هروب جماعي من الواقع المعاش هذه الجملة قد تلخص السمة الغالبة علي الروايات ال13 التي نجحت في الوصول إلي القائمة الطويلة لجائزة المان بوكر الأدبية البريطانية الرفيعة. التي تمنح كل عام لرواية مكتوبة باللغة الانجليزية وتعد إلي جانب نوبل ارفع الجوائز الأدبية في العالم. من بين الروايات ال13 التي اختارتها لجنة التحكيم لتكون بالقائمة الطويلة( المرحلة الأولي للمنافسة علي الجائزة) كانت هناك ست روايات تدور أحداثها في الماضي وان حملت اسقاطات علي الحاضر, وما بين الشاعرية الشديدة في تذكر الماضي واسترجاعه وطرح الماضي القاسي بكل ما يحمله من دموية وخوف وعنصرية جاءت روايات القائمة الطويلة لمان بوكر هذا العام. في روايته الاحساس بالنهاية يستدعي بطل جوليان بارينز زيارته مع رفيقيه وكيف تطورت هذه الصداقة مع تقدمهم في العمر. الماضي هو محور الرواية التي تسترجع الطفولة والصبا وحوادثهما التي شكلت الاصدقاء الثلاثة. تدور الرواية حول تضليل الذاكرة وما يمكن أن يحدثه ارتباكها من ارتباك في مسارات الحياة. أما في جانب كنعان للروائي سباستيان باري فتسترجع الجدة ليلي باري حياتها بدءا من هجرتها إلي الولاياتالمتحدة عقب الحرب العالمية الأولي حتي مصرع حفيدها الذي تفتتح جنازته الرواية. التاريخ الذي تكتبه الاقليات المنسية هو محور رواية أخري نجحت في الوصول للقائمة الطويلة للبوكر وهي احزان ذوي الدماء الهجينة التي تتناول ما تعرضت له الاقلية السوداء التي عانت من ألمانيا النازية وتعرضت للمطاردة والتنكيل في احداث التطهير العرقي التي قامت بها قوات الرايخ الثالث التابعة للحزب الشيوعي الألماني الحاكم بزعامة هتلر. ترصد الرواية حكاية ثلاثة عازفين لموسيقي السوينج التي جري تجريم عزفها وقتها باعتبارها موسيقي سوداء غير نقية, يهربون إلي باريس قبل ان يجتاحها الاحتلال النازي فيفرون عبر شوارعها وازقتها بحثا عن فرصة للحياة. وتكشف موضوعات بقية الروايات المتنافسة علي الوصول للقائمة القصيرة للجائزة عن ما يبدو اسبابا لذلك الهروب إلي الذاكرة والتاريخ الذي جنحت إليه الروايات الأخري, فتناولت الروايات قضايا الاضطهاد القائم علي الجنس أو العرق وما تعانيه الاقليات العرقية المهجرة في الدول الكبري بما فيها بريطانيا نفسها. حيث ترصد روايةPigeonEnglish للكاتب البريطاني ستيفن كيلمان ما تعرضت له أسرة غانية اضطرتها ظروفها للانقسام ليهاجر نصف اعضائها إلي بريطانيا بحثا عن فرصة حياة أفضل بينما بقي نصفها الآخر في غانا, تعاني الأسرة منذ وصولها الاضطهاد والتضييق ولا يجد الابن في الرواية بدا من الانضمام للجريمة المنظمة كوسيلة لكسب العيش. تستعرض الرواية الضغوط التي تمارسها المجتمعات حتي المتقدمة منها علي الفقراء لتغلق عليهم منافذ الحياة الكريمة. الطرح ذاته يقترب منه باتريك ماكجينيز في رواية اخري هي الأيام المائة الأخيرة بينما تستعرض ايفيت ادواردز حياة امرأة تعرضت للاذي البدني والنفسي خلال علاقة زواج فاشلة وترصد من خلالها ما تعانيه المرأة حتي في المجتمعات المتقدمة من اضطهاد وتمييز.