القومي للإعاقة يطلق غرفة عمليات لمتابعة انتخابات النواب 2025    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    «قومي المرأة»: تنفيذ ورشة إعداد مدربين بمحافظة بني سويف    المدير الإقليمي لليونسكو بالقاهرة: تعمل على إصدار توصيات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي    لو زوجتك مش على بطاقتك التموينية.. الحل فى 3 دقائق    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    أطول إغلاق حكومى يلغى آلاف الرحلات    أردوغان: أكثر من 1.29 مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ 2016    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    عضو بالحزب الجمهوري: ترامب والديمقراطيون يتحملون مسؤولية الإغلاق والمحكمة العليا أصبحت سياسية    أحمد عبد الرؤوف يعلق على خسارة الزمالك للسوبر ويتحدث عن كثرة الإصابات    حالة الطقس غدًا الاثنين 10-11-2025 في مصر.. الظواهر الجوية ودرجات الحرارة    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    حبس المتهمين في مشاجرة بالسلاح الناري في أسيوط    الدبلوماسى الأمريكى ونجيب محفوظ    ختام الحفل الملكى فى أوبرا العاصمة الجديدة    عضو بالحزب الجمهوري: ترامب والديمقراطيون يتحملون مسؤولية الإغلاق    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    بث مباشر.. البابا تواضروس يشارك في احتفالية مرور 17 قرنًا على انعقاد مجمع نيقية    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    قراءة صورة    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    محافظ الغربية خلال جولة مفاجئة بمستشفى قطور: لن نسمح بأي تقصير    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    نهائي السوبر.. الأهلي والزمالك على موعد مع اللقب 23    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



للقصة بقية
الكتيبة الأسطورة..103 صاعقة الأبطال: هناك كيمياء خاصة تتشكل منها عقيدة المقاتل المصري يصعب وصفها
نشر في الأهرام المسائي يوم 25 - 04 - 2018

أصبح العقيد أحمد المنسي أسطورة تاريخية, جمعت بين قيم الإنسانية واحترافية العسكرية المصرية, ومن قبله العقيد رامي حسنين بسجله الحافل بالخبرات ونياشين البطولات, هذا ما يعرفه الكثيرون, لكنه مجرد جزء من القصة,
لكن من يعرف الكتيبة103 صاعقة عن قرب سيدرك أن للقصة بقية.. وأن رامي والمنسي وشبراوي أحدث الأبطال الذين تقدموا صفوف الأساطير, فهنا في كل مكان أسطورة.. في كل موقع لمسة شهيد.. هنا في مصنع الكتيبة103 تسك السبائك من أندر المعادن البشرية وفق المثل المصري الشهير الرجال معادن.
توقفت الأهرام المسائي يوما للمعايشة في الكتيبة103, بين مواقع التدريب مع آخر ضوء النهار, حيث لا يكل المقاتلون من التدريب بعد العودة من عمليات المداهمة الخارجية ليلا ونهارا, وغالبا ما يخرجون لغيرها دون الحصول علي قسط من راحة أو قليل من طعام يسد الرمق, وعلي الرغم من أن المشاركة في المداهمات اختيارية فإن الجميع يتسابقون ويتنافسون للمشاركة, ما إن نبدأ بالحديث إلي أي منهم حتي يقول لنا دستور العقيدة القتالية في كلمتين: النصر أو الشهادة, الكلمات المفتاحية هنا المنسي.. رامي.. الشبراوي.. الأرض.. الشرف, روح واحدة في أجساد مختلفة, ربما هو سر الحالة الخاصة للكتيبة الأسطورة103 صاعقة.
تجاذبت أطراف الحديث مع القائد حول هذه الحالة الخاصة ليقول: الأبطال هنا علي العهد لاستكمال المسيرة التي بدأها من سبقهم, ومن يلحق بهم من الأبطال, والتي تعلمناها في مدرسة الجيش المصري.. لسنا سوي ترس في مجموعة تعمل في منظومة أمن الوطن.. أقول لك: نعم هي حالة خاصة, لأسباب عديدة, منها علي سبيل المثال أنه لا فرق لدينا بين ضابط وصف ضابط وجندي, الكل في واحد في القتال والفداء.. في المأكل والمشرب, شخصيا أتعلم منهم بعدما جئت إلي هنا بعد العقيد منسي,وبعد العقيد رامي, أسماء كبيرة, تعلمت هنا الكثير إنسانيا وميدانيا, فتفاصيل المداهمات التي نقوم بها تعلمت الكثير عنها من هؤلاء المقاتلين, فلديهم هذه الخبرات التي يتم تداولها بينهم ككلمة السر, ونطورها معا في كل مداهمة, ويضيف: طول حياتي سمعت في الصاعقة كلمة: إحنا رجالة مع بعض.. طول حياتي سمعت كلمة إحنا شجعان مع بعض.. لكن أول مرة أفهم المعاني الحقيقية لها هنا في103.
ربما هي كيمياء خاصة لا وصف لها, تتشكل منها عقيدة الجندي المصري, ويضيف القائد: أعجز عن وصف الأبطال, كقائد أنتظر في بعض الأحيان أن يأتي مقاتل ليستأذن مني في الحصول علي راحة, أو يطلب أجازة, لكن ما يحدث هو العكس, كنا في مداهمة استمرت أربعة أيام في الجبل وعلي الرمال لا أحد يسأل عن راحة, أحيانا أوجه للبعض أمر بالنوم في موقعه وهو في حفرة رملية أجده يسند رأسه فقط إلي سلاحه وكأنه في وضع الاستعداد دون أن يستغرق في النوم.
وسط هذا السيل الذي لا ينقطع من القصص عن الأبطال, بل إن بعض القصص يستدعي في داخلها حكايات فرعية لا تبتعد عن الإطار ذاته, فعلي سبيل المثال, هذا المقاتل قطع إجازته ليعود للمشاركة في عملية مداهمة حتي لا يفوته شرف المشاركة فيها, وآخر وضع اسمه محل اسم زميله حتي يشارك في العملية المقبلة, وثالث عاد من إجازته فوجد القائد كان يتواصل مع أهله ليطمئنهم عليه ويتعرف علي أحوالهم ويسألهم عن أي احتياجات تلزمهم في غياب ابنهم المقاتل, والقاسم المشترك بين الجميع أنهم لا يريدون أن ينهوا فترة التجنيد التي كانت قد انتهت رسميا بالفعل قبل نحو الشهر.
انتقلنا إلي الحديث عن المهام الخاصة ل103 صاعقة, هناك عناونين عريضة فقط, لا توجد تفاصيل, فكل مهمة تخلق تفاصيلها الخاصة وظروفها ف90% من عمل103 عمليات نوعية, لأن العنوان الأساسي المهام الخاصة وغير النمطية في التعامل مع العصابات التكفيرية, وبين ثنايا الحديث نتعرف علي بعض الملامح الخاصة بهذه المهام, فالمقاتلون هنا لديهم خريطة حصرية بمواقع تمركزات تلك الجماعات التكفيرية, ليست جماعة واحدة وإنما أكثر, يتقاربون تنظيميا ويتباعدون إلي حد الشقاق بينهم فكريا, يعلق القائد علي ذلك: خلافهم في عقيدتهم الفاسدة مصلحة لنا وإن كان لا يهم تلك الفوارق الأيديولوجية.. نتعامل معهم كعدو واحد.
وعن طبيعة العدو يضيف القائد: العصابات التكفيرية لديها تكتيكات متطورة في التعامل تهدف إلي استدراج القوات, ونحن ندرك أننا لن نحاربهم إلا بأسلوبهم بل نطور الأسلوب, نعرف طريقة التفكير ونتعامل بها, وقد نسبق بخطوة أو خطوات, هذا هو إطار العمل غير النمطي, فالتكفيري يريد التعامل معنا بدون مواجهة عن طريق زرع العبوات.. نشر القناصة, يطور أحيانا العبوات.. تركيب العبوات, هذا العدو الخائن عقيدته هي الترهيب ولكنه لا يرهبنا.
يطور العدو تكتيكاته لكن المهم أن يكون هناك إدراك لهذه التكتيكات الكثيرة والمتغيرة, ثم التعامل معها بتكتيك مناسب, يضيف القائد لهذا السياق قائلا: أعرف تكتيكات عدوي.. هو ليس ظاهرا لكني أعرف موقعه عبر مؤشرات تعلمناها بالخبرة, يعتمد علي أن ينصب لنا كمينا ويستدرجنا إليه في موقع انتظاره, هنا أعمل علي أن أسبق هذه المناورة, أستطلع عيونه من الخونة الذين ينشرهم في المواقع المختلفة ممن باعوا الوطن والأهل, وأتعامل معهم بأسلوبهم, وبنشر عيوني الموالين للوطن والجيش.. وفيما يتعلق بنا هناك مساعدة من فرق الصاعقة الأخري أو التشكيلات التقليدية التي تقوم بمهام مشتركة حتي نساعد بعضنا البعض في تحقيق الهدف الرئيسي وهو التخلص من التكفيريين واقتلاع جذور الإرهاب.
تفرض القوات المعاونة لقوات المداهمة والاقتحام حصارا لوجيستيا علي تلك المجموعات, أفقدتها الكثير من قدراتها, وقطعت عنها الإمدادات, وفصلت بين مجموعاتها, إلي جانب تدمير القدر الكبير من البنية التحتية التي يستخدمها الإرهاب, بات يعتمد علي العنصر البشري أكثر, يقول القائد عن النتائج الحالية في إطار أداء العملية الشاملة سيناء2018, ويضيف: وكان من تداعيات الحصار اللوجيستي أيضا اختلافهم الشديد, والبعض يتراجع عن التنفيذ, لقد أصبحوا ضعفاء وخائفين, الآن ندرك أن أسلوبنا يؤتي ثماره, ويكمل: قبل العملية الشاملة كنا نقوم بعمليات مداهمة في إطار عمليات مثل حق الشهيد, نجد لدي بعض المقبوض عليهم ملايين الدولارات أحيانا لشراء الأسلحة وشراء ذمم الأشخاص من ضعاف النفوس الذين يشترون بكل الوسائل المتصورة وغير المتصورة, وبسخاء ليعملوا مراقبين ومخبرين لديهم ولشراء المؤن, كل هذا بات تحت السيطرة, كان القائد يدلل بذلك علي تراجع قدراتهم.
كان لدي انطباع سلبي عن المتعاونين مع القوات بشكل عام, فالحرب خدعة قد يندس البعض علي القوات كجزء من تكتيكات العدو, لكن القائد غير هذا التصور لدي ليقول: علي العكس.. الكثيرون هنا يريدون التخلص من هؤلاء التكفيريين, لقد تشكلت لدينا من تراكم الخبرات القدرة علي الفرز والتعرف علي جدية المتطوع للتعاون.
قبل أن أنهي الحديث مع القائد سألته عن الرسائل التي يريد أن يبعث بها للآخرين, فقال: لدي ثلاث رسائل: الأولي للأبطال الشهداء الذين اختارتهم عناية الله رامي.. الشبراوي.. المنسي والكثيرين الذين لا تعرفونهم, أقول لهم أيها الأبطال بأمر الله نكمل رسالتكم, نتمني أن نكون عند حسن ظنكم وأنتم في موقع أسمي منا الآن, ليقدرنا الله علي أن نحمل حملكم, إن طاقة عزيمتنا نستمدها منكم وليلحقنا الله بكم في منزلة لا تعادلها منزلة, ورسالتي الثانية لأهلنا خارج الميدان: كونوا إيجابيين, نحن منكم وأنتم منا, أنتم شعبنا ونحن جيشكم, نؤدي واجبنا بثقة وأمانة, أقول في رسالتي الأخيرة لهولاء الذين ضلوا الطريق وسعوا إلي الضلال: عليكم أن تتركوا حكم الله في أرضه, لن نترككم تفسدون في أرضه, سنقتلعكم من عليها ونطهر مصر من شروركم وفسادكم.
تركت القائد وتوجهت إلي بعض المقاتلين, هنا العديد منهم يستعدون لمهمة جديدة, يعدون السلاح ويذكرون بعضهم البعض بالواجب وباحتياطات العمل.. اليقظة والانتباه والمثابرة, الحرفية العالية.. التعامل اللحظي مع المتغيرات الميدانية بكل كفاءة واقتدار, قال القائد عنها قبل أن يفارقني للاستعداد معهم وإن كان الليل قد أقبل: كلنا كقوات مسلحة, إن شاء الله, هنخلص سيناء من الإرهاب والتكفير والترهيب, الرجال هنا يدكون الأرض علي الإرهابيين; فوقها وتحتها, رافعين شعار الفداء والتضحية والمجد.
أول المتحدثين من المقاتلين بدأ بالفخر حول مشاركته في العملية سيناء2018 يقول: كنت أخشي أن تنتهي خدمتي العسكرية دون أن أستعيد حق الشهداء الذين عرفتهم هنا, لن أنسي كمين البرث وما حدث فيه, فكلما تذكرته كلما تجددت لدي الهمة في الثأر لهم. تقدمت إلي مقاتل آخر ليقول وهو يتمم علي سلاحه: نسينا الخوف, لن أترك عدوي, شاركت في الكثير من المداهمات, قبضت علي الكثير منهم, لدي إصرار علي أن ألقي القبض عليه, وإن لم يكن فأتعامل معه بسلاحي حيث يتعامل بسلاحه. أما ثالث المتحدثين فبدأ وعيناه تغرورقان بالدموع حزنا علي زملائه من الشهداء الذين فقدهم في بعض المداهمات, يقول: كل هذه القوة لكننا نحن للرفاق خاصة الذين شاركت معهم في5 مداهمات مع العقيد المنسي, لكل منهم حكاية نعرفها كأشقاء, كلهم تركوا الوصية لنا قبل الفراق.. أن نلبي النداء حين تطلب مصر وأن نفديها, الآن نحس بالفخر, وأرض سيناء أرض البطولات تتطهر من هولاء, لن يمس مصر سوء لأننا عليهم قادرون وفي كل مداهمة يتحقق لنا النصر, ولأن قادتنا الجدد يواصلون العهد الذي أرساه الشهداء من قبلهم.
يصعب علينا أن نفارق الكتيبة103 صاعقة, توجهنا إلي لوحة كبيرة عليها صور الشهداء, كان الجنود من آن لآخر يؤدون لهم التحية العسكرية تحية وفخرا, قبل أن يتحركوا ليضيفوا الجديد في سجلات بطولاتهم.
للقصة بقية
الكتيبة الأسطورة..103 صاعقة
الأبطال: هناك كيمياء خاصة تتشكل منها عقيدة المقاتل المصري يصعب وصفها
أصبح العقيد أحمد المنسي أسطورة تاريخية, جمعت بين قيم الإنسانية واحترافية العسكرية المصرية, ومن قبله العقيد رامي حسنين بسجله الحافل بالخبرات ونياشين البطولات, هذا ما يعرفه الكثيرون, لكنه مجرد جزء من القصة, لكن من يعرف الكتيبة103 صاعقة عن قرب سيدرك أن للقصة بقية.. وأن رامي والمنسي وشبراوي أحدث الأبطال الذين تقدموا صفوف الأساطير, فهنا في كل مكان أسطورة.. في كل موقع لمسة شهيد.. هنا في مصنع الكتيبة103 تسك السبائك من أندر المعادن البشرية وفق المثل المصري الشهير الرجال معادن.
توقفت الأهرام المسائي يوما للمعايشة في الكتيبة103, بين مواقع التدريب مع آخر ضوء النهار, حيث لا يكل المقاتلون من التدريب بعد العودة من عمليات المداهمة الخارجية ليلا ونهارا, وغالبا ما يخرجون لغيرها دون الحصول علي قسط من راحة أو قليل من طعام يسد الرمق, وعلي الرغم من أن المشاركة في المداهمات اختيارية فإن الجميع يتسابقون ويتنافسون للمشاركة, ما إن نبدأ بالحديث إلي أي منهم حتي يقول لنا دستور العقيدة القتالية في كلمتين: النصر أو الشهادة, الكلمات المفتاحية هنا المنسي.. رامي.. الشبراوي.. الأرض.. الشرف, روح واحدة في أجساد مختلفة, ربما هو سر الحالة الخاصة للكتيبة الأسطورة103 صاعقة.
تجاذبت أطراف الحديث مع القائد حول هذه الحالة الخاصة ليقول: الأبطال هنا علي العهد لاستكمال المسيرة التي بدأها من سبقهم, ومن يلحق بهم من الأبطال, والتي تعلمناها في مدرسة الجيش المصري.. لسنا سوي ترس في مجموعة تعمل في منظومة أمن الوطن.. أقول لك: نعم هي حالة خاصة, لأسباب عديدة, منها علي سبيل المثال أنه لا فرق لدينا بين ضابط وصف ضابط وجندي, الكل في واحد في القتال والفداء.. في المأكل والمشرب, شخصيا أتعلم منهم بعدما جئت إلي هنا بعد العقيد منسي,وبعد العقيد رامي, أسماء كبيرة, تعلمت هنا الكثير إنسانيا وميدانيا, فتفاصيل المداهمات التي نقوم بها تعلمت الكثير عنها من هؤلاء المقاتلين, فلديهم هذه الخبرات التي يتم تداولها بينهم ككلمة السر, ونطورها معا في كل مداهمة, ويضيف: طول حياتي سمعت في الصاعقة كلمة: إحنا رجالة مع بعض.. طول حياتي سمعت كلمة إحنا شجعان مع بعض.. لكن أول مرة أفهم المعاني الحقيقية لها هنا في103.
ربما هي كيمياء خاصة لا وصف لها, تتشكل منها عقيدة الجندي المصري, ويضيف القائد: أعجز عن وصف الأبطال, كقائد أنتظر في بعض الأحيان أن يأتي مقاتل ليستأذن مني في الحصول علي راحة, أو يطلب أجازة, لكن ما يحدث هو العكس, كنا في مداهمة استمرت أربعة أيام في الجبل وعلي الرمال لا أحد يسأل عن راحة, أحيانا أوجه للبعض أمر بالنوم في موقعه وهو في حفرة رملية أجده يسند رأسه فقط إلي سلاحه وكأنه في وضع الاستعداد دون أن يستغرق في النوم.
وسط هذا السيل الذي لا ينقطع من القصص عن الأبطال, بل إن بعض القصص يستدعي في داخلها حكايات فرعية لا تبتعد عن الإطار ذاته, فعلي سبيل المثال, هذا المقاتل قطع إجازته ليعود للمشاركة في عملية مداهمة حتي لا يفوته شرف المشاركة فيها, وآخر وضع اسمه محل اسم زميله حتي يشارك في العملية المقبلة, وثالث عاد من إجازته فوجد القائد كان يتواصل مع أهله ليطمئنهم عليه ويتعرف علي أحوالهم ويسألهم عن أي احتياجات تلزمهم في غياب ابنهم المقاتل, والقاسم المشترك بين الجميع أنهم لا يريدون أن ينهوا فترة التجنيد التي كانت قد انتهت رسميا بالفعل قبل نحو الشهر.
انتقلنا إلي الحديث عن المهام الخاصة ل103 صاعقة, هناك عناونين عريضة فقط, لا توجد تفاصيل, فكل مهمة تخلق تفاصيلها الخاصة وظروفها ف90% من عمل103 عمليات نوعية, لأن العنوان الأساسي المهام الخاصة وغير النمطية في التعامل مع العصابات التكفيرية, وبين ثنايا الحديث نتعرف علي بعض الملامح الخاصة بهذه المهام, فالمقاتلون هنا لديهم خريطة حصرية بمواقع تمركزات تلك الجماعات التكفيرية, ليست جماعة واحدة وإنما أكثر, يتقاربون تنظيميا ويتباعدون إلي حد الشقاق بينهم فكريا, يعلق القائد علي ذلك: خلافهم في عقيدتهم الفاسدة مصلحة لنا وإن كان لا يهم تلك الفوارق الأيديولوجية.. نتعامل معهم كعدو واحد.
وعن طبيعة العدو يضيف القائد: العصابات التكفيرية لديها تكتيكات متطورة في التعامل تهدف إلي استدراج القوات, ونحن ندرك أننا لن نحاربهم إلا بأسلوبهم بل نطور الأسلوب, نعرف طريقة التفكير ونتعامل بها, وقد نسبق بخطوة أو خطوات, هذا هو إطار العمل غير النمطي, فالتكفيري يريد التعامل معنا بدون مواجهة عن طريق زرع العبوات.. نشر القناصة, يطور أحيانا العبوات.. تركيب العبوات, هذا العدو الخائن عقيدته هي الترهيب ولكنه لا يرهبنا.
يطور العدو تكتيكاته لكن المهم أن يكون هناك إدراك لهذه التكتيكات الكثيرة والمتغيرة, ثم التعامل معها بتكتيك مناسب, يضيف القائد لهذا السياق قائلا: أعرف تكتيكات عدوي.. هو ليس ظاهرا لكني أعرف موقعه عبر مؤشرات تعلمناها بالخبرة, يعتمد علي أن ينصب لنا كمينا ويستدرجنا إليه في موقع انتظاره, هنا أعمل علي أن أسبق هذه المناورة, أستطلع عيونه من الخونة الذين ينشرهم في المواقع المختلفة ممن باعوا الوطن والأهل, وأتعامل معهم بأسلوبهم, وبنشر عيوني الموالين للوطن والجيش.. وفيما يتعلق بنا هناك مساعدة من فرق الصاعقة الأخري أو التشكيلات التقليدية التي تقوم بمهام مشتركة حتي نساعد بعضنا البعض في تحقيق الهدف الرئيسي وهو التخلص من التكفيريين واقتلاع جذور الإرهاب.
تفرض القوات المعاونة لقوات المداهمة والاقتحام حصارا لوجيستيا علي تلك المجموعات, أفقدتها الكثير من قدراتها, وقطعت عنها الإمدادات, وفصلت بين مجموعاتها, إلي جانب تدمير القدر الكبير من البنية التحتية التي يستخدمها الإرهاب, بات يعتمد علي العنصر البشري أكثر, يقول القائد عن النتائج الحالية في إطار أداء العملية الشاملة سيناء2018, ويضيف: وكان من تداعيات الحصار اللوجيستي أيضا اختلافهم الشديد, والبعض يتراجع عن التنفيذ, لقد أصبحوا ضعفاء وخائفين, الآن ندرك أن أسلوبنا يؤتي ثماره, ويكمل: قبل العملية الشاملة كنا نقوم بعمليات مداهمة في إطار عمليات مثل حق الشهيد, نجد لدي بعض المقبوض عليهم ملايين الدولارات أحيانا لشراء الأسلحة وشراء ذمم الأشخاص من ضعاف النفوس الذين يشترون بكل الوسائل المتصورة وغير المتصورة, وبسخاء ليعملوا مراقبين ومخبرين لديهم ولشراء المؤن, كل هذا بات تحت السيطرة, كان القائد يدلل بذلك علي تراجع قدراتهم.
كان لدي انطباع سلبي عن المتعاونين مع القوات بشكل عام, فالحرب خدعة قد يندس البعض علي القوات كجزء من تكتيكات العدو, لكن القائد غير هذا التصور لدي ليقول: علي العكس.. الكثيرون هنا يريدون التخلص من هؤلاء التكفيريين, لقد تشكلت لدينا من تراكم الخبرات القدرة علي الفرز والتعرف علي جدية المتطوع للتعاون.
قبل أن أنهي الحديث مع القائد سألته عن الرسائل التي يريد أن يبعث بها للآخرين, فقال: لدي ثلاث رسائل: الأولي للأبطال الشهداء الذين اختارتهم عناية الله رامي.. الشبراوي.. المنسي والكثيرين الذين لا تعرفونهم, أقول لهم أيها الأبطال بأمر الله نكمل رسالتكم, نتمني أن نكون عند حسن ظنكم وأنتم في موقع أسمي منا الآن, ليقدرنا الله علي أن نحمل حملكم, إن طاقة عزيمتنا نستمدها منكم وليلحقنا الله بكم في منزلة لا تعادلها منزلة, ورسالتي الثانية لأهلنا خارج الميدان: كونوا إيجابيين, نحن منكم وأنتم منا, أنتم شعبنا ونحن جيشكم, نؤدي واجبنا بثقة وأمانة, أقول في رسالتي الأخيرة لهولاء الذين ضلوا الطريق وسعوا إلي الضلال: عليكم أن تتركوا حكم الله في أرضه, لن نترككم تفسدون في أرضه, سنقتلعكم من عليها ونطهر مصر من شروركم وفسادكم.
تركت القائد وتوجهت إلي بعض المقاتلين, هنا العديد منهم يستعدون لمهمة جديدة, يعدون السلاح ويذكرون بعضهم البعض بالواجب وباحتياطات العمل.. اليقظة والانتباه والمثابرة, الحرفية العالية.. التعامل اللحظي مع المتغيرات الميدانية بكل كفاءة واقتدار, قال القائد عنها قبل أن يفارقني للاستعداد معهم وإن كان الليل قد أقبل: كلنا كقوات مسلحة, إن شاء الله, هنخلص سيناء من الإرهاب والتكفير والترهيب, الرجال هنا يدكون الأرض علي الإرهابيين; فوقها وتحتها, رافعين شعار الفداء والتضحية والمجد.
أول المتحدثين من المقاتلين بدأ بالفخر حول مشاركته في العملية سيناء2018 يقول: كنت أخشي أن تنتهي خدمتي العسكرية دون أن أستعيد حق الشهداء الذين عرفتهم هنا, لن أنسي كمين البرث وما حدث فيه, فكلما تذكرته كلما تجددت لدي الهمة في الثأر لهم. تقدمت إلي مقاتل آخر ليقول وهو يتمم علي سلاحه: نسينا الخوف, لن أترك عدوي, شاركت في الكثير من المداهمات, قبضت علي الكثير منهم, لدي إصرار علي أن ألقي القبض عليه, وإن لم يكن فأتعامل معه بسلاحي حيث يتعامل بسلاحه. أما ثالث المتحدثين فبدأ وعيناه تغرورقان بالدموع حزنا علي زملائه من الشهداء الذين فقدهم في بعض المداهمات, يقول: كل هذه القوة لكننا نحن للرفاق خاصة الذين شاركت معهم في5 مداهمات مع العقيد المنسي, لكل منهم حكاية نعرفها كأشقاء, كلهم تركوا الوصية لنا قبل الفراق.. أن نلبي النداء حين تطلب مصر وأن نفديها, الآن نحس بالفخر, وأرض سيناء أرض البطولات تتطهر من هولاء, لن يمس مصر سوء لأننا عليهم قادرون وفي كل مداهمة يتحقق لنا النصر, ولأن قادتنا الجدد يواصلون العهد الذي أرساه الشهداء من قبلهم.
يصعب علينا أن نفارق الكتيبة103 صاعقة, توجهنا إلي لوحة كبيرة عليها صور الشهداء, كان الجنود من آن لآخر يؤدون لهم التحية العسكرية تحية وفخرا, قبل أن يتحركوا ليضيفوا الجديد في سجلات بطولاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.