إن نظرية المباراة هى بناء فكرى يتعامل مع إستراتيجيات القرار الرشيد فى مواقف الصراع والمنافسة، والتى يعمل فيها كل مشارك على تضخيم مكاسبه والتقليل من خسائره. وفى نظرية المباريات، فإن إستراتيجية وقرارات اللعب تعتمد على استراتيجية وقرارات اللاعبين الآخرين، ونظرية المباريات تفترض العقلانية من قبل اللاعبين فى ترتيب أولوياتهم، وتقدير الاحتمالات، وتحديد توقعات كل منهم بالنسبة لاختيارات اللاعبين الآخرين، والمباريات المختلفة هى المباراة الشخصية ذات الناتج الصفري، التى يكون فيها مكسب لاعب ما مساويا لخسارة اللاعب الآخر، أو مباراة الشخصين بالناتج غير الصفرى والتى لا تكون المكاسب فيها مساوية بالضرورة للخسائر، ومن ثم قد يفوز فيها اللاعبان معا أو يخسران معا، والمباراة متعددة الأشخاص ذات الناتج الصفرية وتتضمن العديد من اللاعبين، ولا بد أن تكون الخسارات فيها مساوية للمكاسب، أو مباراة الأشخاص المتعددين غير صفرية الناتج، حيث لا تكون مكاسب بعض اللاعبين المتعددين مساوية بالضرورة لخسائر الآخرين. ورطة السجين هى المثال الأكثر شيوعا للمباراة غير الصفرية التى تؤدى الاختيارات الرشيدة فيها الى نتائج غير مرغوب فيها لكلا اللاعبين، ومباراة ورطة السجين تروى بقدر من التنويع القصة التالية المنسوبة إلى أ . د. تاكر، وخلاصتها أن هناك شريكين فى جريمة تم القبض عليهما وأودعا زنزانتين منفصلتين، لا يستطيع وكيل النيابة أن يدين أيا منهما بارتكابه جريمة كبرى إلا إذا اعترف أحدهما، وإن كان من الممكن إدانة كليهما بجنحة إذا ظلا صامتين. ويقدم وكيل النيابة عرضا واحدا لكل منهما إذا اعترف أحدهما بارتكاب الجريمة الكبرى ولم يعترف الآخر، فإن من اعترف سوف يطلق سراحه لتقديمه دليلا للدولة، فى حين أن الآخر سوف يحصل على عقوبة شديدة، وإذا اعترف كل منهما سوف يحصل كل منهما على حكم مخفف على أساس أنهما ارتكبا جنحة، ووفقا للمباراة، فإن كل سجين (أو لاعب) أمامه اختياران إستراتيجيان: أن يعترف أو لا يعترف، وإذا ما أخذنا بوجهة النظر الفردية، فسيكون الاعتراف هو الاستراتيجية الأحسن بالنسبة لكل لاعب، لأن الاعتراف يزيد من مكاسب الشخص أو يقلل من خسائره، بغض النظر عما يفعله اللاعب الآخر، فإذا ما اعترف الآخر، فإن الأول سيحصل على الحكم المعتدل بدلا من الحكم الصارم، وإذا لم يعترف الآخر، فإنه سوف يطلق سراحه بدلا من أن يحصل على حكم مخفف، ولكن نفس الاستراتيجية هى واحدة للاثنين، فإذا ما اختار الاثنان هذا البديل العقلانى الرشيد فإن النتيجة ستكون أسوأ لكليهما (الحكم المعتدل)، إذا ما قورن بوضعهما إذا لم يعترف أى منهما، (الحكم المخفف)، الورطة إذن واضحة، فبالرغم من أن مصلحتهما الجماعية هى فى ألا يتكلما، فإن المصلحة الفردية لكل منهما تجعل الاعتراف هو الاختيار الرشيد، وورطة السجين صممها منظرو المباريات كمثال على مباراة لا يوجد لها حل مرض عندما يكون الاختيار محكوما بالاعتبارات العقلانية، ولقد أثارت اهتماما كبيرا لأن البحث أثبت أنها ورطة حقيقية بالرغم من بساطتها الظاهرية حيث كشف التحليل عن مشكلة بعض الأسئلة المتداخلة التى لا يمكن حلها باستخدام المستوى العقلانى الجامد الذى يقوم على حساب الاستراتيجيات وحسب، إذن، ساعدت ورطة السجين على إعادة اختيار المفاهيم الخاصة بصنع القرار الرشيد. ولقد أجريت التجارب على أفراد أدوا هذه المباراة أكثر من مرة وساهمت نتائج التجارب فى بناء نظرت عن السلوك الهادف ودور الدوافع فى تشكيله، واستخدمت هذه التجارب وكذلك لاختبار تأثير الحجم ومرات المحاولة وشخصيات اللاعبين وحجم الاتصالات التى تجرى بينهم على صنع القرار. وعناصر الورطة موجودة ضمنا فى الفلسفة السياسية فى مفهوم الفيلسوف هوبز عن الدولة كأداة لغرض عقد اجتماعى على أفراد تقودهم مصلحتهم الذاتية العقلانية إلى الفوضى إلى دمار الكل، أما فى ميدان العلاقات الدولية، فإن المثال الشائع لورطة السجين هو ميدان سباق التسلح بين دولتين، فالاثنتان قد تكونان أحسن حالا إذا وجهتا مواردهما إلى مشاريع أكثر جدوى من التسلح، ولكن بدون الاتصالات الضرورية والثقة المتبادلة، فإن الدولتين سوف تختاران التسلح كبديل عقلانى رشيد، فإذا تسلحت إحداهما ولم تتسلح الأخرى فإن الأولى سوف تحصل على السيادة والهيمنة، أما إذا تسلحت الأخرى أيضا ستكون الأولى قد أمنت نفسها ضد الأخري، والتشابه مع ورطة السجين واضح تماما.