برغم كل ما أثاره هذا الكتاب من جدل إلا أنه يبقي هناك قاسم مشترك بين معظم الآراء التي تناولته بالنقد, وهو براعة المؤلفة ميرنا الهلباوي في أن تصل بروحها ومشاعرها إلي المتلقي وأن يتأثر بها, بل الأكثر من ذلك أن يستمر في ملاحقة أحداث حياتهاكما تقدمها في الرواية التي جاءت تحت عنوان يتماشي مع ما تحمله من عفوية مفرطة مر مثل القهوة حلو مثل الشوكولا والتي تصدر في طبعتها السابعة كعلامة علي مدي ما تثيره داخل القارئ من شغف بقراءتها. ففي حين تقف حائرا أما اللون الأدبي للعمل الذي بين يديك, فربما ترفض مثل كثيرين تصنيفه كرواية بسبب افتقاد العمل بعض العناصر المرتبطة ببناء الشخصيات وعلاقتها وتطور الأحداث, لتفضل تصنيفه بدلا من ذلك ككتاب خفيف به بعض من ملامح أدب الرحلات أو السيرة ذاتية, أو مجموعة من التدوينات الشخصية تروي من خلالها الكاتبة ذكرياتها ومشاعرها والأفكار المختلفة التي سيطرت عليها في رحلاتها لعدد من الدول, وهي تنقلنا أثناء ذلك إالي عالمها الخاص, فإنك رغم ذلك قد تجد صعوبة أن تتركه جانبا وتتوقف عن القراءة, ذلك أن روح المؤلفة تجذبك وتضطرك أن تتواصل معها, لما تتسم به من حب وصدق وبهجة, ولذلك أيضا سواء اتفقت أو اختلفت مع آرائها وتصرفاتها أثناء سفرها, فإنه لا يسعك إلا أن تظل شغوفا بمعرفة المزيد من المواقف والتفاصيل, وأن تستمر في ملاحقة أحداث حياتها, لتتعرف علي المزيد من لحظات السعادة والحزن والوجع والصداقة.. تماما كأنك تتابع في شغف فيلم ممتع في نهاية الأسبوع! وهو فيلم علي بساطته ليس تافها إنما يحمل بين طياته معاني وأحاسيس تمس شيئا ما في قلبك وعقلك, فتضبط نفسك أمام الكثير من كلماتها متأملا وصفها لمشاعرها في لحظة حزن وأدركت أن الإنسان يتكون من مزيج سحري من لحظات كسرة قلب وغصة حلق وفرك عين أملا في ألا تسقط دمعاته أمام أحدهم, وابتسامة حقيقية من أعماق النفس عندما يدرك أن هذا الشعور الحزين بدأ في التلاشي أخيرا. أو في لحظة ندم علي لحظات أخضعت فيها مشاعرها لسطوة العقل والقرارات الحاسمة تذكرت كم مرة أجبرت نفسي فيها علي عدم الذهاب إلي مكاني المفضل اليومي حتي أتخلص من التعلق به, ولو تعكر مزاجي علي أثر ذلك, وأخذت في عد كل الأشخاص الذين صددتهم عن حياتي, وبنيت سورا طويلا بين علاقاتنا, هذا السور الذي كنت أتسلقه أحيانا لأرسل بعض الحب والتحية علي أمل أن يفهموا أن المسألة كلها تتعلق بكرهي للتعلق. أو وهي تقدم لك نصيحة بالابتعاد عن رتابة الحياة والاستقرار الثابت للمشاعر قال لي صديق في إحدي محادثاتنا التائهة المتشابكة: إنه تعلم حكمة أثناء تواجد والده بالمستشفي, وهي أن حياتك يجب أن تشبه مؤشر جهاز القلب, خطوط مترابطة تعلو وتهبط, تشكل مرتفعات ومنحدرات, هكذا يمكنك أن تطمئن أنك حي فعلا. وفي نهاية الكتاب تصبح علي يقين أن الكاتبة لم تخدعك حين نجحت بأسلوبها الرائع السهل في السرد أن تستكمل قراءة الكتاب ولا تفر منها, لأنك لم تكن أمام كتاب مسل فقط, إنما هو يحمل بجانب التسلية معاني عميقة مثل ما جاء في نهاية الكتاب حين تدعوك إلي التوقف قليلا أمام ما تحبه لتمارسه وتستمتع به عبر جملة رمزية وقد أدركت شيئا تافها ومهما في الوقت نفسه: أنني أحب الشاي وأحب اللبن, وعلي الرغم من ذلك, فإنني نادرا ما شربت شايا باللبن!يذكر أن ميرنا الهلباوي مذيعة بالراديو, وبدأت حياتها العملية بمدونة صغيرة علي الإنترنت, ثم عملت بالصحافة ولها الكثير من المقالات, أجرت مجموعة من الحوارات الحصرية مع الشخصيات العامة.