لست هنا لأسمعكم قولوا ما تشائون واختاروا ما يروق لكم ان هي الا لحظات من نافذة في علو شاهق نبصر فنري علي غير الحقيقة مكونات عالمنا متناهية الضآلة. لكننا في التو ندرك خدعة البصر الحاد فتعمل بصيرتنا الانسانية علي رؤية ورواية الاشياء كأقرب ما تكون إلي حقيقتها ومتانة تكوينها؟ قال الراوي: إن القلق يسيطر علي ذاكرة الشعوب مثل الأفراد تماما وان الكاتب المثقف مهما اوتي من صبر واستبصار لا يدرك قلمه مدي مخبوء الأيام ولن يضغط ابدا ساعات المستقبل في كلمات فالمتخيل ينقص قطعة والمتخيل تنقصه الجراءة. كان هذا قبل ان اقرأ المجموعة القصصية( ساكن المنحدر) ل برفين موسي وتقع المجموعة في عدد قليل من الصفحات(76 صفحة) لكنها في منظور التكوين تصب في خمسة عشر قصة قصيرة زواياها الحادة تجعلها اقرب ما تكون إلي السيرة الذاتية البالغة القصر و الوضوح..؟ هنا كانت تعيش الكاتبة الراحلة بيرفين موسي, رحلت منذ برهة وجيزة تاركة في ثنايا الصفحات حجرا ونواقيس الخطر وقد قفزت لمربع اخر مجاور, انها تدرك وتجري فيما وراء الطبيعة تتبعها( سيارة المحابيس) حيث الزنزانة السوداء لا تكف عن التجوال,( انهم يحتفلون بعيد الحب الآن) لا مرجع لديها تحل به الرمز الدال علي ما يحتفلون به فلطالما حل لي من خبايا الحياة الغازا وسط ارتيابي فتح الباب, توسلت الاسباب لمعرفة ما غاب وما اصبح قاب قوسين, انها( عودة ابتسام) قصتها الحزينة حيث تأخذ الحياة كثيرا مما تعطيه بحجة عدم حاجتنا إليه الآن وان من المنظور ان نرحل ونترجل ونتركه لغيرنا وقد يفيده ذلك وقد لا, شرع البناؤون يملأون الأرض يهدمون المخزن ويستبدلون الاحجار بكائن من فصيلة العمارات الفاخرة كان الثمن بيع نفس بشرية وطقوس البيع بشهود مأجورين, يعلمها الأب بعد الغفلة ويقبضها الأخ بعد ان ساقها وتقمص دور تاجر الجواري الغابر ليرث ابن الشيخة ابتسام عهر الاسرة بعد ان صارت امه حليلة شيخ نفطي مأفون, كان البيان التالي( رهان صعب) ضد الطبع والتطبع البشري القائم علي اللذة, مغامرات الحب من النافذة وعبر ممرات النادي, الصداقة التي تميل مع تقلب المشاعر وتحول الامور والظروف إذ كيف لنا الالتزام والاخرون في جعبتهم مخاريق التردد والنكوص ونقض الغزل عند جنوح الليل,( في لحظة غضب) تحس ان ما كان مطمورا في الاعماق, قفز الزمن به للمستقبل, جاءك من الحقبة السحيقة ينتوي سحلك مادا اليك كل بقاياك مقدما, نسق معقول لذاكرة ترفض مثل عباب بحر هائج تشقه فرقاطة في حال هجوم, انه التعبير ذاته الذي تكون من كلمات الكاتبة في ثورة غضب عصف بكل المستقبل والمأمول, وتأتي قصة( ساكن المنحدر) الذي من مستقره يري العالم العلوي وكذلك السفلي, روح الكاتبة في ذاتية هذا النص تجدها في كلمات الأب التي تتجاوب مع دفء قلبه تجاه صغيره, اتراها قالت ذلك يوما وبنفس الروح, اتراها خشيت المصير ذاته, حيث يأكل الاسفلت وطرائق الحياة الحديثة الزمن والاعمار ويمتص الدماء أملا الا تعاودها فكرة البقاء, اي عبثية تلك التي تغرنا فنحسب انها تلزمنا لحياة يوم اخر جديد..؟ ما قيمته في الشحوب والذهول وبعثرة الاشياء والذكريات, إلي هذا الحد نحن في هشاشة القش وضعف عش العصفور وفتات البسكوت, عموما انا مصدر الدهشة( حين شدا العود) يتسع الوقت ولا تتسع الحياة, لحن لم تصادفه من قبل ولكنه لعب بقلوب وافكار من سبق ويبدو كذلك للآتين بعدنا وعلي هذه الحالة ايقظها النداء قويا يملأ الفراغ الصامت هواءه وآهواءها وها هي ترتفع بطيرانها علي السحب المارة, حتي لا يطالها احد ولا( صائد العصافير) وان اختار الكشاف وصوب صائد الأرواح الطلقة لينحي ذلك العالم الامن و يستبدله بالتخويف, قالت الكاتبة وادعي انها علي حق: محتضنة باليدين قطعة ظلام ويفور في احشائي غل الانتقام, انه بيان الثائر الحانق وان لم يقدر الا علي هزيمة نفسه ومحاولة انقاذ القليل من ضحايا العنف,( حديث الريح الصحراوية) قناص الموت هنا يؤدي بمنهجية دوره ولا فرق لديه ولا حائل يمنعه ماذا يفعل الانسان انه لا يستطيع ان ينجي احدا من المذبحة, من ينقذها.. اجل من؟ تطاردها النبوءة ثم يكون الاختيار بين( العش الآدمي) و(البلورة السحرية) اختيار من نوع الأسئلة التي وحده يستطيع الاجابة عليها, العودة لشريك فرقت بينكما الايام التي عاشها مع الأغيار, اما كانت الكلمات تصنع بيتا ونسلا وتاريخا..؟ انه التساؤل المفتاح, اكانت فعلا الكلمات كذلك, يكفي ما قرأت من المجموعة وحاورت الكاتبة علي الصفحات وبين ثنايا الحكايات والأقاصيص والذكريات وقد قفز للتو سؤال لذهني, افيجدي لقاء الورق ومنطوق العبارات وان اوضحت من خلال الاسطر تاريخا لمن ليس لهم ذلك يشمل حتي دقائق ايقاظ الراهبة التابوليتنية لها في السادسة صباحا, حتي حضورها في الخلفية عند( اختطاف) اللقطة اللحظية الحركية في غرفتها وها هي تناديك/ استاذ احمد امتي حتديني الصور اللي عمال تصورها طوال الشهور اللي فاتت, هل هو حدس حدثها به الخيال ام استبصار شخصي بأن تقبع في غرفة منزلك مع صورها القصصية تقلبها مع الأيام تفاجئك عبارتها فتري انها من مستقرها تري العالم يمر في اتجاهين حقا, هل حقا علمت الاجابة؟ وها هي اللغة تضج بالثقافة ذات الخصوصية والتفرد, باعث الحب حيث يسود الاغتراب, عبارة مثل تحلق.. إلي الغصن القريب والخيالات البعيدة, امطرت الدنيا اشكالا غير معهودة من الهبات, مرت سنوات منذ اول عهد له بكبريات الفواجع, كلماتها جلية وقصيرة تذكرك بأحد بحور الشعر المتدفق النسق, دعك وهذا فكل الاحلام صارت ممجوجة, اضغاث جراح ضاعت في وهدة موجة, ماذا تري.. هل يسكرك البحر تعاريج الامواج, هذا هو السحر, يسكن حين يثور حديث الانواء, وفور البدء وفق الزمن الباقي للاشياء, وعلي الف اجابة لبرهان واحد, مفازة تبرير معقول تدبير الصدفة, ان تسمع ممن رحلت فتزيدك دفعة, والاغرب الا تلقها من قبل للحظة والامر متروك لك, إلق ان كنت تريد بنفسك اصعد ان شئت لزورق واترك مجدافك خلفك وعلي المد مهمة دفعك, سيجيبك عقلك حتما او لابد ان لا شيء سوي مغلق, هل بقي سؤال في الزورق؟ أحمد محمد جلبي باحث معهد البحوث والدراسات الإفريقية جامعة القاهرة