بعد هجمات التتار علي بلاد المسلمين أقطع جنكيز خان لحفيده باتو بلاد روسيا وخوارزم والوقوقاز وبلغاريا, وأطلق عليهم القبيلة الذهبية, أو مغول الشمال, وهي أولي قبائل المغول في اعتناق الإسلام, ويعتبر بركة خان أول من أسلم من أمراء المغول, وذلك عام650 ه, وهو عائد من قرة قورم عاصمة دولة المغول الكبري, ثم بايع الخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد ودخل الإسلام. أسست القبيلة الذهبية إمارة القبشاق التي سيطرت علي أجزاء واسعة من روسيا وسيبيريا, واتخذت من مدينة سراي في الفولجا عاصمة لها وأصبحت شبه جزيرة القرم في جنوبأوكرانيا التي استوطنتها القبائل التتارية كلها إسلامية, وكان اسمها فيما مضي' آق مسجد' أي' المسجد الأبيض', وأصبحت أغلب المناطق التي عرفت فيما بعد بالاتحاد السوفيتي خاضعة لحكم التتار المسلمين وامتد حكمهم لهذه المناطق ثلاثة قرون تقريبا. قويت دولة القرم التتارية بمد نفوذها علي الأراضي المجاورة لها, وبلغت قوتها أن إمارة موسكو كانت تدفع لها جزية سنوية, وكانت خلالها موسكو إمارة صغيرة تخضع لحكم أمير قازاق المسلم, والقازاق قبائل ذات أصول تركية ويتركزون في كازاخستان الآن, وظل التتار يحكمون شبه جزيرة القرم حتي دب الضعف في دولتهم نتيجة الصراع بين أبناء الأسرة الحاكمة, وتفتت الدولة الواحدة إلي خمس دول, هي: القرم, استراخان, خوارزم, قازان, سيبريا الغربية, وهو ما جرأ الروس لمهاجمة دولة القرم وسيطروا علي أجزاء منها. قرر السلطان العثماني محمد الفاتح نجدة المسلمين وحمايتهم من هجمات الروس, فقام بإعداد أسطول كبير وتحرك به إلي القرم وهزم جيشها ودخلها في رمضان889 ه 1474 م وضمها إلي الدولة العثمانية, وضمن ذلك انتشار الإسلام في حدود روسيا, وتقوية الدولة العثمانية أمام أوروبا.