رد الجميل هو ما ينتظره الفنان المخضرم بعد أن وهب حياته لفنه ولم يبخل عليه طوال سنين عمره, ليشعر أن ما قدمه طوال مسيرته الفنية وجد ما يستحق عليه الشكر والثناء. فنانون كثيرون رحلوا عن عالمنا دون أن يلقوا كلمة تحية سواء من أبناء مهنتهم أو من الدولة, ليتنبه الجميع بعدها أنهم كانوا في حاجة إلي لفتة طيبة تقدر عطاء الفنانين في نهاية مطافهم ليتم تكريم أسمائهم كراحلين عن عالمنا, ولعل هذا هو ما جعل العديد من المهرجانات السينمائية تلتفت لأهمية الجيل القديم خلال السنوات الأخيرة الماضية, متفادين أخطاء انتظار النجوم حتي رحيلهم لتكريمهم والتذكير بإسهاماتهم الفنية وعطائهم الطويل للفن بجميع أشكاله سواء في السينما أو المسرح أو التليفزيون. وهو ما ترجمه الفنان محمد صبحي خلال تكريمه ردا علي إغفال المهرجانات تكريم الفنانين في حياتهم ومنحهم التكريم بعد وفاتهم, قائلا: أرفض تكريمي بعد الموت, فلماذا يكرم الفنان بعد موته وليس في حياته, وينتبهون مؤخرا لتكريمه, كما أثار ضجة كبيرة أثناء تكريمه في احتفالية يوم العطاء بالمركز الكاثوليكي للسينما, بقوله: الحمد لله أنني استلمت تكريمي بنفسي وليس أولادي بعد وفاتي, في دلالة أنه ظلم في تكريمه خاصة أنه كرم في أكبر المحافل الدولية ولم يحظ بالتكريم اللائق بتاريخه وفنه في داخل بلده مصر. ولعل ما أشار إليه صبحي التفتت إليه المهرجانات, ليظهر بوضوح بعد إعلان تكريم الفنان حسن حسني ومنحه جائزة فاتن حمامة التقديرية لمهرجان القاهرة السينمائي في دورته المقبلة التي ستنعقد في نوفمبر المقبل. وأكد الفنان حسن حسني, في تصريح خاص لالأهرام المسائي, من حق الفنان أن يفرح بتكريمه أمام عينيه ولا ينتظر القائمون علي المهرجانات الفنية تكريمه بعد وفاته, معربا عن فخره بتكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي والذي سبق وكرم فيه من قبل في فترة التسعينيات, وتحديدا عام1993 وحصل حينها علي جائزة أحسن ممثل في مصر عن فيلم دماء علي الأسفت, وأحمد الله علي تكريمي مرة أخري في هذا المهرجان الكبير. وعن تأخر خطوة تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي بعد مشوار طويل من العطاء للفن, قال: إن هذه الخطوة لم تتأخر, والحمد لله لم يكن مهرجان القاهرة السينمائي الوحيد الذي حصلت علي تكريمات منه علي مشواري في الفن ولكني حصلت علي تكريمات كثيرة في حياتي, منها مهرجان الإسكندرية وغيرها من المحافل التي حصلت علي جوائز كثيرة منها أيضا, وأري أن تكريم الفنانين في حياتهم خطوة ممتازة للغاية لأن من حق الممثل الذي تعب في حياته من أجل العطاء للفن أن يفرح بتكريمه ولا ينتظرون حتي يموت وبعدها يكرمونه, رغم أنني أعتبر قيمة التكريم ليست ماديا بقدر أنها معنوية للفنان لأنها تسعده أكثر من أي شيء آخر وهي تعبير عن تقدير الناس لما بذله طول حياته في خدمه الفن. بينما قال الفنان عزت العلايلي: لا يمكن أن ننكر حجم السعادة التي يشعر بها الفنان في لحظة تكريمه لأنها لا تضاهيها أي فرحة, وهو بالنسبة لي المكافأة التي يحصل عليها المبدع, والفنان يعيش لكي يكرم أمام عينيه وهو نتاج عمله ومواقفه والتزامه وفنه, علي عكس تسليم التكريم لأولاده أو أقاربه بعد وفاته لأن الفنان لا يشعر بهذه المتعة التي يمكن أن يشعر بها وهو علي قيد الحياة. وأضاف: الحمد لله حصلت علي تكريمات كثيرة ومن بينها حصولي علي وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي مع الفنانة فاتن حمامة ونادية لطفي ومحمود ياسين وعدد من الممثلين الكبار, وسبق أن كرمت في مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الفيلم العربي, إضافة لمهرجانات كبيرة في الدول العربية كلها في الجزائر وتونس والمغرب ولبنان وسوريا وغيرها, فكل التكريمات التي حصلت عليها سواء بالداخل أو الخارج أفتخر وأعتز بها وهي وسام علي صدري. ومن جانبها, قالت الفنانة لبني عبد العزيز: إن الجائزة الكبيرة بالنسبة لي ليس التكريم ولكن عندما يصلني ردود علي أن الناس مازالت تحب أعمالي وتستمتع بها, وقيام المهرجانات بتسليمي لوحة أو شهادة تقدير أو درعا دون شك تعتبر لفتة طيبة منهم ودليلا علي أنهم يقدرون عطاء الفنان وأعماله, فمثلا حسين رياض علي سبيل المثال ليس بحاجة إلي أي تكريمات مادية بقدر ما أن أعماله مازالت تعيش في قلوبنا جميعا حتي هذه اللحظة, فهذه هي جائزته التي نالها من عبقريته وجمال أعماله, وتكريم الفنان لفتة جميلة والأجمل أن يكون الناس مبسوطين من الأعمال التي يقدمها الفنان. تابعت قائلة: إن تكريم الفنانين بعد وفاتهم شيء جيد لأولاد الفنان وليس للفنان نفسه لأنه لا يشعر بفرحته ومتعته بعد وفاته, ومع الأسف هناك تكريمات كثيرة لنجوم رحلوا دون أن يتذكرهم أحد وهم علي قيد الحياة, وكرموا بعد رحيلهم, كما أن التكريم لا يقتصر علي فناني الدرجة الأولي أو السوبر ستارز ولكن هناك من كانوا أعمدة الأفلام وحتي هذه اللحظة مازلنا نتذكر ذلك ونفكر فيها فمثلا زينات صدقي وعبد الفتاح القصري وفردوس محمد وغيرهم, هم من حملوا الأفلام وليس البطل أو البطلة. أضافت: أعتز للغاية بتكريمي في المهرجان القومي للسينما لأن الدولة هي من قامت بتكريمي وكرمت أيضا بمهرجان القاهرة السينمائي رغم أنني حزينة علي المهرجان الذي انطفأ بريقه, ولم يعد كما كان من قبل أيام سعد الدين وهبة, وكان فخرا كبيرا لي عندما كنت في الخارج حينما كنت أري نجوم العالم يحضرونه ويعودون لبلادهم ليتحدثوا عن جمال القاهرة وهو ما كان من أقوي أدوات الدعاية السياحية لمصر وهو يعد واجهة سياحية. ومن جانبه قال الفنان عبد الرحمن أبو زهرة: مللت بسبب كثرة التكريمات التي حصلت عليها فعندي بالمنزل24 تكريما يفكروني بأيام الماضي الجميل, ومؤخرا كرمت في مهرجان القومي للمسرح مع اسم الراحل حسين رياض, وكنت سعيدا أن أطال الله في عمري لأتسلم التكريم بنفسي ولم يحصل عليه أحد من أبنائي, وبعض الفنانين يكرمون بعد فترة طويلة من العناء وأتذكر أن سميحة أيوب قالت لهم تكريمي جاء متأخرا عشرين سنة. أضاف أن أي فنان يفرح عندما يتسلم تكريمه بنفسه, وأما حصوله علي التكريم بعد وفاته فأهله يتولون أمر تسلم تكريمه, وفي هذه اللحظة التكريم لا يمثل فرحة للمتوفي بقدر ما يمثل فرحة لأهله, ومن الجيد أن تنتبه الدولة لتكريم الفنانين الكبار وهم علي قيد الحياة ولا ينتظرون وفاتهم حتي يتذكروهم.