تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى الولاياتالمتحدة، فى توقيت بالغ الأهمية بالنسبة لدولتين، تتمتع كل منهما بمكانة ودور كبيرين، على خريطة الأحداث والتطورات، التى يشهدها العالم بصفة عامة، ومنطقة الشرق الأوسط على نحو خاص. دلالة الزيارة التاريخية للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى واشنطن، يشير إليها الاهتمام الكبير الذى توليه الدوائر السياسية، ومراكز صنع القرار، هنا فى الولاياتالمتحدة، وهو اهتمام ينبع من قوة رئيس أكبر دولة عربية، تمثل مركز ثقل، وتقوم بدور محورى، فى ضبط منظومة الاستقرار والانتصار للدولة الوطنية، والبحث عن السلام الشامل، فى أكثر مناطق العالم التهابًا وصراعات ونزاعات وأزمات. لقد كانت مصر، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية قيادة سفينة الوطن، صاحبة سياسة حكيمة ومتوازنة، بين تحقيق مصالحها الإستراتيجية ومتطلبات شعبها من جهة، وبين ثوابت سياستها الخارجية، والتزاماتها التاريخية تجاه قضايا محيطها العربى والإقليمى، من ناحية أخرى، ولعل ذلك ما جعل مصر دولة محورية، ذات ثقل وخصوصية، ودور مؤثر فى مجريات الأحداث، وموضع تقدير واحترام شديدين من الإدارة الأمريكية، التى أعلنت عن ترحيبها الشديد بزيارة الرئيس السيسى، تلبية لدعوة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وأفصحت عن أهمية الزيارة ودورها فى تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين القاهرةوواشنطن، والدفع بالعلاقات الثنائية إلى ما يحقق تطلعات الشعبين ومستقبلهما. إن الأنظار التى تتطلع إلى الزيارة التاريخية، التى يقوم بها الرئيس السيسى إلى أمريكا، تترقب مزيدًا من التنسيق والتشاور، بشأن ملفات التعاون الثنائى، التى أرى أنه يأتى فى مقدمتها البعدان الاقتصادى والأمنى، اللذان يشكلان مجالا خصبًا للتعاون بين دولتين، تجمعهما المصالح والعلاقات المشتركة. على الصعيد الاقتصادى، فإن مصر الناهضة بقوة، وما تمتلكه من أرضية خصبة لاستقبال الاستثمارات الأمريكية، تمثل فرصة واعدة لمجتمع المال والأعمال الأمريكى، لتوجيه دفة استثماراتهم إلى هذا البلد، الذى أجاد الرئيس عبد الفتاح السيسى تسويق فرصه الاستثمارية الواعدةبين المستثمرين الأمريكيين؛ سواء خلال زياراته السابقة للولايات المتحدةالأمريكية، أو استقباله لوفود أمريكية بالقاهرة. إنها فرصة للدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، إلى ما يليق بمتانة العلاقات السياسية، فمصر لا تزال تمثل أكبر حاضنة للاستثمارات الأمريكية المباشرة فى القارة السمراء، وهى استثمارات تتنوع بين أنشطة صناعية وخدمية وإنشائية وزراعية وتمويلية وتكنولوجية، بحصة تتجاوز 38% من حجم ما تستثمره الولاياتالمتحدة فى الدول الإفريقية. ومن التعاون الاقتصادى إلى التعاون الأمنى والعسكرى، ويبرز هنا الدور المصرى فى مكافحة الإرهاب، ويمثل هذا الدور تجربة مصرية خالصة، وملهمة أيضا، فى عالم يكتوى كل يوم بنار الإرهاب والجماعات الإرهابية، ومن يمولونها من دول وتنظيمات مشبوهة، ولعل التعاون المصرى الأمريكى فى مجال مكافحة الإرهاب يستند إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع، حققتها أجهزة الأمن المصرية، التى نجحت، بل وبامتياز، فى تجفيف منابع الإرهاب، وقطع الإمدادات اللوجستية عنه، على جميع الاتجاهات والمحاور الإستراتيجية. هذه التجربة المصرية تمثل بالنسبة للإدارة الأمريكية عاملا مهمًا فى سبيل مكافحة الإرهاب فى المنطقة والعالم، وهى المهمة التى بادرت مصر بالقيام بها، بمحاربة الإرهاب نيابة عن العالم. هنا فى واشنطن، يدرك الجميع أن العلاقات المصرية الأمريكية تتوهج يومًا بعد يوم، وأن إدارة الرئيس ترامب تجاوزت أخطاء إدارة أوباما، وأن الوقت قد حان لمزيد من التنسيق والشراكة الإستراتيجية بين دولتين كبيرتين. إنها زيارة الملفات المهمة على صعيد تعزيز العلاقات بين القاهرةوواشنطن، وعلى صعيد بحث ملفات وقضايا المنطقة التى تموج بالأزمات.. زيارة لها دلالات مهمة ستفصح عنها نتائجها، وما ستشهده من مباحثات ولقاءات للرئيس السيسى، التى تحمل اهتمامًا أمريكيًا خالصًا بمصر وقائدها ودورها وثقلها.