في كل عام تمر حركة المسرح بمنحنيات صاعدة وهابطة, ولكن الغريب هو أن ما يعتبره البعض من السلبيات أحيانا ويؤثر علي المسرح تكون له من جانب آخر نتائج إيجابية, علي سبيل المثال المسرحيات التليفزيونية التي ظهرت منها تجارب متعددة خلال الأعوام الأخيرة علي رأسها تجربة الفنان أشرف عبد الباقي مع شباب مسرح مصر. فعلي الرغم من الانتقادات الموجهة لهذه المسرحيات التليفزيونية لأنها تعتمد علي الاسكتشات الضعيفة للإضحاك وتخلو من القصة أو الفكرة, إلا أنها كانت سببا في عدد من الظواهر التي دفعت بحركة المسرح ومنحتها روحا جديدة, حيث شجعت عددا كبيرا من الشباب علي الاتجاه للمسرح بحثا عن نجاح مماثل ويعملون بإمكانيات بسيطة وأحيانا ما يتشاركون في ليالي العرض علي خشبات المسارح الصغيرة مثل الهوسابير ورومانس فنجد عرضين في ليلة واحدة وبتذكرة واحدة لجذب الجمهور. كما شجعت هذه الحالة أيضا بعض النجوم علي العودة للمسرح وعاد مصطلح مسرح القطاع الخاص مرة أخري في2018 للساحة المسرحية, وانضمت مسارح جديدة للخريطة, خاصة بعد عودة الفنان الكبير محمد صبحي أخيرا بعرض خيبتنا لما فارقتنا الذي يقدمه علي مسرحه بمدينة سنبل في طريق مصر إسكندرية الصحراوي, بينما يسعي الفنان محمد هنيدي للعودة حاليا من خلال مشروع كايرو شو مع مجدي الهواري بعرض مسرحي بعنوان3 أيام في الساحل. بينما تحول المسرح لمشروع العمر في حياة الفنان أشرف عبد الباقي فلم يعد يكتفي بنجاح فريق مسرح مصر وقرر في هذا العام خوض مشروع جديد وتأسيس فرقة مسرحية أخري قدم بها عرضا مسرحيا من تدريبه وإنتاجه وإخراجه وهو جريما في المعادي.. مسرحية كلها غلط علي خشبة مسرح نجيب الريحاني الذي قام بتجديده علي نفقته وحوله إلي متحف يخلد ذكري نجوم الكوميديا الذين وقفوا علي خشبته بالصور والتماثيل النصفية. ومن الظواهر التي شهدها عام2018 أيضا هو تقديم المخرج محسن رزق لسلسلة عروض مسرحية مأخوذة عن قصص والت ديزني الشهيرة التي بدأها بعرض سنووايت من إنتاج فرقة المسرح القومي للطفل ثم قدم أليس في بلاد العجائب مع قطاع الفنون الشعبية ويستعد حاليا لتقديم رابونزيل في القطاع الخاص علي مسرح المنارة والعروض الثلاثة من بطولة مروة عبد المنعم, وبالرغم من النجاح الجماهيري الذي تحققه هذه العروض والإيرادات التي حصدتها, إلا أنها علي المستوي النقدي تعتبر استنساخا باهتا لأعمال ديزني ولا تقدم رؤية إبداعية مبتكرة لهذه الأعمال يمكن مقارنتها بالرؤي العالمية التي أعادت قراءة هذه القصص أكثر من مرة ومن نواحي متعددة. وأثار عرض سنووايت عاصفة من نوع آخر بحصوله علي المركز الأول كأفضل عرض في المهرجان القومي للمسرح باعتبارها سابقة في المهرجان أن يحصل عرض أطفال علي هذه الجائزة فهو من إنتاج فرقة المسرح القومي للطفل, واعتبره البعض إهدارا لحق صناع عروض مسرحية أخري استحقت هذه الجائزة أكثر منه, لكن المشكلة الأهم التي شغلت المسرحيين هي لائحة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي التي تنص علي مشاركة العرض الحاصل علي المركز الأول في المهرجان القومي, بينما كان يري البعض أنه سنووايت لا يصلح لتمثيل مصر في مهرجانها الدولي!. من جانب آخر احتفل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح هذا العام بيوبيله الفضي بإعادة تقديم4 عروض حازت علي جوائز في دوراته السابقة قبل إلغاء مسابقته في نسخته الجديدة والتي مازال الجدل مثارا حول عودتها من عدمه, والعروض قهوة سادة للمخرج الكبير خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافي وخريجي الدفعة الثانية من استوديو مركز الإبداع, والطوق والأسورة للمخرج ناصر عبد المنعم, ومن الإسكندرية خالتي صفية والدير للمخرج محمد مرسي, وكلام في سري للمخرجة ريهام عبد الرازق. وواجه المسرح القومي يومين ثقيلين بسبب الزحام الشديد علي قهوة سادة التي عادت لخشبة المسرح بعد أكثر من10 سنوات بنفس نجومها المتألقون الآن علي شاشات السينما والتليفزيون وكانت بدايتهم من مركز الإبداع الفني ومع صانع النجوم خالد جلال, الذي كان عامه مزدحما أيضا بالأحداث ويستعد لتخريج دفعة جديدة من مركز الابداع حظت هذا العام بزيارة من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي حيث حضر لمشاهدة عرض سلم نفسك في الأوبرا بصحبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتعتبر أهم المبادرات المسرحية في عام2018, هي تفعيل حركة تجوال العروض في البيت الفني للمسرح وتأسيس فرقة للتجوال أيضا تقدم عروضها في المناطق النائية ونجاح ورشة إبدأ حلمك التي أطلقتها فرقة مسرح الشباب لاكتشاف المواهب, وانتقال المشروع إلي الهيئة العامة لقصور الثقافة لتفعيله في محافظات مختلفة بالتعاون مع البيت الفني للمسرح وتحت ادارة المخرج عادل حسان.