من بين8 أفلام تتنافس علي جائزة النمر الذهبي في الدورة ال48 لمهرجان روتردام السينمائي الدولي الذي احتفل خلال أيامه الأولي بالعرض العالمي الأول لأربعة أفلام وهي أبناء الدنمارك للمخرج العراقي الدنماركي علاوي سليم, والفيلم البرازيلي في قلب العالم للشقيقين جابريل وموريليو مارتينز, وخذني إلي مكان لطيف للمخرجة الهولندية البوسنية إينا سندجيفيتش, والحاضر مثالي. للمخرجة الصينية شنجز زوو. وتمثل الأفلام الأربعة أصواتا مختلفة لصناع السينما الشباب من أنحاء العالم, وحاول كل منهما التعبير عن نفسه وعن مجتمعه والتناقضات التي يحملها وقدم عالما مختلفا عن الآخر لكن العامل المشترك بينهم هو الرؤية الشبابية والنظرة المتمردة التي تواكب العصر الحديث, وأكد بيرو باير مدير مهرجان روتردام علي ذلك في الجلسة الحوارية التي عقدها مع المخرجين الخمسة أمس بحضور عدد من الناقد والصحفيين, قائلا: إن مسابقة النمر الذهبي هي قلب المهرجان النابض الذي يكتشف من خلاله صناع أفلام جدد يقدمون لنا رؤية جديدة ويقودون السينما إلي الأمام, مضيفا أن كل من وقع الاختيار عليه للمنافسة علي جوائز المسابقة كان السبب الرئيسي في اختيار فيلمه هو حس التمرد, ورؤية صانعه الجديدة وعدم قبوله بتقديم أي أي تنازلات في سبيل تحقيق هذه الرؤية, فهذه الأفلام بمثابة لطمة علي الوجه ترصد هموم المجتمع وتعبر عنه بصدق. ويذكر أن أبناء الدنمارك وفي قلب العالم وخذني إلي مكان لطيف هي الأفلام الروائية الأولي لصناعها, بينما الحاضر مثالي. هو التجربة الثالثة للمخرجة شنجز زوو في تقديم فيلم وثائقي تجريبي طويل. وقال المخرج العراقي الدنماركي علاوي سليم: إنه التحق بمدرسة السينما قبل6 سنوات, وعندما سأله الأساتذة عن الفيلم الذي يريد تقديمها كانت هذه الفكرة هي الأكثر إلحاحا بالنسبة له وظل يعمل علي تطويرها وكتابة السيناريو علي مدار سنوات الدراسة, مشيرا إلي أن الفيلم يطرح تساؤلا عما يمكن أن يحدث إذا أصبحت الأصوات المتطرفة شيئا عاديا في المجتمع وتوجهه كما تريد, ولهذا تعتبر صناعة هذا الفيلم ضرورة في الوقت الحالي. وأضاف أن الأحداث تدور في المستقبل في أعقاب وقوع حادث تفجير إرهابي في الدنمارك وتتبع ردود أفعال المجتمع عليه, مشيرا إلي أنه خلال العقود الأخيرة أصبحنا نتحدث عما يسمي بالقيم الأساسية للمجتمع وما يجب أن يقدمه وما يجب الحفاظ عليه, والفيلم يطرح تساؤلا عن تغيير هذه القيم الأساسية من خلال قصة شاب من أصول عربية يشعر بتغيير كبير في المجتمع الدنماركي الذي تربي وعاش فيه لسنوات طويلة, ويدفعه هذا التغيير إلي الخوف علي سلامته وسلامة عائلته المكونة من أم وأخ, خاصة مع اقتراب سياسي متطرف من منصب رئيس الوزراء مستخدما خطابا عدائيا ضد الأقليات وأصحاب الأصول العربية الذين حصلوا علي الجنسية الدنماركية. بينما أشار جابريل وموريليو مارتينز إلي أن فكرة فيلمهما في قلب العالم بدأت منذ أكثر من سبع سنوات ومنذ ذلك الوقت وهما يعملان علي كتابة السيناريو, بالتزامن مع تقديم عدد من الأفلام الروائية القصيرة التي كانت بمثابة خطوات لصناعة الفيلم الروائي الطويل فالقصص في كل هذه الأفلام تكمل بعضها, لكن حبهم الزائد للشخصيات وللقصص التي يريدون روايتها عن الحي الذي ولدوا وتربوا فيه كادت تؤثر علي النسخة الأخيرة من الفيلم, حيث قاما بتصوير مادة فيلميه ضخمة ضمت قصصا متفرعة لأنهما كانا يريدان التأكيد علي فكرة أن هذا الحي الفقير كونتاجيم تعيش فيه شخصيات مختلفة, لأنهما يرفضان الصورة التي تقدم بها هذه الأماكن أحيانا في الأفلام السينمائية, ولكن كان لابد من تكثيف هذه المادة الفيلمية وتركيز الفيلم علي قصص وشخصيات محددة في المونتاج وساعدهما في القيام بذلك صديق وهو جوتو بارنتي. وقالت إينا سندجيفيتش مخرجة خذني إلي مكان لطيف: إنها كانت تريد تقديم فيلم جريء عن الهوية والهجرة لأن هذه الأشياء تلعب دورا كبيرا في حياتها لأنها ولدت في البوسنة وتعيش حاليا في هولندا منذ أكثر من25 عاما, لهذا حاولت التعبير عن إحساس الشيزوفرنيا الذي تشعر به من خلال نظرة سينمائية, من خلال قصة فتاة هولندية شابة تعود إلي لبوسنة التي ولد فيها والداها وتقضي الصيف هناك في رحلة علي الطريق مع أحد أقاربها, مشيرة إلي أنها كانت تريد من هذه القصة التعبير عن هذا الجيل الجديد الذي يعيش في عصر العولمة والتقدم التكنولوجي ويحيط به عالم مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة, والعالم بالنسبة لهم الآن شيء صغير جدا ويمكنهم التنقل من مكان إلي آخر, ولكن في الوقت نفسه من الممكن أن يعلق أي فرد منهم بين عالمين نتيجة للتناقضات في حياتنا وخلفياتنا. وأشارت المخرجة الصينية شنجز زوو إلي أن فيلمها عبارة عن مزيج من مجموعة فيديوهات قامت بتسجيلها في شيكاغو لأشخاص حقيقيين من الصين يعبرون عن أنفسهم من خلال اللايف ستريمنج بحثا عن نوع من التواصل, فعدد كبير منهم لجأ إلي هذا العالم الافتراضي نتيجة للاحساس بالوحدة وعدم قدرتهم علي التواصل في العالم الواقعي, مضيفة أنها جمعت من أجل هذا الفيلم ما يقرب من800 ألف ساعة مسجلة, وكانت تشاهد الفيديوهات وتختار منها وتقوم بالمونتاج في الوقت نفسه حتي تصل إلي النسخة الأخيرة من الفيلم, وركزت علي اختيار الفيديوهات التي تدل علي أن أصحابها يمتلكون شخصيات قوية, لكنهم يشعرون براحة أكبر عندما يتحدثون إلي شاشة في هذا العالم الافتراضي.