استعلم الآن.. رابط نتيجة الثانوية العامة 2025    قفزة ل الدولار الأمريكي اليوم الأربعاء 23-7-2025 عالميًا.. وانخفاض بقية العملات الأجنبية    ترامب: أوروبا قادمة غدا لإجراء مفاوضات تجارية    مجلس الأمن يدعو لتسوية النزاعات سلميا وسط تصاعد الحروب وانتهاك القانون الدولي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء| أبرزاها مواجهتي الأهلي والاتحاد استعدادًا ل السوبر السعودي    10 عمال زراعة.. أسماء المصابين في حادث انقلاب سيارة ب«صحراوى البحيرة»    حريق يلتهم محلين تجاريين وشقة في أسيوط    وزير العمل: سنعيد تقييم تراخيص شركات إلحاق العمالة.. لدينا 1200 يعمل منها حوالي 100    «زي النهارده» في ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952‌‌.. قيام ثورة ‌‌23‌‌ يوليو ‌‌1952    فيتو داخل منزل نوران نبيل السادسة على الجمهورية: أفتخر بلقب أخت الدكاترة ومثلي الأعلى مجدي يعقوب (فيديو)    قصف موقع قيادة للاحتلال وتدمير ناقلة جند إسرائيلية ب قذيفة «الياسين 105»    مؤشرات تنسيق كليات الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي 2025.. الحد الأدنى للقبول علمي علوم ورياضة    عودة القائد.. حارس الصفاقسي يرحب ب معلول (صورة)    سعر اليورو اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 مقابل الجنيه.. بكام في الأهلي ومصر؟ (آخر تحديث)    أسعار سيارات Genesis في السوق المصري    تظلمات نتيجة الثانوية العامة 2025 «الخطوات والرسوم والمواعيد الرسمية»    حمزة نمرة يطرح اليوم الدفعة الأولى من ألبومه "قرار شخصي"    نقابة الموسيقيين اللبنانية عن تقبيل راغب علامة في حفل العلمين: تعبير عن محبة واحترام    طريقة عمل الحواوشي بالعيش، أحلى وأوفر من الجاهز    التعليم العالي: 1.1 مليون متقدم للتنسيق وفرص طلاب الثانوية الحديثة أعلى في الهندسة والحاسبات    ترامب يتهم باراك أوباما بالخيانة بشأن تدخل روسيا في انتخابات 2016    إحالة وزيرة فرنسية وكارلوس غصن إلى المحاكمة.. ما السبب؟    بانوراما أيامنا الحلوة تجسّد مشاعر الحنين إلى الماضي على المسرح المكشوف بالأوبرا    لنقلهم إلى درعا.. دفعة جديدة من الحافلات تصل السويداء لإخراج المحتجزين    فيروس شيكونجونيا.. ما هو وباء البعوض الذي حذرت منه منظمة الصحة العالمية ويهدد 5 مليارات شخص؟    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    جيش الاحتلال يُحاصر مستشفيين ويقتحم بلدات في الضفة الغربية    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    عبد المنعم سعيد: الاستقرار في مصر والسعودية نتاج قرار وطني ينبذ التفرقة الطائفية    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    محافظ الشرقية يهنئ ياسمين حسام لتفوقها: نموذج مشرف لأبناء المحافظة    من 4% إلى 70%.. الطالبة ميار حماده تحقق قفزة دراسية لافتة في قنا    درس حصوله على الجنسية المصرية.. شوبير يكشف مفاجأة بشأن وسام أبو علي    إلى الحبيب الغالي.. رسالة من ممدوح عباس إلى حسن شحاتة    موندو ديبورتيفو: الخطيب بحث إمكانية مواجهة برشلونة بافتتاح استاد الأهلي خلال زيارة لابورتا    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للقصة بقية
الكتيبة الأسطورة..103 صاعقة الأبطال: هناك كيمياء خاصة تتشكل منها عقيدة المقاتل المصري يصعب وصفها
نشر في الأهرام المسائي يوم 25 - 04 - 2018

أصبح العقيد أحمد المنسي أسطورة تاريخية, جمعت بين قيم الإنسانية واحترافية العسكرية المصرية, ومن قبله العقيد رامي حسنين بسجله الحافل بالخبرات ونياشين البطولات, هذا ما يعرفه الكثيرون, لكنه مجرد جزء من القصة,
لكن من يعرف الكتيبة103 صاعقة عن قرب سيدرك أن للقصة بقية.. وأن رامي والمنسي وشبراوي أحدث الأبطال الذين تقدموا صفوف الأساطير, فهنا في كل مكان أسطورة.. في كل موقع لمسة شهيد.. هنا في مصنع الكتيبة103 تسك السبائك من أندر المعادن البشرية وفق المثل المصري الشهير الرجال معادن.
توقفت الأهرام المسائي يوما للمعايشة في الكتيبة103, بين مواقع التدريب مع آخر ضوء النهار, حيث لا يكل المقاتلون من التدريب بعد العودة من عمليات المداهمة الخارجية ليلا ونهارا, وغالبا ما يخرجون لغيرها دون الحصول علي قسط من راحة أو قليل من طعام يسد الرمق, وعلي الرغم من أن المشاركة في المداهمات اختيارية فإن الجميع يتسابقون ويتنافسون للمشاركة, ما إن نبدأ بالحديث إلي أي منهم حتي يقول لنا دستور العقيدة القتالية في كلمتين: النصر أو الشهادة, الكلمات المفتاحية هنا المنسي.. رامي.. الشبراوي.. الأرض.. الشرف, روح واحدة في أجساد مختلفة, ربما هو سر الحالة الخاصة للكتيبة الأسطورة103 صاعقة.
تجاذبت أطراف الحديث مع القائد حول هذه الحالة الخاصة ليقول: الأبطال هنا علي العهد لاستكمال المسيرة التي بدأها من سبقهم, ومن يلحق بهم من الأبطال, والتي تعلمناها في مدرسة الجيش المصري.. لسنا سوي ترس في مجموعة تعمل في منظومة أمن الوطن.. أقول لك: نعم هي حالة خاصة, لأسباب عديدة, منها علي سبيل المثال أنه لا فرق لدينا بين ضابط وصف ضابط وجندي, الكل في واحد في القتال والفداء.. في المأكل والمشرب, شخصيا أتعلم منهم بعدما جئت إلي هنا بعد العقيد منسي,وبعد العقيد رامي, أسماء كبيرة, تعلمت هنا الكثير إنسانيا وميدانيا, فتفاصيل المداهمات التي نقوم بها تعلمت الكثير عنها من هؤلاء المقاتلين, فلديهم هذه الخبرات التي يتم تداولها بينهم ككلمة السر, ونطورها معا في كل مداهمة, ويضيف: طول حياتي سمعت في الصاعقة كلمة: إحنا رجالة مع بعض.. طول حياتي سمعت كلمة إحنا شجعان مع بعض.. لكن أول مرة أفهم المعاني الحقيقية لها هنا في103.
ربما هي كيمياء خاصة لا وصف لها, تتشكل منها عقيدة الجندي المصري, ويضيف القائد: أعجز عن وصف الأبطال, كقائد أنتظر في بعض الأحيان أن يأتي مقاتل ليستأذن مني في الحصول علي راحة, أو يطلب أجازة, لكن ما يحدث هو العكس, كنا في مداهمة استمرت أربعة أيام في الجبل وعلي الرمال لا أحد يسأل عن راحة, أحيانا أوجه للبعض أمر بالنوم في موقعه وهو في حفرة رملية أجده يسند رأسه فقط إلي سلاحه وكأنه في وضع الاستعداد دون أن يستغرق في النوم.
وسط هذا السيل الذي لا ينقطع من القصص عن الأبطال, بل إن بعض القصص يستدعي في داخلها حكايات فرعية لا تبتعد عن الإطار ذاته, فعلي سبيل المثال, هذا المقاتل قطع إجازته ليعود للمشاركة في عملية مداهمة حتي لا يفوته شرف المشاركة فيها, وآخر وضع اسمه محل اسم زميله حتي يشارك في العملية المقبلة, وثالث عاد من إجازته فوجد القائد كان يتواصل مع أهله ليطمئنهم عليه ويتعرف علي أحوالهم ويسألهم عن أي احتياجات تلزمهم في غياب ابنهم المقاتل, والقاسم المشترك بين الجميع أنهم لا يريدون أن ينهوا فترة التجنيد التي كانت قد انتهت رسميا بالفعل قبل نحو الشهر.
انتقلنا إلي الحديث عن المهام الخاصة ل103 صاعقة, هناك عناونين عريضة فقط, لا توجد تفاصيل, فكل مهمة تخلق تفاصيلها الخاصة وظروفها ف90% من عمل103 عمليات نوعية, لأن العنوان الأساسي المهام الخاصة وغير النمطية في التعامل مع العصابات التكفيرية, وبين ثنايا الحديث نتعرف علي بعض الملامح الخاصة بهذه المهام, فالمقاتلون هنا لديهم خريطة حصرية بمواقع تمركزات تلك الجماعات التكفيرية, ليست جماعة واحدة وإنما أكثر, يتقاربون تنظيميا ويتباعدون إلي حد الشقاق بينهم فكريا, يعلق القائد علي ذلك: خلافهم في عقيدتهم الفاسدة مصلحة لنا وإن كان لا يهم تلك الفوارق الأيديولوجية.. نتعامل معهم كعدو واحد.
وعن طبيعة العدو يضيف القائد: العصابات التكفيرية لديها تكتيكات متطورة في التعامل تهدف إلي استدراج القوات, ونحن ندرك أننا لن نحاربهم إلا بأسلوبهم بل نطور الأسلوب, نعرف طريقة التفكير ونتعامل بها, وقد نسبق بخطوة أو خطوات, هذا هو إطار العمل غير النمطي, فالتكفيري يريد التعامل معنا بدون مواجهة عن طريق زرع العبوات.. نشر القناصة, يطور أحيانا العبوات.. تركيب العبوات, هذا العدو الخائن عقيدته هي الترهيب ولكنه لا يرهبنا.
يطور العدو تكتيكاته لكن المهم أن يكون هناك إدراك لهذه التكتيكات الكثيرة والمتغيرة, ثم التعامل معها بتكتيك مناسب, يضيف القائد لهذا السياق قائلا: أعرف تكتيكات عدوي.. هو ليس ظاهرا لكني أعرف موقعه عبر مؤشرات تعلمناها بالخبرة, يعتمد علي أن ينصب لنا كمينا ويستدرجنا إليه في موقع انتظاره, هنا أعمل علي أن أسبق هذه المناورة, أستطلع عيونه من الخونة الذين ينشرهم في المواقع المختلفة ممن باعوا الوطن والأهل, وأتعامل معهم بأسلوبهم, وبنشر عيوني الموالين للوطن والجيش.. وفيما يتعلق بنا هناك مساعدة من فرق الصاعقة الأخري أو التشكيلات التقليدية التي تقوم بمهام مشتركة حتي نساعد بعضنا البعض في تحقيق الهدف الرئيسي وهو التخلص من التكفيريين واقتلاع جذور الإرهاب.
تفرض القوات المعاونة لقوات المداهمة والاقتحام حصارا لوجيستيا علي تلك المجموعات, أفقدتها الكثير من قدراتها, وقطعت عنها الإمدادات, وفصلت بين مجموعاتها, إلي جانب تدمير القدر الكبير من البنية التحتية التي يستخدمها الإرهاب, بات يعتمد علي العنصر البشري أكثر, يقول القائد عن النتائج الحالية في إطار أداء العملية الشاملة سيناء2018, ويضيف: وكان من تداعيات الحصار اللوجيستي أيضا اختلافهم الشديد, والبعض يتراجع عن التنفيذ, لقد أصبحوا ضعفاء وخائفين, الآن ندرك أن أسلوبنا يؤتي ثماره, ويكمل: قبل العملية الشاملة كنا نقوم بعمليات مداهمة في إطار عمليات مثل حق الشهيد, نجد لدي بعض المقبوض عليهم ملايين الدولارات أحيانا لشراء الأسلحة وشراء ذمم الأشخاص من ضعاف النفوس الذين يشترون بكل الوسائل المتصورة وغير المتصورة, وبسخاء ليعملوا مراقبين ومخبرين لديهم ولشراء المؤن, كل هذا بات تحت السيطرة, كان القائد يدلل بذلك علي تراجع قدراتهم.
كان لدي انطباع سلبي عن المتعاونين مع القوات بشكل عام, فالحرب خدعة قد يندس البعض علي القوات كجزء من تكتيكات العدو, لكن القائد غير هذا التصور لدي ليقول: علي العكس.. الكثيرون هنا يريدون التخلص من هؤلاء التكفيريين, لقد تشكلت لدينا من تراكم الخبرات القدرة علي الفرز والتعرف علي جدية المتطوع للتعاون.
قبل أن أنهي الحديث مع القائد سألته عن الرسائل التي يريد أن يبعث بها للآخرين, فقال: لدي ثلاث رسائل: الأولي للأبطال الشهداء الذين اختارتهم عناية الله رامي.. الشبراوي.. المنسي والكثيرين الذين لا تعرفونهم, أقول لهم أيها الأبطال بأمر الله نكمل رسالتكم, نتمني أن نكون عند حسن ظنكم وأنتم في موقع أسمي منا الآن, ليقدرنا الله علي أن نحمل حملكم, إن طاقة عزيمتنا نستمدها منكم وليلحقنا الله بكم في منزلة لا تعادلها منزلة, ورسالتي الثانية لأهلنا خارج الميدان: كونوا إيجابيين, نحن منكم وأنتم منا, أنتم شعبنا ونحن جيشكم, نؤدي واجبنا بثقة وأمانة, أقول في رسالتي الأخيرة لهولاء الذين ضلوا الطريق وسعوا إلي الضلال: عليكم أن تتركوا حكم الله في أرضه, لن نترككم تفسدون في أرضه, سنقتلعكم من عليها ونطهر مصر من شروركم وفسادكم.
تركت القائد وتوجهت إلي بعض المقاتلين, هنا العديد منهم يستعدون لمهمة جديدة, يعدون السلاح ويذكرون بعضهم البعض بالواجب وباحتياطات العمل.. اليقظة والانتباه والمثابرة, الحرفية العالية.. التعامل اللحظي مع المتغيرات الميدانية بكل كفاءة واقتدار, قال القائد عنها قبل أن يفارقني للاستعداد معهم وإن كان الليل قد أقبل: كلنا كقوات مسلحة, إن شاء الله, هنخلص سيناء من الإرهاب والتكفير والترهيب, الرجال هنا يدكون الأرض علي الإرهابيين; فوقها وتحتها, رافعين شعار الفداء والتضحية والمجد.
أول المتحدثين من المقاتلين بدأ بالفخر حول مشاركته في العملية سيناء2018 يقول: كنت أخشي أن تنتهي خدمتي العسكرية دون أن أستعيد حق الشهداء الذين عرفتهم هنا, لن أنسي كمين البرث وما حدث فيه, فكلما تذكرته كلما تجددت لدي الهمة في الثأر لهم. تقدمت إلي مقاتل آخر ليقول وهو يتمم علي سلاحه: نسينا الخوف, لن أترك عدوي, شاركت في الكثير من المداهمات, قبضت علي الكثير منهم, لدي إصرار علي أن ألقي القبض عليه, وإن لم يكن فأتعامل معه بسلاحي حيث يتعامل بسلاحه. أما ثالث المتحدثين فبدأ وعيناه تغرورقان بالدموع حزنا علي زملائه من الشهداء الذين فقدهم في بعض المداهمات, يقول: كل هذه القوة لكننا نحن للرفاق خاصة الذين شاركت معهم في5 مداهمات مع العقيد المنسي, لكل منهم حكاية نعرفها كأشقاء, كلهم تركوا الوصية لنا قبل الفراق.. أن نلبي النداء حين تطلب مصر وأن نفديها, الآن نحس بالفخر, وأرض سيناء أرض البطولات تتطهر من هولاء, لن يمس مصر سوء لأننا عليهم قادرون وفي كل مداهمة يتحقق لنا النصر, ولأن قادتنا الجدد يواصلون العهد الذي أرساه الشهداء من قبلهم.
يصعب علينا أن نفارق الكتيبة103 صاعقة, توجهنا إلي لوحة كبيرة عليها صور الشهداء, كان الجنود من آن لآخر يؤدون لهم التحية العسكرية تحية وفخرا, قبل أن يتحركوا ليضيفوا الجديد في سجلات بطولاتهم.
للقصة بقية
الكتيبة الأسطورة..103 صاعقة
الأبطال: هناك كيمياء خاصة تتشكل منها عقيدة المقاتل المصري يصعب وصفها
أصبح العقيد أحمد المنسي أسطورة تاريخية, جمعت بين قيم الإنسانية واحترافية العسكرية المصرية, ومن قبله العقيد رامي حسنين بسجله الحافل بالخبرات ونياشين البطولات, هذا ما يعرفه الكثيرون, لكنه مجرد جزء من القصة, لكن من يعرف الكتيبة103 صاعقة عن قرب سيدرك أن للقصة بقية.. وأن رامي والمنسي وشبراوي أحدث الأبطال الذين تقدموا صفوف الأساطير, فهنا في كل مكان أسطورة.. في كل موقع لمسة شهيد.. هنا في مصنع الكتيبة103 تسك السبائك من أندر المعادن البشرية وفق المثل المصري الشهير الرجال معادن.
توقفت الأهرام المسائي يوما للمعايشة في الكتيبة103, بين مواقع التدريب مع آخر ضوء النهار, حيث لا يكل المقاتلون من التدريب بعد العودة من عمليات المداهمة الخارجية ليلا ونهارا, وغالبا ما يخرجون لغيرها دون الحصول علي قسط من راحة أو قليل من طعام يسد الرمق, وعلي الرغم من أن المشاركة في المداهمات اختيارية فإن الجميع يتسابقون ويتنافسون للمشاركة, ما إن نبدأ بالحديث إلي أي منهم حتي يقول لنا دستور العقيدة القتالية في كلمتين: النصر أو الشهادة, الكلمات المفتاحية هنا المنسي.. رامي.. الشبراوي.. الأرض.. الشرف, روح واحدة في أجساد مختلفة, ربما هو سر الحالة الخاصة للكتيبة الأسطورة103 صاعقة.
تجاذبت أطراف الحديث مع القائد حول هذه الحالة الخاصة ليقول: الأبطال هنا علي العهد لاستكمال المسيرة التي بدأها من سبقهم, ومن يلحق بهم من الأبطال, والتي تعلمناها في مدرسة الجيش المصري.. لسنا سوي ترس في مجموعة تعمل في منظومة أمن الوطن.. أقول لك: نعم هي حالة خاصة, لأسباب عديدة, منها علي سبيل المثال أنه لا فرق لدينا بين ضابط وصف ضابط وجندي, الكل في واحد في القتال والفداء.. في المأكل والمشرب, شخصيا أتعلم منهم بعدما جئت إلي هنا بعد العقيد منسي,وبعد العقيد رامي, أسماء كبيرة, تعلمت هنا الكثير إنسانيا وميدانيا, فتفاصيل المداهمات التي نقوم بها تعلمت الكثير عنها من هؤلاء المقاتلين, فلديهم هذه الخبرات التي يتم تداولها بينهم ككلمة السر, ونطورها معا في كل مداهمة, ويضيف: طول حياتي سمعت في الصاعقة كلمة: إحنا رجالة مع بعض.. طول حياتي سمعت كلمة إحنا شجعان مع بعض.. لكن أول مرة أفهم المعاني الحقيقية لها هنا في103.
ربما هي كيمياء خاصة لا وصف لها, تتشكل منها عقيدة الجندي المصري, ويضيف القائد: أعجز عن وصف الأبطال, كقائد أنتظر في بعض الأحيان أن يأتي مقاتل ليستأذن مني في الحصول علي راحة, أو يطلب أجازة, لكن ما يحدث هو العكس, كنا في مداهمة استمرت أربعة أيام في الجبل وعلي الرمال لا أحد يسأل عن راحة, أحيانا أوجه للبعض أمر بالنوم في موقعه وهو في حفرة رملية أجده يسند رأسه فقط إلي سلاحه وكأنه في وضع الاستعداد دون أن يستغرق في النوم.
وسط هذا السيل الذي لا ينقطع من القصص عن الأبطال, بل إن بعض القصص يستدعي في داخلها حكايات فرعية لا تبتعد عن الإطار ذاته, فعلي سبيل المثال, هذا المقاتل قطع إجازته ليعود للمشاركة في عملية مداهمة حتي لا يفوته شرف المشاركة فيها, وآخر وضع اسمه محل اسم زميله حتي يشارك في العملية المقبلة, وثالث عاد من إجازته فوجد القائد كان يتواصل مع أهله ليطمئنهم عليه ويتعرف علي أحوالهم ويسألهم عن أي احتياجات تلزمهم في غياب ابنهم المقاتل, والقاسم المشترك بين الجميع أنهم لا يريدون أن ينهوا فترة التجنيد التي كانت قد انتهت رسميا بالفعل قبل نحو الشهر.
انتقلنا إلي الحديث عن المهام الخاصة ل103 صاعقة, هناك عناونين عريضة فقط, لا توجد تفاصيل, فكل مهمة تخلق تفاصيلها الخاصة وظروفها ف90% من عمل103 عمليات نوعية, لأن العنوان الأساسي المهام الخاصة وغير النمطية في التعامل مع العصابات التكفيرية, وبين ثنايا الحديث نتعرف علي بعض الملامح الخاصة بهذه المهام, فالمقاتلون هنا لديهم خريطة حصرية بمواقع تمركزات تلك الجماعات التكفيرية, ليست جماعة واحدة وإنما أكثر, يتقاربون تنظيميا ويتباعدون إلي حد الشقاق بينهم فكريا, يعلق القائد علي ذلك: خلافهم في عقيدتهم الفاسدة مصلحة لنا وإن كان لا يهم تلك الفوارق الأيديولوجية.. نتعامل معهم كعدو واحد.
وعن طبيعة العدو يضيف القائد: العصابات التكفيرية لديها تكتيكات متطورة في التعامل تهدف إلي استدراج القوات, ونحن ندرك أننا لن نحاربهم إلا بأسلوبهم بل نطور الأسلوب, نعرف طريقة التفكير ونتعامل بها, وقد نسبق بخطوة أو خطوات, هذا هو إطار العمل غير النمطي, فالتكفيري يريد التعامل معنا بدون مواجهة عن طريق زرع العبوات.. نشر القناصة, يطور أحيانا العبوات.. تركيب العبوات, هذا العدو الخائن عقيدته هي الترهيب ولكنه لا يرهبنا.
يطور العدو تكتيكاته لكن المهم أن يكون هناك إدراك لهذه التكتيكات الكثيرة والمتغيرة, ثم التعامل معها بتكتيك مناسب, يضيف القائد لهذا السياق قائلا: أعرف تكتيكات عدوي.. هو ليس ظاهرا لكني أعرف موقعه عبر مؤشرات تعلمناها بالخبرة, يعتمد علي أن ينصب لنا كمينا ويستدرجنا إليه في موقع انتظاره, هنا أعمل علي أن أسبق هذه المناورة, أستطلع عيونه من الخونة الذين ينشرهم في المواقع المختلفة ممن باعوا الوطن والأهل, وأتعامل معهم بأسلوبهم, وبنشر عيوني الموالين للوطن والجيش.. وفيما يتعلق بنا هناك مساعدة من فرق الصاعقة الأخري أو التشكيلات التقليدية التي تقوم بمهام مشتركة حتي نساعد بعضنا البعض في تحقيق الهدف الرئيسي وهو التخلص من التكفيريين واقتلاع جذور الإرهاب.
تفرض القوات المعاونة لقوات المداهمة والاقتحام حصارا لوجيستيا علي تلك المجموعات, أفقدتها الكثير من قدراتها, وقطعت عنها الإمدادات, وفصلت بين مجموعاتها, إلي جانب تدمير القدر الكبير من البنية التحتية التي يستخدمها الإرهاب, بات يعتمد علي العنصر البشري أكثر, يقول القائد عن النتائج الحالية في إطار أداء العملية الشاملة سيناء2018, ويضيف: وكان من تداعيات الحصار اللوجيستي أيضا اختلافهم الشديد, والبعض يتراجع عن التنفيذ, لقد أصبحوا ضعفاء وخائفين, الآن ندرك أن أسلوبنا يؤتي ثماره, ويكمل: قبل العملية الشاملة كنا نقوم بعمليات مداهمة في إطار عمليات مثل حق الشهيد, نجد لدي بعض المقبوض عليهم ملايين الدولارات أحيانا لشراء الأسلحة وشراء ذمم الأشخاص من ضعاف النفوس الذين يشترون بكل الوسائل المتصورة وغير المتصورة, وبسخاء ليعملوا مراقبين ومخبرين لديهم ولشراء المؤن, كل هذا بات تحت السيطرة, كان القائد يدلل بذلك علي تراجع قدراتهم.
كان لدي انطباع سلبي عن المتعاونين مع القوات بشكل عام, فالحرب خدعة قد يندس البعض علي القوات كجزء من تكتيكات العدو, لكن القائد غير هذا التصور لدي ليقول: علي العكس.. الكثيرون هنا يريدون التخلص من هؤلاء التكفيريين, لقد تشكلت لدينا من تراكم الخبرات القدرة علي الفرز والتعرف علي جدية المتطوع للتعاون.
قبل أن أنهي الحديث مع القائد سألته عن الرسائل التي يريد أن يبعث بها للآخرين, فقال: لدي ثلاث رسائل: الأولي للأبطال الشهداء الذين اختارتهم عناية الله رامي.. الشبراوي.. المنسي والكثيرين الذين لا تعرفونهم, أقول لهم أيها الأبطال بأمر الله نكمل رسالتكم, نتمني أن نكون عند حسن ظنكم وأنتم في موقع أسمي منا الآن, ليقدرنا الله علي أن نحمل حملكم, إن طاقة عزيمتنا نستمدها منكم وليلحقنا الله بكم في منزلة لا تعادلها منزلة, ورسالتي الثانية لأهلنا خارج الميدان: كونوا إيجابيين, نحن منكم وأنتم منا, أنتم شعبنا ونحن جيشكم, نؤدي واجبنا بثقة وأمانة, أقول في رسالتي الأخيرة لهولاء الذين ضلوا الطريق وسعوا إلي الضلال: عليكم أن تتركوا حكم الله في أرضه, لن نترككم تفسدون في أرضه, سنقتلعكم من عليها ونطهر مصر من شروركم وفسادكم.
تركت القائد وتوجهت إلي بعض المقاتلين, هنا العديد منهم يستعدون لمهمة جديدة, يعدون السلاح ويذكرون بعضهم البعض بالواجب وباحتياطات العمل.. اليقظة والانتباه والمثابرة, الحرفية العالية.. التعامل اللحظي مع المتغيرات الميدانية بكل كفاءة واقتدار, قال القائد عنها قبل أن يفارقني للاستعداد معهم وإن كان الليل قد أقبل: كلنا كقوات مسلحة, إن شاء الله, هنخلص سيناء من الإرهاب والتكفير والترهيب, الرجال هنا يدكون الأرض علي الإرهابيين; فوقها وتحتها, رافعين شعار الفداء والتضحية والمجد.
أول المتحدثين من المقاتلين بدأ بالفخر حول مشاركته في العملية سيناء2018 يقول: كنت أخشي أن تنتهي خدمتي العسكرية دون أن أستعيد حق الشهداء الذين عرفتهم هنا, لن أنسي كمين البرث وما حدث فيه, فكلما تذكرته كلما تجددت لدي الهمة في الثأر لهم. تقدمت إلي مقاتل آخر ليقول وهو يتمم علي سلاحه: نسينا الخوف, لن أترك عدوي, شاركت في الكثير من المداهمات, قبضت علي الكثير منهم, لدي إصرار علي أن ألقي القبض عليه, وإن لم يكن فأتعامل معه بسلاحي حيث يتعامل بسلاحه. أما ثالث المتحدثين فبدأ وعيناه تغرورقان بالدموع حزنا علي زملائه من الشهداء الذين فقدهم في بعض المداهمات, يقول: كل هذه القوة لكننا نحن للرفاق خاصة الذين شاركت معهم في5 مداهمات مع العقيد المنسي, لكل منهم حكاية نعرفها كأشقاء, كلهم تركوا الوصية لنا قبل الفراق.. أن نلبي النداء حين تطلب مصر وأن نفديها, الآن نحس بالفخر, وأرض سيناء أرض البطولات تتطهر من هولاء, لن يمس مصر سوء لأننا عليهم قادرون وفي كل مداهمة يتحقق لنا النصر, ولأن قادتنا الجدد يواصلون العهد الذي أرساه الشهداء من قبلهم.
يصعب علينا أن نفارق الكتيبة103 صاعقة, توجهنا إلي لوحة كبيرة عليها صور الشهداء, كان الجنود من آن لآخر يؤدون لهم التحية العسكرية تحية وفخرا, قبل أن يتحركوا ليضيفوا الجديد في سجلات بطولاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.