الخوف مما سيحدث في المستقبل ينغص علي الإنسان حياته, مهما كان ما عنده من نعيم الدنيا, وقد عنيت الشريعة الإسلامية بعلاج المخاوف التي يواجهها الإنسان في حياته, وأهمها الخوف علي رزقه وأجله ومستقبله ومستقبل أولاده, وذلك بإغلاق المنافذ التي يتسرب منها الخوف إلي داخل الإنسان, من خلال الوسائل الآتية: الوسيلة الأولي: هي حسن الظن بالله, بأن يوقن الإنسان أن كل ما يحصل له في الحياة هو خير له; ومن ثم عليه أن يرضي بالقدر مهما كان, وهذا ما نبه إليه النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: عجبا لأمر المؤمن; إن أمره كله خير, وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن; إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له, أخرجه مسلم في صحيحه]. والوسيلة الثانية: هي الإكثار من الأعمال الصالحة; لأن لعمل الصالحات أثرا لا ينكر في تبديد مخاوف الإنسان, وحفظه من المصائب التي قد تنزل به في حوادث الطرق والحرائق, وغير ذلك من الأضرار التي تحصل لكثير من الناس; لأن صنائع المعروف كما جاء في الأثر تقي مصارع السوء, وصنائع المعروف تشمل كل عمل فيه خير بصفة عامة, بدءا من بر الوالدين إلي صلة الرحم وإغاثة الملهوف, إلي إماطة الأذي عن الطريق. أما الوسيلة الثالثة: فهي اللجوء إلي الله تعالي بأن يحفظ الأبناء من المخاطر والأضرار المختلفة, مثلما كان من النبي يعقوب عليه السلام عندما طلب أبناؤه منه أن يرسل معهم أخاهم, فلم يكن أمامه إلا أن يلبي طلبهم, وأن يسأل الله أن يحفظهم جميعا,{ قال هل ءامنكم عليه إلا كما أمنتكم علي أخيه من قبل فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين}, يوسف:64]. والمعني: ماذا أفاد ائتمانكم علي أخيه من قبل; حتي آمنكم عليه؟! فالله خير حفظا منكم, وعلي هذا فإن من الخير أن الإنسان إذا خاف علي أولاده أن يستودعهم الله الذي لا تضيع عنده الودائع. والوسيلة الرابعة: هي حسن تربية الأبناء علي القيم الصالحة التي ترشدهم إلي طريق الخير, وتجنبهم الوقوع في حبائل الشياطين الذين يحيطون بهم في كل مكان. بهذه الوسائل تهدي الشريعة الإنسان إلي عدم الاستسلام للخوف أو القلق من المستقبل علي النفس أو علي الأولاد أو علي الأرزاق والحظوظ الدنيوية, ولم يعد مهما عند المؤمن بالله ماذا سيحدث في المستقبل; لأنه لن يخرج عن أحد أمرين: إما شيء يسره أو شيء يضره, والمطلوب من الإنسان أن يتخذ لنفسه قرارا بالرضا عن قدره مهما كان, فإن كان في مقادير المستقبل ما يسره تلقاها بالشكر, وإن كان فيها ما يضره تلقاها بالصبر, وبذلك يمكن القول بأن الإنسان هو الذي يحدد مستقبله بإذن ربه, باللجوء إلي الله تعالي, وطلب العون منه, وبذل أقصي الجهد في تأمين مستقبل الأولاد, في حدود قدرة الإنسان وإمكاناته, وبالإكثار من الأعمال الصالحة, وحسن استقبال القدر; حتي يكون المستقبل كله خيرا, ويستعيد الإنسان شعوره بالاطمئنان علي نفسه وعلي أولاده.