تحديد المشكلة : يكاد المصريون يجمعون علي رداءة مستوي تعليمهم الجامعي, يتفق كل الكتاب تقريبا علي أن مستوي خريجي الجامعات المصرية( حكومية أو خاصة) هو دون المستوي المقبول. ويري أغلب طلاب الجامعات أنهم لا يتلقون في الجامعة علما ينفع ولا تدريبا علي مهنة تؤهلهم للتوظيف. كما تسمع مر الشكوي من الطلاب وأمهاتهم وآبائهم عن سوء حالة التعليم الجامعي, فيشكون من اكتظاظ قاعات الدراسة, وقلة الأجهزة, ورداءة الكتب. كما يشكون من الدروس الخصوصية, ومن سوء معاملة المحاضرين والمعيدين للطلاب. في ظل هذا التقييم السلبي مهما كانت درجة بعده عن الموضوعية يصبح من الصعب أن يتجاوب المواطنون مع مطالب أساتذة الجامعات بضرورة إبعاد القيادات الجامعية المختارة من عهد مبارك واختيار عمداء الكليات ورؤساء الجامعات بالانتخاب, وزيادة موازنة الجامعات ومرتبات أعضاء هيئة التدريس, وتعديل الأوضاع الوظيفية للمعيدين لتصبح أكثر عدالة. لذلك سأحاول في السطور التالية أن أشرح كيف تساهم تلك المطالب في حل مشكلات التعليم الجامعي, وحل معضلة نهضة مصر. ما هي المشكلات الحقيقية للتعليم الجامعي المصري؟ يجمع الوضع الحالي كأي دراما بين المأساة والأمل, فعلي صعيد التعليم لدينا عشرون جامعة حكومية ومثلها من الجامعات الخاصة ومئات المعاهد العليا الحكومية والخاصة تضم ملايين الطلاب و معهم عشرات الآلاف من أعضاء هيئة التدريس والمعيدون والمدرسون المساعدون وجيش إداري جرار, يعاني من ترهل في أجزاء وضمور في أجزاء أخري, لكن يا تري ما هي بالضبط مشكلاته الرئيسية؟ فتحديد المشكلات يجب أن يسبق اقتراح الحلول, والملاحظة بأن مستوي التعليم ومستوي الخريجين قد انحدر لا تكفي لتحديد المشكلات, فهي أعراض المرض ونتائجه وليست أس البلاء, ويمكن أن نحدد خمس مشكلات أساسية عانت منها الجامعات المصرية خلال الفترة الماضية * ضعف التجهيزات من قاعات دراسية ومكتبات ومعامل وورش, إذ أنشأت الدولة كليات وفروعا إقليمية للجامعات خلال الفترة من1975 إلي2000 دون أن تضع لتلك الكليات والجامعات البنية الأساسية التي تمكنها من أداء الحد الأدني من وظيفتها, ولا توفير القوة البشرية من أساتذة يقومون بالتدريس والإدارة بتلك الجامعات, وفي الوقت نفسه أهملت تجديد الكليات والجامعات القديمة والتي تهالكت تجهيزاتها وتضاعفت أعداد طلابها خلال الفترة. نفسها * عدم تفرغ أعضاء هيئة التدريس وضعف التفاتهم للجامعة, فقد اعتمد أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب والهندسة وبعض أساتذة الزراعة والصيدلة والطب البيطري علي أعمال استشارية أو خاصة لتدبير معيشتهم. وهاجر الآلاف من أساتذة الجامعات إلي بلدان الخليج في إعارات تمتد لعشر سنوات, بينما اعتمد الباقون علي التدريس المتنقل في الجامعات الإقليمية أو الخاصة فيما يسمي بنظام الانتداب. كل ذلك تم بتدبير من النظام الذي اعتمد علي إفقار أعضاء هيئة التدريس لدفعهم في مسار الفساد * التفاوت والتشرذم التعليمي داخل الكليات باختلاق نظم التعليم بلغات أجنبية ثم البرامج المدفوعة ونظم التعليم المفتوح, والتي فرقت بين الطلاب علي أسس غير علمية, وخلقت بيئة من التمييز بين أعضاء هيئة التدريس تتحكم فيه الإدارة, باختيار البعض للتدريس في نظم ذات عائد مادي أكبر كمكافأة علي الولاء * غياب المساءلة والمحاسبة والشفافية, حيث يحرص شاغلو المناصب العليا والذين يملكون سلطة مساءلة أعضاء هيئة التدريس عن أي تقصير علي عدم استخدام تلك السلطات إلا في الحالات ذات الطبيعة السياسية, ويسعون في الوقت نفسه لتقليل سلطة المجالس واللجان الجماعية التي يمكن أن تراقبهم أو تفرض عليهم قدرا من الشفافية, ومن الجدير بالذكر أن الترقي في المناصب الجامعية قد أصبح رهنا بموالاة الأمن والقابلية للفساد أو علي الأقل البعد عن مواجهته. * قتل الحياة الجامعية سواء كانت أنشطة طلابية أو علمية بوضعها تحت سلطة الأمن وإغراق أعضاء هيئة التدريس في أعمال ورقية تستنفد طاقتهم لإبعادهم عن التواصل مع الطلاب. * في الوقت نفسه تراجع البحث العلمي في الجامعات لأسباب مشابهة, ويضاف لذلك الانحدار الثقافي العام في المجتمع الذي أدي لوجود جيل من أعضاء هيئة التدريس والمعيدين المتفوقين علميا دون أي ثقافة حقيقية أو تجربة اجتماعية. بيانات أساسية * في مصر19 جامعة حكومية تضم ما يزيد علي300 كلية ومعهد مقيد بها أكثر من مليون ونصف المليون طالب لدرجات الليسانس والبكالوريوس, ومائتي ألف من طلاب الدراسات العليا, وذلك بالإضافة لجامعة الأزهر .* حوالي40 ألفا من أعضاء هيئة التدريس حاملي درجة الدكتوراه * حوالي28 ألفا من المعيدين والمدرسين المساعدين * موازنة الجامعات حوالي9 مليارات جنيه وهو ما يمثل أقل من1% من الدخل القومي وحوالي4.5% من الموازنة الحكومية, يخصص منها للبحث العلمي أقل من300 مليون جنيه. تشكل في1 مايو2011 ائتلاف موحد لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية ويضم: مجموعة العمل من أجل استقلال الجامعات(9 مارس) منتدي جامعيون من أجل الإصلاح( تأسس في2004 كإحدي لجان نادي هيئة تدريس جامعة القاهرة الذي كان يسيطر عليه حينئذ الاخوان المسلمون.) حركة استقلال جامعة عين شمس( تأسست بعد ثورة25 يناير.) اتحاد أعضاء هيئة التدريس بجامعة المنصورة( تأسس بعد ثورة25 يناير و يضم ممثلين عن جامعات القاهرة وطنطا والمنصورة) حركة16 أبريل( تاسست عقب وقفة لعرض مطالب أعضاء هيئة التدريس أمام وزارة الدفاع يوم16 أبريل2011) مؤتمر أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها( انعقد في مارس2011) جبهة الإصلاح والتطوير بالجامعات المصرية( تأسست في مايو2011)