أكد المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أن قرارات تصحيح منظومة دعم المنتجات البترولية وتعديل التشوهات السعرية في هذه المنظومة ليست هدفا في حد ذاته, بل كانت بمثابة إجراءات حاسمة تتخذها الدولة للحد من الآثار السلبية التي خلفتها منظومة الدعم المشوهة, التي استمرت علي مدار سنوات طويلة علي الاقتصاد المصري والخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين, والتي تأثرت بشدة نتيجة التهام منظومة دعم المنتجات البترولية للموارد المالية. وأضاف أنه وبالرغم من أن دعم المنتجات البترولية تم إقراره في الأساس لحماية البعد الاجتماعي, فإن الواقع يؤكد أن هذا الدعم كان أكبر عامل سلبي يعيق تحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع في ظل استفادة الفئات الأعلي دخلا والأكثر قدرة من الجانب الأكبر من الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغاز الطبيعي, بينما لا تستفيد الفئات الأقل دخلا إلا بالنسبة الأقل, وهو الأمر الذي تؤكده الدراسات والتقارير عن الدعم. وأشار الملا إلي أن أبرز الآثار السلبية للمنظومة الحالية للدعم تتمثل في أن الدعم يمثل الفرق بين التكلفة الفعلية للمنتجات البترولية التي تتحملها وزارة البترول وسعر البيع محليا المحدد جبريا, والذي يقل عن تكلفة إنتاجها, موضحا أن قيمة الدعم تتوقف علي ثلاثة عوامل رئيسية هي: سعر البترول عالميا, وسعر صرف العملات الأجنبية, وحجم الاستهلاك المحلي. ولفت إلي أن فاتورة الدعم شهدت خلال العامين الأخيرين زيادة مطردة, حيث من المقدر أن ترتفع فاتورة دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعي إلي نحو125 مليار جنيه نهاية العام المالي الحالي2017-..2018 كما قدرت قيمة الدعم في موازنة العام المالي2018-2019 بحوالي89 مليار جنيه علي أساس سعر خام برنت67 دولارا للبرميل وسعر صرف الدولار25 ر17 جنيه.. مبينا أنه في ضوء الارتفاع في أسعار خام برنت حاليا فإن كل دولار زيادة في سعر برنت يؤدي إلي زيادة في قيمة الدعم نحو5,3 مليار جنيه. كما أوضح أنه مع الارتفاعات الحالية في أسعار البترول العالمية, فمن المتوقع أن تتفاقم الآثار السلبية للنظام الحالي للدعم, وهو ما سيؤدي إلي زيادة الأعباء علي الموازنة العامة للدولة مما يعوق فرص التنمية وتحسين مستوي المعيشة والخدمات المؤداة للمواطنين من تعليم و صحة و نقل واستنزاف الموارد الطبيعية والإسراف في الاستهلاك وانتشار الاستخدامات غير الشرعية للمنتجات البترولية وظهور السوق السوداء. ونوه الملا بأن التشوهات السعرية الناتجة عن بيع المنتجات البترولية بأقل من تكلفتها يؤدي إلي خلل في منظومة الاستهلاك دون تحقيق قيمة مضافة, والتأثير السلبي علي الاقتصاد المصري, وكذلك التأثير السلبي علي عائدات قطاع البترول وموقف السيولة لديه مما يحد من قدرته علي القيام بواجباته تجاه الدولة والمواطنين, بالإضافة إلي التأثير السلبي علي قدرة قطاع البترول في تنفيذ مشروعات جديدة في مختلف أنشطة صناعة البترول والغاز الطبيعي لكي يستطيع القيام بدوره الأساسي في توفير الطاقة لكل القطاعات باعتبارها عصب التنمية الاقتصادية مع التأثير السلبي علي ضخ الشركات الأجنبية للاستثمارات اللازمة لأنشطة البحث والتنمية وزيادة معدلات الإنتاج من الزيت الخام والغاز, وبالتالي زيادة الاستيراد بالأسعار العالمية وزيادة قيمة الدعم. وتابع: كما سينتج عن تلك التشوهات السعرية تراكم مستحقات الشركاء الأجانب لعجز السيولة لقطاع البترول, الذي يوجه معظم موارده لتغطية جانب من احتياجات السوق المحلي من خلال الاستيراد, بالإضافة إلي التأثير السلبي علي التقييم المالي لقطاع البترول والدولة وعدم تحقيق الجدوي الاقتصادية لمشروعات ترشيد استهلاك الطاقة وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة, وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية وحصول الطبقات الغنية الأكثر قدرة علي أكبر نسبة من الدعم. ولفت إلي أنه علي الرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار المنتجات البترولية, فإن الحكومة لاتزال تدعم مختلف أنواع المنتجات البترولية, ولم يصل السعر المحلي بعد إلي قيمة تكلفة انتاجها حيث يمثل الإنتاج المحلي نسبة نحو70% من الاستهلاك, ويتم استيراد ال30% الباقية. وأكد الملا أنه لاتزال نسبة إيرادات البيع بالسعر المحلي إلي التكلفة تمثل نحو75%-80%, وتضع وزارة البترول والثروة المعدنية استراتيجية جاري تنفيذها لزيادة الإنتاج المحلي من البترول والغاز لتقليل نسبة الاستيراد وخفض التكلفة.