رغم ان البورصة المصرية تعتبر واحدة من أقدم البورصات في الشرق الأوسط, وتعود جذورها إلي القرن التاسع عشر عندما تم انشاء بورصة الاسكندرية في عام1883 وتلتها بورصة القاهرة عام1903. الا انها لا تزال مصنفة دوليا كإحدي الاسواق الناشئة ولا يتعدي اجمالي عدد الشركات المقيدة اسهمها للتداول210 شركات فقط في حين أن متوسط عدد الشركات التي يتم تأسيسها سنويا في مصر يتجاوز خمسة آلاف شركة. كما أظهرت بيانات البورصة المصرية ضعفا شديدا خلال السنوات الست الماضية في قدرتها علي جذب الشركات لطرح اكتتابات جديدة وتشجيع المصريين علي الاستثمار فيها حيث أن عدد الاكتتابات العامة والخاصة التي تمت في البورصة منذ عام2005 وحتي عام2011 لم يتجاوز15 اكتتابا وهو ما يؤكد عزوف الشركات عن القيد في البورصة واستخدامها كأداة تمويلية لتوسعات مشروعاتها. أما علي مستوي المستثمرين فيبلغ اجمالي عدد المستثمرين المسجلين في البورصة1.7 مليون فرد ولكن لا يتعدي عدد المستثمرين النشطين الذين يتداولون مرة علي الأقل كل شهر150 ألف مستثمر. وهو ما يدعو للتساؤل هل فقدت البورصة المصرية دورها في دعم الاقتصاد؟ وهل تحولت من وسيلة استثمارية للأفراد وأداة تمويلية للشركات إلي ساحة للمضاربة علي أسعار الأسهم لتستمر الفكرة السائدة لدي البسطاء من الناس من أن البورصة تشبه ساحة القمار التي قد تؤدي إلي الافلاس السريع أو الثراء الفاحش بضربة حظ؟ الأهرام المسائي نقل تساؤلاته إلي الخبراء وفي البداية يقول عوني عبدالعزيز رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية ان البورصة هي مرآة للاقتصاد تعكس قوته أو ضعفه ولها دور كبير في تمويل الشركات مثلها مثل البنوك. وأضاف أن البورصة تعاني فعلا من ضعف واضح خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب احداث جوهرية اهمها الأزمة المالية العالمية التي عصفت بكل بورصات العالم ثم الاحتقان السياسي الذي حدث في منطقة الشرق الأوسط ثم مرحلة عدم الاستقرار الأمني والسياسي الذي تعاني منه مصر بعد الثورة, مؤكدا انه من المتوقع أن يكون المستقبل مشرقا أمام البورصة خلال السنوات القليلة القادمة وستبدأ بالتعافي والازدهار مع بدء الاستقرار السياسي والأمني لأن البنية التحتية للاقتصاد المحلي المصري جيدة جدا بشهادة كل المؤسسات الاقتصادية الدولية ودعوتها للاستثمار في مصر. وأوضح ان الفكرة السائدة حول البورصة علي أنها سوق مضاربة تشبه ساحة القمار ليست صحيحة, حيث ان المضاربة علي أسعار الأسهم ليست مقامرة وانما نوع من الاستثمار قصير الأجل معترف به في كل بورصات العالم وهناك فئة من المستثمرين يعتمدون عليه كسياسة استثمارية بناء علي الأداء اليومي أو الشهري للأسهم أو الشركات المقيدة تحقق لهم العائد المطلوب. وأوضح محمود عنتر رئيس قسم الأبحاث بإحدي شركات الاستشارات المالية أن انخفاض عدد الشركات المتداولة اسهمها في البورصة يرجع بالاساس إلي الأوضاع الاقتصادية والسياسية السيئة التي تمر بها مصر خاصة بعد الأزمة المالية العالمية وأحداث الثورة, مشيرا إلي أن العديد من الشركات ستبدأ في القيد في البورصة بمجرد استقرار الوضع السياسي خاصة بعد اتجاه البورصة إلي تخفيف اجراءات القيد وحث الشركات علي الاستفادة من البورصة كأداة لتمويل المشروعات بدلا من البنوك وأقل تكلفة. وقال إن أزمة انخفاض السيولة الموجودة في البورصة وضعف ثقة المستثمرين, بالإضافة إلي حالة عدم الاستقرار التي تمر بها مصر وراء ضعف البورصة الحالي. وأكد ان البورصة تلعب دورا كبيرا في الاقتصاد وتعد من أهم المؤشرات التي يعتمد عليها المستثمرون الأجنبي حينما يبحث عن الفرص الاستثمارية في بلد ما لذلك تهتم كل دول العالم بدعم بورصتها لتحسين صورة مناخ الاستثمار المحلي. وقال إنه تجب زيادة وعي الأفراد بأهمية البورصة وأهدافها الاقتصادية ويجب التأكيد علي ان البورصة ليست مضاربة فقط ويجب علي الفرد الذي يشتري سهما في احدي الشركات ان يعلم بأن هذا السهم يجعله شريكا في الشركة وله الحق في الأرباح وتحمل مسئولية الخسارة ايضا لذلك تجب عليه دراسة الوضع المالي للشركة قبل الاستثمار فيها. واشار محسن عادل خبير أوراق مالية إلي أن البورصة المصرية افتقدت خلال الأعوام الماضية إلي قوة دافعة رئيسية موجودة في الأساس المالي لكل الاسواق العالمية وهي الاكتتابات الجديدة التي تعد القوة الدافعة المستمرة لاجتذاب السيولة لسوق الأوراق المالية في كل دول العالم كما انها تعد محور الدور التنموي والتمويلي والذي تقوم به اسواق المال في خلق قيمة مضافة للاقتصاد بحيث تخرج عن فكرة كونها سوقا للمضاربات إلي الاطار الاقتصادي المتعلق بتمويل المشروعات الجديدة وخلق مناخا لتجميع المدخرات لتمويل المشروعات التوسعية والتنموية من خلال منظومة اقتصادية اكثر عمقا مما هي عليه الآن في مصر. وأضاف انه بعد خروج عدد كبير من الشركات من البورصة المصرية منذ الغاء الاعفاء الضريبي للشركات المقيدة ثم تطبيق قواعد القيد الجديدة خسرت البورصة المصرية فرصا ذهبية في اجتذاب طروحات قوية بحيث لم نشهد خلال الاعوام الخمسة الاخيرة الاقل من15 طرحا بالبورصة بحيث تحول الدور إلي تمويل اكتتابات زيادة رأس المال للشركات المقيدة وهو امر لا يزال موضع جدل كبير لدي خبراء سوق المال في ظل عدم استخدام عدد من الشركات التي قامت بزيادة رؤوس اموالها لهذه الزيادة في عمليات توسعية تخدم نشاط الشركة الاساسي وهو ما فعل مقترحا بوضع ضوابط جديدة اكثر تشددا بالنسبة لاستخدامات زيادة رؤوس اموال الشركات. وطالب بإنشاء سوق موازية او سوق اولية بالنسبة للشركات التي ترغب في طرح اسهمها للاكتتاب عند التأسيس وهو امر يستلزم وضع ضوابط مشددة بهذا الخصوص مع توفير الفرصة للشركات لتمويل استثماراتها من خلال سوق المال المصرية في وقت تتشدد فيه البنوك في منح هذا التمويل مما لا يخدم عنصر النمو الاستثماري المطلوب في هذه المرحلة. وأكد أن جذب الشركات للقيد في البورصة واجراء اكتتابات عامة سيسهم في انعاش السوق وعودة المستثمرين الأفراد الذين خرج بعضهم خلال المرحلة الماضية نظرا لما تمثله هذه الطروحات من جاذبية وإغراء لصغار المستثمرين الذين يرون في البورصة نوعا من الاستثمار المربح كما ان شمول الطروحات الجديدة المتوقعة لقطاعات جديدة سيمثل عنصر جذب اضافيا. ويري أن عمليات الطرح الجديدة تمثل نوعا من الفرص الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ومن ثم سوف تشهد السوق انتعاشة كبري مع بدء عمليات الطرح الأمر الذي من شأنه أن يعيد البريق الاستثماري للبورصة المصرية في المرحلة المقبلة فالسوق كانت قد افتقدت عمليات الطرح الكبري منذ شهور طويلة وبالتالي ظل المتعاملون يدورون في نفس الحلقة ويتعاملون علي نفس الأوراق المحدودة ومن ثم فإن دخول أسهم كبري للتداول في قطاعات جاذبة من شأنه ان يؤدي إلي رساميل جديدة.