ظلت محافظة أسوان تعاني من التعديات علي الأراضي الزراعية في عدد من المراكز بغرض البناء عليها في الفترة من عام2011 وحتي2014 بسبب حالة الانفلات التي عقبت ثورة25 يناير, لتكتفي الأجهزة فقط بتحرير المحاضر وحصر التعديات انتظارا للدراسات الأمنية التي كانت تتوقف عندها جميع الحملات,وعقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسئولية رئيسا للبلاد في عام2014, وبعد أن عادت مصر قوية, واستردت الأجهزة الأمنية عافيتها, تغير كل شيء إلي الأفضل لتبدأ المواجهة الحقيقية لمافيا التعديات علي الأراضي وعلي رأسها الأراضي الزراعية التي يجرم القانون البناء عليها. وتبدو ظاهرة التعدي علي هذه الأراضي واضحة في ثلاثة مراكز بأسوان هي كوم أمبو وإدفو ودراو, بينما تكاد أن تتلاشي تماما في محيطي مركزي أسوان ونصر النوبة, مما دفعنا إلي طرح سؤال محدد علي المواطنين وخاصة في القري وهو لماذا يقوم بعض الأهالي بالتعدي علي الرقعة الزراعية, في الوقت الذي تسعي فيه مصر إلي التوسع فيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل المختلفة,فكانت الإجابة تقريبا واحدة وهي البحث عن توفير سكن مناسب للأسر بعد أن ضاقت البيوت بما رحبت من الأفراد, وبطبيعة الحال فإن هذه الإجابة لا تشفع لهم علي الإطلاق في ظل انتشار المباني العشوائية واغتيال هذه الأراضي المنتجة, ومؤخرا, كلف الرئيس السيسي بتوجيهات حاسمة وحازمة جميع المسئولين والمحافظين بالتصدي لكل من سولت له نفسه خرق القانون مستبيحا هذا الجرم الذي يضر بأمن مصر القومي والغذائي, ولم تتوقف هذه التوجيهات عند الأراضي الزراعية فقط بل شملت أيضا جميع الأراضي ملك الدولة, حيث تبذل أجهزة محافظة أسوان جهدا كبيرا من أجل استرداد هذه الأراضي من أيادي مغتصبيها. وعموما طرح الأهالي روشتة علاج موجزة لمواجهة التعديات ومن أبرز المقترحات إطلاق يد مسئولي الزراعة والمحليات المغلولة عن اتخاذ قرارات الإزالة وتنفيذها, تغليظ العقوبات علي المخالفين, الاهتمام ببناء مساكن لشباب القري بالظهير الصحراوي لكل قرية. تغليظ العقوبات هو الحل يقول مصطفي أفندي من أبناء قرية بنبان بدراو إن القيام بهذه التعديات يشكل جريمة يعاقب عليها القانون, فالأراضي الزراعية كنز للوطن يجب الحفاظ عليه لا تجريفه, ويضيف قائلا إن بعض الأهالي لجأوا إلي ذلك لعدة أسباب منها عدم التوسع في قري الظهير الصحراوي ببناء مساكن مناسبة يمكنها أن تستوعب الزيادة المفرطة في السكان مما يدفع هؤلاء للبناء من أجل توفير مساكن للشباب من ابنائهم, ويطالب فندي بعدم الاكتفاء بإزالة هذه التعديات فقط ولكن بضرورة تطبيق القانون علي الجميع حتي يكون كل متعد عبرة للمجتمع, مع الأخذ في الاعتبار ضرورة قيام منظمات المجتمع المدني بتوعية المواطنين البسطاء والمزارعين في القري بالحفاظ علي الأراضي الزراعية من خطورة التجريف. وينتقل سيد محمد من أبناء مركز إدفو للحديث عن انتشار ظاهرة تجريف الأراضي الزراعية في قري غرب النيل بإدفو قائلا إن غياب الرقابة وضعف الأجهزة في الفترة التي تلت ثورة يناير2011 أدت إلي ارتفاع نسبتها بشكل مخيف, مشيرا إلي أن هذه النسبة قد انخفضت بشكل ملحوظ بعد تولي الرئيس السيسي المسئولية خاصة في العام الماضي الذي طلب فيه الرئيس من أجهزة الدولة استرداد هذه الأراضي وإزالة هذه التعديات, وطالب بأن تسعي الدولة للقضاء علي هذه الظاهرة من خلال التوسع في إقامة المدن الجديدة وقري الظهير الصحراوي في ظل اتساع الرقعة الصحراوية علي أن يتم تسهيل إجراءات استثمار الأراضي الصحراوية وإقامة مشروعات زراعية تعود بالنفع علي الدولة والمواطنين, كما طالب بأن يكون هناك نصيب لابناء القري من مشروعات الإسكان الاجتماعي الذي يتركز في المدن مما يدفع المواطنين للتعدي علي الزراعات بالبناء.وأشار محمد رجب مزارع إلي ضرورة تغليظ العقوبات التي ينص عليها القانون في حالات التعدي علي الأراضي الزراعية علي أن يكون حبس المتعدي وجوبيا, وقال لابد وأن يكون هناك تنسيق بين وزارتي الزراعة والكهرباء وهيئة مياه الشرب والصرف الصحي بشأن عدم توصيل المرافق إلي هذه المساكن, لأنه والكلام علي لسانه يتم توصيل الكهرباء والمياه رغم مخالفة ذلك للقانون, وأوضح بأن هناك قري قام أهلها بالبناء علي الأراضي الزراعية ولم يتم إزالة أعمال البناء حتي الآن مما سيؤدي إلي كارثة, خاصة وأن محافظة أسوان من المحافظات المحدودة زراعيا, حيث تعتمد علي زراعة محصول قصب السكر بنسبة80% من أراضيها, في الوقت الذي تعتمد فيه علي منتجات المحافظات الأخري من الخضراوات والفواكه وغيرها من المحاصيل, وطالب المحافظ الجديد اللواء أحمد إبراهيم بعدم التوقف عند الحصر الرسمي لمديرية الزراعة وإدارة الأملاك والتحقق بنفسه من النسب المعلنة للتعديات مع منح رؤساء الوحدات المحلية والقري سلطات واسعة لإزالتها أولا بأول بعيدا عن المركزية في اتخاذ القرار, خاصة أن هناك بعض قري ونجوع في إدفو وكوم أمبو ضالعة في التعدي علي الأراضي الزراعية. 9182 حالة تعد وبلغة الأرقام التي لا تعرف الكذب,كشف المهندس حازم عبد المنعم سيد مدير عام الشئون الزراعية المساعد بأسوان عن أن حالات التعدي علي الأراضي الزراعية بالمحافظة في الفترة من25 يناير2018 حتي الآن بلغت9182 حالة علي مساحة352 فدانا, وأوضح بأن المديرية قد تعاملت مع1593 حالة وقامت بإزالة التعديات من مساحة نحو90 فدانا, من خلال التنسيق بين الإدارات الزراعية والجهات الأمنية والوحدات المحلية, وأكد أن المديرية تواجه التعديات علي الأراضي الزراعية بكل قوة وأن الفترة المقبلة ستشهد حملات جديدة مكبرة لإزالتها بعد الانتهاء من الدراسات الأمنية لكل حالة, وأضاف قائلا إن مساحة الأراضي الزراعية بالمحافظة تصل إلي190 ألف فدان, منها93 ألف فدان داخل الزمام و97 ألف فدان خارجة عنه, ممثلة في مشروعات وادي الصعايدة والنقرة وغيرها, وحسب قوله فإن محصول القصب يتصدر قمة الزراعات علي مساحة86 ألف فدان يليه نخيل البلح بعدد مليوني نخلة, وعن الأسلوب الذي تواجه به مديرية الزراعة هذه التعديات قال مدير عام المديرية المساعد إن الإجراءات المتبعة تبدأ بتحرير محضر معاينة لأي حالات تجريف أو تبوير وتشوين مواد بناء أو مبان, ثم عرض المحاضر علي محافظ الإقليم وإخطار الجهات الأمنية والوحدات المحلية لإزالتها, لافتا إلي أن القانون يسمح لمن يملك5 أفدنة باستقطاع جزء لايزيد علي مساحة200 متر لإقامة مسكن خاص به. جهود المحافظة لن تتوقف علي الرغم من أن محافظ أسوان اللواء أحمد إبراهيم لم يمر علي تسلمه مهام منصبه سوي أيام قليلة, إلا أنه يضع هذا الملف الشائك في أولويات عمله خلال الفترة الحالية, خاصة مع تلقي المحافظين الجدد تكليفات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصدي للفساد ومواجهة التعديات علي النيل والأراضي, وخلال الشهور الأخيرة, شنت أجهزة المحافظة العديد من الحملات المكبرة لإزالة التعديات علي مساحات بلغت مئات الآلاف من الأمتار بمراكز دراو وكوم أمبو ونصر النوبة وإدفو, وذلك بمشاركة رؤساء الوحدات المحلية والتشكيلات الأمنية المدعمة بالمعدات الثقيلة والفنيين, وحرصت المحافظة علي القيام بأعمال حصر شاملة سواء للمباني أو الزراعات من خلال لجنة مشتركة مابين مسئولي المحافظة ومديرية الأمن لدراسة وفحص طلبات التقنين الواردة من المواطنين للمحافظة ومعاينتها علي الطبيعة للتأكد من انطباق أحكام القانون رقم144 لسنة2017 عليها, وتمكنت الحملات المكبرة من إزالة التعديات بقريتي بنبان وفارس بمركزي دراو وكوم أمبو وبعض قري مركز إدفو ونصر النوبة ومنها مساحة10 آلاف متر علي طريق الكوبانية- الرمادي,81 ألف متر بنفس المنطقة قام أحد المواطنين لتجهيزها للاستصلاح الزراعي وحفر آبار جوفية لاستخدامها كمصدر لمياه الري بالمخالفة للقانون, بالإضافة إلي آلاف الأمتار بمنطقتي الغنيمية والحاجر بإدفو,قريتي بلانة وأبو سمبل بمركز نصر النوبة.