أثار البيان الذي نشرته السفارة الأمريكية عبر موقعها الإلكتروني عن فتح الباب أمام الراغبين من منظمات المجتمع المدني في مصر وتونس وباقي دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحصول علي منح بموجب مبادرة الشراكة في الشرق الأوسط( مابي) بهدف دعم أهداف السياسة الخارجية الأمريكية من خلال دعم جهود شعوب شمال إفريقيا والشرق الأوسط في تمويل مجتمعاتهم إلي مجتمعات منفتحة وديمقراطية وتعددية ومزدهرة, ردود فعل متباينة بين خبراء القانون والمجتمع المدني حيث أكدوا رفضهم أي تدخل في الشئون الداخلية تحت ستار المنح والمعونات محددين مجموعة من الشروط علي رأسها وضوح المصدر والهدف والجهة التي تتلقي المنح وأوجه إنفاقها وإخضاعها للرقابة لقبول تلك المنح. واعتبر الدكتور ثروت عبدالعال عميد كلية الحقوق بجامعة جنوبالوادي هذا الأمر مجرما في حكم القانون المصري وأكد عبدالعال أن الدول الغربية تقدم هذه المنح تحت مظلات دعم حقوق الإنسان وغيرها لممارسة شكل من أشكال السيطرة والتدخل في صنع القرار داخل الدول المستهدفة بالمنح, مشيرا إلي أن جميع دول العالم تضع ضوابط صارمة فيما يتعلق بهذه المنح. وشدد عبدالعال علي أن المسألة شائكة إذا كانت الدولة نفسها تحصل علي هذه الأموال معتبرا التصريحات الخاصة بالأمر نوعا من التبجح تحت غطاء حقوق الإنسان التي أصبحت كلمة حق يراد بها باطل. ومن جانبه أكد الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة أن مسئولية هذه المنظمات فيما يتعلق بهذه الأموال أخلاقية وليست قانونية حيث إن القانون لم ينظم تلقي هذه الأموال بالنسبة للمؤسسات والمنظمات غير التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية فهي ليس لها كيان قانوني خاصة أنه غالبا ما يتسم عملها بالطبيعة السياسية مشيرا إلي أن التدخل القانوني لا يتم إلا إذا ثبت بدليل قاطع مباشرة هذه المؤسسات أدوارا ضد أمن الوطن. وشدد كبيش علي دور الجهات الرقابية داخل مصر في تتبع هذه الجمعيات وأنشطتها بحزم للتصدي لمثل هذه الأدوار والممارسات ضد المصلحة الوطنية والأمن العام وتقديمها للجهات القضائية. وأشار الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة إلي أن المبدأ الأساسي في هذا الخصوص أنه لا يجوز لأي دولة أجنبية التدخل في الشئون الداخلية لدولة أخري ولو عن طريق سفاراتها في الخارج. وقال الدكتور باسم السواح رئيس المجلس المصري للأطباء إنه ليست هناك مشكلة في المنح الخارجية ولكن بعد توافر عدة شروط أساسية بها أولا أن تكون معلومة المصدر ومن جهات مانحة معترف بها دوليا وثانيا أن تكون موجهة لتحقيق أهداف مشروعة مثل تنمية الإنسان صحيا أو تعليميا وثالثا أن تكون معلومة الاتجاه بحيث يكون معلوما للجميع الجهات التي استفادت منها وأوجه إنفاقه تلك الأموال والمنح. وأضاف السواح أن المنح يجب أن توجه إلي تنمية الإنسان والفرد تعليميا وصحيا في المقام الأول علي أن الديمقراطية والحريات في المرتبة الثانية لأنه بدون النهوض بالإنسان تعليميا وصحيا لا يمكن أن نوجد لديه وعيا سياسيا أو ديمقراطيا أو أن نجعله يمارس ويعرف حقوقه وواجباته. من جانبه أكد عبدالمنعم مسلم مدير وحدة الدراسات بالمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة أن مسألة تمويل المنظمات الحقوقية والمدنية تتم وفق علم أجهزة الدولة المصرية عبر اتفاقات موقعة بين الدولة المتلقية للمنح والجهات الدولية المانحة. وقال مسلم إن التمويل الخارجي كان مثار قلق في ظل النظام السابق لدرجة أنه تم النظر إلي تلك الجهات الحقوقية المتلقية للتمويل إلي أنها مؤسسات تهدف لزعزعة الاستقرار الداخلي للبلد.