لعلك تدرك أن الأسرار الدفينة في نفوسنا تتشعب في النفس سنوات بعيدة هي الأساس في ذلك الإحساس المرير في قلب كل مجروح قد تعترضك حكايته ولعلك أدركت من مناقشتك لصاحب قلب من نار أنه من تسبب في جرح حبيبته جرحا غائرا وأنه من زرع الشوك في جنبات حياته فأدماها قتلا ولكن كيف للقتيل أن يسترد روحة لمجرد أن قاتله قد ندم. أجل يا سيدي أنا من كانت لهذا الرجل ضحية أنا من أطاح بها بعيدا بكل طاقته ووصمها بأبشع الصفات ما قد يشينها ويمتهن كرامتها وبعد كل هذا يريد أن يمحو أثر جريمته باعتذار واه ووعود خادعة ماكرة.. كيف يمحو حزنا مريرا أورثه قلبي الذي كان له محبا وكيف أشعر نحوه بالحب وقد داس عليه بأقدامه وتعلقت حياتي معه علي كلمة طلقني بها بدلا من مرة مرتين حتي أنه أنكر أولاده في غمرة غضبه المفتعل علي. أعلم أن الخطأ خطأي من البداية عندما وافقت أن أتزوجه وكان متزوجا وله طفلان ولكني أحببته حتي غاب عقلي معه ويعلم الله كيف اجتهدت طويلا وصبرت حتي أعييت الصبر مني كي لا ينهدم بيتي خاصة وأن الله قد رزقني منه بولد وبنت ومن أجلهم كان علي أن أتحمل مشقة الصراع مع أهل زوجي وامرأته السابقة الذين لم يتركوا سبيلا لإبعادي عن حياتهم وانتصروا علي وطلقني زوجي وألقي بي إلي الشارع بلا مأوي ولا نفقة لمدة عام ونصف يعلم الله كيف قضيتها ثم عاد إلي ندما ورغبة في إعادتي لعصمته ولم أتردد, وافقته رغم يقيني بالشقاء الذي ينتظرني من أجلي طفلاي واستقرار حياتهم وعزمت هذه المرة علي أن لا أترك السبيل لأحد كي يهدم بيتي, تمنيت أن يكون زوجي قد تغير وأحس كم أنا أحبه وأبذل حياتي لأسعده ولكن الحب الذي كان يعرفه ليس إلا رغبة جامحة تجتاح نفسه سرعان ما تهدأ وينفر مني ويذهب لبيته الثاني, لم تكن غيرتي من أنه يذهب لضرتي ما كان يشقيني فذلك واقع ارتضيته من البداية وحق الله فيه العدل بيني وبينها ولكن ما كان يحدث كلما جاء من هناك هو سر عذابي, كنت أراه شخصا آخر غير الذي أحببته وتزوجته, ينقلب علي إلي حد الكراهية, عشر سنوات وأنا أصبر وأتجرع مرارة العشرة معه ولكن طاقتي ما عادت تحتمل قسوة قلبه معي إلي حد الصفع علي الوجه وتهديدي بنصل السكين وكان حتما أن يقع الطلاق للمرة الثانية ولكن بعد عشر سنوات هذه المرة كنت أشعر فيها أني سجينة بلا قضبان وها هي حريتي أصبحت في يدي, تخلصت أخيرا من أغلالي أما أولادي فسأكون لهم أما وأبا وسأعلمهم معني الحب وليست الكراهية, كيف يكونون سعداء في حياتهم ولا يتعسون أنفسهم بأيديهم, لن أسمح أن يعيشوا سيناريو العذاب الذي عشته أنا والأغرب أن أبيهم يصر علي العودة وتعذيبي مرة أخري وو تعذيب أولاده بالتبعية عندما يرون أبيهم وأمهم في شقاق دائم. أنا عندما قررت أن أكتب لك ذلك لكي تري الصورة من الجانب الآخر وليس كما صورها لك هو إنما يريدني كما كنت له من قبل ذليلة بحبي, أسيرة لرغباته, مرمي لسهام أهله وكراهيتهم. لقد قلت له أصبر عليها لعلها تتأكد أنك قد تغيرت وندمت علي ظلمك لها.. بالله عليك كيف أتأكد أنا من عاشرته عقدا من الزمان من تغيره وهل يغلب الطبع التطبع؟ لا أريد من أحد أن يقول لي تنازلي ولا تكوني أنانية وضحي من أجل أولادك واقبلي العودة إليه, فقد تنازلت قبل عشر سنوات واحترق شبابي معه ظلما وقهرا وبات مستحيلا أن أعيش هذه الحياة ثانية بمحض إرادتي.. كل من حولي يضغطون علي كي أرجع, هم لا يعلمون أني لست آله يحركونها كيفما يشاءون فأنا قدري أن تتسم شخصيتي بالرومانسية لا أعرف أن أعيش علاقة مع شخص إلا إذا كنت أحبه وأنا عندما تزوجته كنت أحبه وعشت معه بالحب حتي بات أطلالا.. لقد خنق الحب في قلبي حتي وأده فكيف له أن يحييه ثانية وهل يريدني جثة علي قيد الحياة بلا قلب أو مشاعر؟ عندما حادثتك سيدي طلبت مني أن أمهل نفسي وقتا كي أتخذ قراري بعقلانية بعيدا عن العاطفة المجروحة ولكني لا أستطيع, صدقني حاولت ولكن ما اقترفه في نفسي من جرم أقوي من أي تحمل أو صبر, فليرحمني الله من هذا العذاب. م. ب. القاهرة عندما تحدثت إليك لم يكن هدفي الصلح بينك وبين من كان زوجك بقدر رغبتي في التنقيب عن أسباب ذلك الشرخ الاجتماعي الذي وقع في حياتكما ونتج عنه كل هذا الشقاق والكراهية, لابد وأن نتفق يا سيدتي أننا لسنا ملائكة في هذه الدنيا وكل منا وله نقائصه وخطاياه كما أننا لسنا معنيين بتقييم بعضنا البعض وإصدار أحكام علي غيرنا دونا منا فمن قال أنك لم تشاركي فيما وقع لك من ظلم وقهر إما باستسلامك له من البداية أو صبرك دون قيامك بمواجهة حقيقية لمأساتك مثل التي تقدمين عليها اليوم. أدرك مدي الصراع في نفسك ومرارته, وأحس عذابك وقيمة الحرية التي حصلت. عليها وليس سهلا أن تتخلي عنها بمحض إرادتك, ولكن شيئا من العقل يكفي لشفاء النفس من جراحها لو تيقنا من التغيير ووجود رغبة حقيقية فيه ولعل تمسكه المرضي بك يكون دليلا علي صدق مشاعره فاصفحي الصفح الجميل فقد قال تعالي:{ يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}, التغابن:14]. وإذا كان الأمل في غد جديد مغاير لما مضي من شقاء وألم أصبح سرابا فكيف لكي أن تتوافقي مع نفسك حتي لو كانت هناك بداية أخري مع شخص آخر وكيف لأولادك أن يتعايشوا بنصف حياة مع أم ليست لهم خالصة وأب غاب عنهم إما بإرادته أو رغما عنه. لك الله يا سيدتي في الصبر والنهل منه فاهدأي بالا لعل القادم أفضل.