إن الناظر فى أحوال الناس اليوم يجد أن كثيرا من الناس لا يلقى السلام إلا على من يعرفه فقط أو إلا على صاحب هيئة معينة سواء كانت دينية أو دنيوية وقد أخبر النبى أن من علامات الساعة تسليم الخاصة، وهو أنْ يُلقِى الرجل السلام على من يعرفه، ويدع السلام على من لا يعرف فعن عبدالله ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة: أن يُسلِّم الرجلُ على الرجلِ لا يُسلِّم عليه إلا للمعرفة» رواه أحمد، والمسلم الحق لا يخص بالسلام من يعرفه فقط بل يسلم على جميع إخوانه المسلمين سواء عرفهم أو لم يعرفهم. وكان من أوائل ما علمه النبى لأصحابه بعد هجرته إلى المدينة هو إفشاء السلام فعن عبدالله بن سلام:قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ «أى خرجوا ونفروا إليه قبل مجيئه لانتظاره «وَقِيلَ: قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ، ثَلَاثًا فَجِئْتُ فِى النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» أخرجه الترمذي، فلأهمية إفشاء السلام فى بناء المجتمع المسلم المتماسك بدأ به النبى وجعله حقا من حقوق المسلم على أخيه المسلم. ومما يتعارض مع هذا الحق بل وسبب فى اكتساب الإثم أن يجلس البعض فى طريق فلا يرد السلام على أحد أو يرده على من يعرفهم فقط، أو يرده على من كان فى منزلتهوهذا إخلال بالواجب فالله تعالى يقول «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا» النساء:86، ومن جلس فى طرق الناس وجب أن يؤدى لهم حقوقهم فيها. إن إلقاء السلام ورده مفتاح القلوب، فإذا أردت أن تُفتح لك قلوب العباد فسلم عليهم إذا لقيتهم وابتسم فى وجوههم، وكن سباقًا لهذا الخير يزرع الله محبتك فى قلوب الناس وييسر لك طريقًا إلى الجنةفكم دُفِعَ من شر بسبب كلمة «السلام عليكم»! وكم حل من خيرات وبركات بسبب كلمة «السلام عليكم»! وكم وُصِلَتْ من أرحام بكلمة «السلام عليكم»! فعليك أيها المسلم بِها، وأكثر منها، وسلم على الصغير والكبير، والغنى والفقير، ومن عرفت، ومن لم تعرف.