قلنا الأسبوع الماضي في نفس المكان إن العرض الأمريكي الجديد للسلام ليس سوي خدعة لضرب المصالحة الفلسطينية التي ترعاها مصر الثورة.. وإلهاء أبومازن عن الذهاب الي الأممالمتحدة للحصول علي اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية المستقلة بعدما فشلت جهود التسوية السلمية التي أطلقتها اتفاقيات أوسلو. واليوم نقول ان هجمات إيلات وبئر السبع التي تعد الأكثر دموية منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة حلقة اخري في السيناريو الاسرائيلي لافشال المسعي الفلسطيني بالذهاب الي الاممالمتحدة حيث جاء هذا الهجوم الدامي بغض النظر عن الجهة المنفذة ليقدم ذريعة لحكومة المتطرفين الاسرائيليين لتصعيد الموقف وقيادة المنطقة باتجاه دورة جديدة للعنف والعنف المضاد لقطع الطريق علي انتزاع الفلسطينيين حقهم في اعتراف العالم بدولتهم التي تقرها المواثيق والاتفاقيات الدولية. لقد التقط صقور وجنرالات اسرائيل هجوم إيلات ليطلقوا العنان للتصريحات المتغطرسة في كل الاتجاهات وليتوعدوا قطاع غزة المحاصر منذ عام2006 بالويل والثبور وعظائم الامور.. كما قامت المقاتلات الحربية بقصف القطاع واغتيال عدد من الابرياء العزل علي مذبح الانتقام الذي لاينتهي في تل أبيب ولايستبعد ان تتحول الغارات الانتقامية الي عدوان جديد علي قطاع غزة الخاضع لحكم حماس في مسعي جديد لانهاء حكم الحركة المستمر منذ14 يونية2007 بعدما فشل عدوان نهاية2008 في تحقيق هذا الهدف ولاسيما بعدما أخذ حصار حماس في التآكل مع اعادة تشغيل معبر رفح وتقدم المصالحة مع فتح وهو مالاترضي عنه تل ابيب وحكومة المتطرف نتنياهو وحليفه ليبرمان. إن المنطق كان يفترض من حكماء اسرائيل الانتظار لبعض الوقت لمعرفة قبل ان يسارعوا باطلاق الاتهامات والتهديدات علي حماس وغزة وكذلك الغمز في قناة سيناء وأكثر من هذا استشهاد ثلاثة مصريين علي الحدود في رفح بنيران عشوائية اسرائيلية بهدف اختبار اعصاب القيادة المصرية الجديدة.. وهي حيلة مكشوفة تماما لان السلام مع اسرائيل لم يكن ابدا دافعا الي الاسترخاء العسكري فخبرتنا مع الدولة العبرية وقادتها أنهم لايعرفون سوي لغة القوة. وأغلب الظن ان اسرائيل ستتبني سياسة حافة الهاوية في ردها علي هجومي ايلات وبئرالسبع لرفع وتيرة التوتر في المنطقة وليس بعيدا ان توسع دائرة الاتهام لتشمل عدوها اللدود حزب الله مستفيدة من السجال الدائر في لبنان حاليا علي خلفية رفض الحزب الشيعي تسليم عناصره الاربعة المتهمين بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. لقد بلغ الجنون الاسرائيلي منتهاه حيث بادرت تل ابيب الي اعلان حالة التأهب القصوي وإغلاق الحدود مع مصر.. وهو اجراء مبالغ فيه تماما وان دل فانما يدل علي ان ترسانة الأسلحة التي تستحوذ عليها اسرائيل لاتكفل الامن لمواطنيها ولا لعناصر جيشها الذين يضعون أيديهم علي الزناد. إن الطريق الوحيد كي يعيش الاسرائيليون في سلام ليس بتطوير اسلحة فتاكة او بناء القبة الحديدية وغيرها من وسائل الردع والدفاع بقدر التصالح مع النفس والتخلي عن الاراضي العربية المغتصبة في عدوان5 يونيو1967 وبدون ذلك ستظل المنطقة تعيش في حروب متواصلة تفصلها فترات هدنة مهما طالت.. فهل يعي قادة اسرائيل وحكماؤها مغزي هجومي ايلات وبئر السبع ام يواصلون دفن رؤوسهم في الرمال؟.. بقي ان نقول ان فتح جبهة خارجية افضل وسيلة لهروب نتنياهو من انتفاضة السخط التي تعم المدن الاسرائيلية احتجاجا علي سياساته.الجهة التي تقف وراء الهجوم علي ايلات وبئر السبع.