داخل القفص.. كانت كل الاشياء مختلفة.. مرآة تعكس الحالة النفسية لكل من يقف خلف القضبان.. ربما تكون محدبة وربما تكون مقعرة. ولكنها في كل الحالات تكبر الاشياءوتصغرها وتشوهها ولكنها لاتقدم صورة دقيقة أو حقيقية. نظرات زائغة.. ووجوه تدمن الخوف والتمثيل والندم وأشياء أخري. ولكن ماذا يقول أساتذة وخبراء الطب النفسي عن الحالة النفسية للمتهمين العشرة الذين كانوا يقفون داخل القفص؟ يحلل الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس حالة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك قائلا ليس هناك مواطن قوة فيما شاهدناه اليوم خاصة وأن وجوده علي سرير المرض دليل قاطع علي توتره وقلقه وعلي عدم تحمله الموقف حيث لاذا بنفسه وبدا نائما علي سرير وهذا يعتبر نوعا أو دربا من دروب الاسترخاء الهروبي. ويوضح أن قمة الضعف البشري والانساني كانت تظهر عليه في قفص الاتهام مما أصابه بالشعور بالاذلال خاصة, وأن من يجلس في قفص الاتهام يجعله يشعر بدلالة معينة تتمثل في القلق والتوتر وعدم التركيز والتفاعل مع الآخرين, فضلا عن أن نجليه كانا يحاولان اخفاء صورته حيث وقفا أمامه وكأنهما يريدان أن يقولا إن أبانا غير موجود, فالشخص المريض لانستطيع أن نقول إنه قوي لأنه دائما يشعر بنوع من الاحباط والمذلة ولعل تفضيله واختياره لموقف النوم علي سرير المرض عبارة عن تعبير عن ضعفه تماما لأنه اذا كان قويا لكان بإمكانه الجلوس علي الكرسي مثل الآخرين, كما أنه اذا كان يمتلك القوة لكان من المفترض أن يتحدث أكثر أو يظهر شيئا فيه نوع من الفكر أو حاجة تبريرية. ويري أنه من الحيل التي يلجأ اليها المتهم لانكار الواقعة التي تدينه انه أنكر جميع الاتهامات الموجهة إليه وهذا دليل علي أنه ضعيف جدا ويلوذ بما يمكن أن نسميه التبرير الجدلي الذي يحاول دائما أن يغسل من الاتهام أو الخطيئة. ويضيف أن الموقف بأكمله أعطي صورة غير ملائمة لمن كان يقود مصر لمدة30 عاما حيث فقد قدرته علي التعبير أو الوقوف فاذا كان صاحب وجهة نظر أو كقائد فكان عليه أن يقول تبريراته ويعلنها مثل أن يقول اني حكمت مصر في فترة معينة ولعلي أخطأت وتكون هنا القوة خاصة وأنه مشهد تاريخي منقول للعالم كله.