شيء من الصبر أعيش به من أجل ابني, وعلي الرغم من أنني بعد مازلت في العقد الثاني من عمري وليست لي أي خبرة في الحياة إلا أن ما مررت به من تجربة قاسية هي الأولي والأشد قسوة وألما للدرجة التي أشعر فيها أني امرأة عمرها ألف عام. ما إن خرجت من طور الطفولة حتي وجدتني علي أعتاب مشروع زواج من شاب يسكن إلي جوارنا, لم أكن أعرف شيئا عن الزواج والبيوت ومسئولياتها ولكني أقدمت علي حياتي الجديدة بحب ورغبة شديدة في إعمارها وقررت ألا أفشل مع هذا الرجل الذي سأعيش معه. مرت شهور زواجنا الأولي وكأنها السحر يتجسد بيننا سعادة وحبا, عرفت مع زوجي هذا المعني الحقيقي للحب والحنان وتعرفت معه علي الدنيا وكأني أولد من جديد وما تفتحت عيناي إلا علي يديه.. ولكني لم أكن أدرك أن السعادة التي أحياها عمرها قصير جدا وأن هناك عيونا ترقبنا في تحفز مريب لا تريد لنا خيرا تتشح وجوهها بمسوح البراءة وابتسامات التعاطف والمودة ولكن أنيابا جائعة تختفي وراء أقنعة من ذوي قربي توشك أن تنقض علي حياتنا فتنهشها شرا وبغضا وكراهية..! كانت الأيام تجري بنا إلي ما كانت عليه من سعادة وحب حتي ظهرت في حياتنا امرأة فرضت نفسها علي حياتي وزوجي فرضا, في بادئ الأمر فتحت لها ذراعي المودة والمحبة فهي أخت زوجي وقد جاءت لزيارتنا ولأني أحب زوجي أحببتها وتعاطفت مع مأساتها مع زوجها وكيف هي لا تعرف طعما للحب أو السعادة في بيتها ومع زوجها, كنت معها وإلي جوارها صديقة وأختا, أدعمها وأربت علي كتفها سندا ودعما, أصدقها النصح والمشورة ولم أكن أدري أنها لم تكن أبدا لي صديقة أو أختا غلب عليها الحقد وسيطرت عليها أحاسيس الغيرة وكأنها استكثرت علي وشقيقها السعادة التي حرمت منها مع زوج كان يستذلها ويعاملها بعنف وحيوانية. في الفترة التي كانت فيها شقيقة زوجي في زيارتنا أو بمعني أصح الفترة التي كانت فيها غاضبة من زوجها ومطرودة من بيتها وجاءت للعيش معنا, في هذه الفترة كانت تبث سموم غيرتها وحقدها في شريان علاقتي وزوجي قطرة قطرة وكأنها تريد أن تميتنا ببطء وبالفعل شيئا فشيئا استطاعت أن توغر صدر زوجي ضدي ولأول مرة تتغير معاملته الحانية لي بل ويضربني بتحريض منها ما جعلني أشعر بصدمة رهيبة زلزلت حياتي كلها. في ذلك اليوم كان الخلاف بيني وبين زوجي محتدما كالنار تشتعل وتتعالي ألسنتها فتلتهم في طريقها كل شيء فيما كانت نظرات شقيقة زوجي ملؤها الشر مفعمة بسعادة وشماتة غريبين وتعالي الخلاف عنفا بيننا إلي حد أن زوجي أخذ يضربني بعنف وغباء حتي كسر لي ذراعي. لم يكن هناك سبب منطقي لكل هذا غير أني اكتشفت مدي ضعف شخصية زوجي وانقياده واستسلامه المذل لأخته.. وخرجت غاضبة لأهلي أحكي لهم كل شيء وما كان من والدي غير أنه هرول بي إلي المستشفي وأجريت لي جراحة وتم تجبيس يدي لأكثر من شهر ولكن ما هالني أن والدي رفض أن يحرر محضرا ضد زوجي وأصر علي الصلح معه ورفض طلاقي لأجد نفسي مضطرة للعيش معه وحاولت أن أستعيده وحبه وحنانه ثانية ولكنه كان قد تغير تماما وأصبح ألعوبة في يد أخته لدرجة أنه عندما أراد الله أن ينعم علينا بطفل لم يفرح به وتلقي نبأ حملي باستنكار لا أدري إن كان رافضا له أو لا يريد مني أولادا ترك لي البيت واستعنت بأهلي ينفقون علي حتي جاء موعد الولادة ووهب لي ربي طفلا هو الفرحة الوحيدة في الحياة, عوضني به عن عذابات كثيرة وحاولت أن أستميل قلب زوجي بابنه كان ظني أنه عندما يراه سيرق قلبه له ولكن قلبه كان قد تحجر تماما, رآه وكأنه لا يعرفه وما هي إلا أيام حتي عرفت أنه ارتبط بامرأة أخري وتزوج منها فلم يكن أمامي هذه المرة غير الطلاق ورغم رفض والدي لفكرة الانفصال وإحساسي الدائم أنه لا يقف إلي جواري أو يأتي لي بحقي أصررت علي موقفي وتم الانفصال وحاولت أن آخذ منه حقوقي الشرعية وحق ابني بالتراضي إلا أنه أبي ورفض حتي أن يعترف أن له ابنا له احتياجات هو مسئول عنها, ولجأت للقضاء لكي أحصل علي حقوقي وحقوق ابني, تمكنت من عمل تمكين لي بالشقة لأني حاضنه ولكنه أخذ يراوغني ويتهرب من حق النفقة الشرعية وقد تعجب يا سيدي من الأفعال التي كان يقوم بها لكي يحرم ابنه قوت يومه ولا يعنيه إن مات جوعا, فوجئت بتحريات الشرطة التي أمرت بها المحكمة للتأكد من قيمة دخله الشهري تظهره معدما ويال سخرية القدر أن تحكم لي المحكمة بناء علي هذه التحريات بنفقة شهرية قيمتها200 جنيه علي أن أنفق منها علي ابنه طعاما وشرابا وكسوة وعلاجا لو مرض ولم يكن أمامي غير أن أستأنف الحكم ولجأت إليك في الأهرام المسائي ولولا تدخلك وتعاون المقدم أحمد الشيخ رئيس مباحث قسم شرطة الضاهر معي وتفهمه لحالتي لضاع حق ابني الصغير فقد تحققت التحريات بالشكل الطبيعي لها وبالقدر الذي يناسب الواقع الذي يعيش عليه طليقي وكلي أمل في الجلسة القادمة في أن أحصل علي حق ابني في نفقة طبيعية أستطيع بها أن أرعاه رعاية كريمة. أنا الآن يا سيدي لم أعد الفتاة الصغيرة الحالمة بمستقبل مفعم بالسعادة وكأن عمري تجاوز الألف عام, انكسر قلبي وكرهت معني الرجولة في نفسي وقررت أن أعيش لابني ما بقي لي من عمر..! كيف أربط حياتي وحياة ابني بحياة رجل يلهو بهما ويعذبني أكثر مما تعذبت لقد فقدت الثقة أن يكون هناك رجل يعرف معني الحب أو المسئولية ولن أنسي يوما كنت فيه مع ابني في الشارع نمر بجوار المحل الذي يعمل فيه أبيه وطلب مني ابني أن أشتري له بعض الحلوي فخطر لي أن أحنن قلبه علي ابنه فقلت لصغيري اذهب لأبيك واطلب منه وانتظرت خارج المحل فإذا بالصغير يخرج باكيا, طرده أبوه مكسور الخاطر تملؤه الحسرة في هذه اللحظة أحسست أن ابني أصبح يتيما وماتت في قلبي أي رغبة للثقة في الرجال ما وضع خلافا بيني وأسرتي الذين يريدون زواجي ولكن أي زواج هذا الذي أذل فيه نفسي وولدي. ه. ن. القاهرة ترفقي بنفسك يا ابنتي فما مررت به ليس إلا محطة في حياتك حتما سوف تتلوها محطات تالية ربما تكون أشد قسوة من التجربة التي عشتيها وتتخيلين أنها الأقسي لأننا نعيش في الدنيا ألم يقل رب العزة لقد خلقنا الإنسان في كبد؟ ومن هنا تأتي حكمة الحياة ومكابدة الأحداث فيها موقنين بأقدار الله فيها متقبلين وحامدين الله عليها لأن في ذلك جوهر الإيمان بالله وقضائه وقدره ولذلك لا عليك من رجل لم يكن يوما رجلا بما تحمل الكلمة من معني شرقي توارثناه عرفا وتقاليد وثقافة مجتمعية فضلا عن أنه معني شرعي لمسئولية الرجل تجاه من هم في ولايته أو مسئوليته وإن كان زوجك السابق ترك زمام نفسه ألعوبة في يد أخته التي هي تبعا لقولك إنسانة معقدة لا تريد الخير لأحد فهو حر في نفسه يلوثها كيفما يشاء ولكن لما تظلمين أنت نفسك وتصمين كل رجل بوصمة زوجك تزرعين في قلبك عقدة لا ذنب لكي فيها غير أنها تجربة وانتهت وإذا كان هناك حق قانوني لك أو ابنك فلقد جعلنا الله سببا أن يصل صوتك للسيد محمود توفيق وزير الداخلية ويقف رجال أمن القاهرة ومباحث الضاهر إلي جوارك وإعادة الحق لأصحابه لذلك عليك أن تثقي في أنه لا يضيع حق وراءه مطالب وصدق المولي عز وجل في وصفه لقدسية العلاقة بين الآباء والأبناء وكما أن هناك حقا للابن تجاه أبيه وأمه فإن هناك حقا للأبناء علي والديهم في قوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده, البقرة:233].