاني من أي مرض وفقا لأسرة الراحل. لم يكن خيري شلبي المولود في31 يناير1938 كاتبا وروائيا فقط, لكنه كان أشبه بالمؤرخ الذي حاول رصد طبقات المجتمع المصري جميعا في كتاباته خاصة تلك الطبقات التي علي الهامش, فكان يقول عن نفسه إنه خبير بأزمات الشعب المصري وحياة القاع, وكان يقول أكتب عن المهمشين لأنهم أهلي لأننا من هؤلاء المهمشين فهم القاعدة العامة للشعب المصري الذي تم تهميشه بعد ثورة يوليو واتركن علي الرف. وظل الراحل يكتب ويبدع إلي اللحظات الأخيرة فالعمل بالنسبة له كان هو معني للحياة, ما بين مقالات ودراسات وروايات فهو الذي كان يؤكد دائما أن العالم لاينفد ولكن الذي ينفد هو طاقتنا علي الصبر فحينما يتسرب الينا الملل ونفقد قدرتنا علي الصبر سنرحل واذا احتفظنا بقدرتنا علي الجلد سنكتشف الكثير, مما يفيدنا وأهمها هو المزيد من الحكمة. ويعد خيري شلبي أحد الروائيين البارزين في مصر بعد مسيرة حافلة قدم فيها أكثر من70 عملا حصل خلالها علي جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام1981 وعلي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي بنفس العام, والتقديرية عام2005, كما حاصل علي جائزة أفضل رواية عربية عن رواية وكالة عطية.1993 وحصل صاحب الوتد علي الجائزة الأولي لاتحاد الكتاب للتفوق عام2002, كما حصل علي جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة عن رواية وكالة عطية2003, وجائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن رواية صهاريج اللؤلؤ.2002 وكانت مؤسسة إمباسادورز الكندية قد رشحته للحصول علي جائزة نوبل للآداب. وتنوعت كتابات شلبي في كل الفروع وكان دائم التجريب والإقدام علي إقتحام عوالم جديدة فكان يري الكتابة كالرياضة ان توقفت عنها لفترة تتيبس عضلاتك, هذا الإصرار علي العمل بإخلاص كان أساسا لتجربته الخاصة التي مزج فيها بين قراءاته للأدب العالمي وتجاربه الشخصية والسير الشعبية التي إستفاد منها أكثر من كل التجارب العالمية, يحسب روائية, فكان هو نفسه بمثابة إمتداد لتلك السير الشعبية والمواويل, إذ كان دارسا للفولكلور وملما به, وكان الراحل يؤكد دائما علي أن دراسة الفلكلور القومي يساعد علي فهم طبيعة وأعماق الشخصية القومية, مما يقدم إفادة مطلقة للكاتب. لم يشغل الإعلام ولا المناصب بالا للراحل إلا أنه تولي عددا منها فكان رئيس تحرير مجلة الشعر لعدة سنوات, وكان مقرر للجنة القصة بالمجلس الاعلي للثقافة, وكان رئيسا لتحرير سلسلة: مكتبة الدراسات الشعبية التي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. وعلي مدار أكثر من30 عاما من الكتابة قدم أكثر من70 عملا منوعا ومن أشهر رواياته السنيورة, الأوباش, الشطار, الوتد, العراوي, فرعان من الصبار, موال البيات والنوم, ثلاثية الأمالي أولنا ولد- وثانينا الكومي- وثالثنا الورق, بغلة العرش, لحس العتب, منامات عم أحمد السماك, موت عباءة, بطن البقرة, صهاريج اللؤلؤ, نعناع الجناين. بالإضافة إلي صالح هيصة وكانت قصة شخصية مثيرة للجدل من عموم الشعب المصري لها آرائها الخاصة في الحياة, نسف الأدمغة, زهرة الخشخاش, وكالة عطية2007,صحراء المماليك2008اسطاسية وتناول فيها قصة عائلة فاسدة والعلاقات المتوترة بين المسلمين والأقباط2010 ومن مجموعاته القصصية: صاحب السعادة اللص, المنحني الخطر, سارق الفرح, أسباب للكي بالنار, الدساس, أشياء تخصنا, قداس الشيخ رضوان, وغيرها. وكان لخيري عدد من التجارب المسرحية منها صياد اللولي, غنائية سوناتا الأول, المخربشين. ومن أبرز دراساته: محاكمة طه حسين: تحقيق في قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي, أعيان مصر وجوه مصرية, غذاء الملكات دراسات نقدية, مراهنات الصبا وجوة مصرية, لطائف اللطائف دراسة في سيرة الإمام الشعراني, أبو حيان التوحيدي بورتريه لشخصيته, دراسات في المسرح العربي, عمالقة ظرفاء, فلاح في بلاد الفرنجة رحلة روائية, رحلات الطرشجي الحلوجي, مسرح الأزمة نجيب سرور وغير ذلك. كان خيري شلبي من أوائل من كتبوا ما يسمي الآن بالواقعية السحرية, ففي أدبه الروائي تتشخص المادة وتتحول إلي كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات وتؤثر وتتأثر, حيث يصل الواقع إلي مستوي الأسطورة, وتنزل الأسطورة إلي مستوي الواقع, ولكن القارئ يصدق ما يقرأ ويتفاعل معه. وعلي سبيل المثال روايته السنيورة وروايته بغلة العرش يصل الواقع إلي تخوم الأسطورة, وتصل الأسطورة في الثانية إلي التحقق الواقعي الصرف, أما روايته الشطار فإنها غير مسبوقة حيث إن الرواية من أولها إلي آخرها خمسمائة صفحة يرويها كلب, كلب يتعرف القارئ علي شخصيته ويعايشه ويتابع رحلته الدرامية بشغف. قدم بعض أعماله علي شاشة السينما منها فيلم الشطار مع المخرج نادر جلال عن رواية بنفس العنوان, وفيلم سارق الفرح مع المخرج داود عبد السيد عن قصة قصيرة. كما قدمت بعض أعماله في شكل دراما علي شاشة التليفزيون منها رواية وكالة عطية تناولها الممثل المصري حسين فهمي كعمل تليفزيوني في مسلسل يحمل نفس الاسم وتم عرضه في رمضان.2009 أما المسلسل الأشهر فهو الوتد من إخراج أحمد النحاس وقد حقق نجاحا كبيرا ونسبة مشاهدة عالية بطولة هدي سلطان ويوسف شعبان, ومسلسل االكومي عن ثلاثية الأمالي ومن إخراج محمد راضي. وقد كتب المؤلف السيناريو والحوار لكل من المسلسلين. ترجمت معظم رواياته إلي الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية والأوردية والعبرية والإيطالية, وخصوصا رواياته: الأوباش, الوتد, فرعان من الصبار, بطن البقرة, وكالة عطية, صالح هيصة. قدمت عنه عدة رسائل للماجستير والدكتوراة في جامعتي القاهرة وطنطا داخل مصر وخارجها في الرياض وأكسفورد وإحدي الجامعات الألمانية.