تتميز مصر عن باقي البلاد بهذا التاريخ الطويل الذي مرت من خلاله ثقافتها وحضارتها بالعديد من المراحل التي لم تترك بصمة عليها فقط, بل علي باقي الأمم سواء في تاريخ العلوم أو في المعتقدات أو في الفنون بصفة عامة. وهذا التاريخ الطويل جعل من مصر بلدا ذا ثقافة متعددة الطبقات, يتراكم بعضها فوق بعض دون ان تمحو ثقافة مرحلة ما مرحلة سابقة. بل يترك كل منتج ثقافي أثرا ما ليكون منتجا ثقافيا جديدا به كل عناصر ما سبقته مضيفا إليه قيمة جديدة. ولعل هذا ما يميز الثقافة المصرية عن غيرها. ورغم ذلك فإنه يلاحظ ان الأحزاب تفتقد لرؤية ثقافية. ولذا هنا اقترح النقاط التالية لتكون معالم في طريق الأحزاب ومرشحي الرئاسة في رؤيتهم للثقافة: 1 ثقافة مصر ملك لجميع ابنائها علي مختلف مشاريهم واتجاهاتهم ومعتقداتهم. ولذا علي الجميع أن يدرك جيدا أنه لا يجوز لأحد محاربة الابداع باسم الهوية. ولا يجوز لمجموعة ما مصادرة ثقافة وابداع فترة تاريخية ما لصالحها واعتبارها حكرا عليها. فكل الموروث الثقافي ملك لجميع أبناء هذا الوطن فميراث مصر الفرعوني ملك للجميع وكذلك ميراث الفن اليوناني والروماني واليهودي والقبطي والإسلامي ملك لكل ابناء هذا المجتمع. 2 علي الدولة أن تقدم جميع التسهيلات الممكنة لكي تصل الثقافة لأبناء هذا الوطن. سواء أكان ذلك عبر أجهزة الدولة الرسمية من مكتبات عمومية أو مسارح أو دور عرض أو فرق مسرحية أو فنون شعبية, أو كان ذلك من خلال قيام مواطنين متطوعين من أجل ايصال المنتج الثقافي للناس, وترك الحرية لهم في قبول أو رفض هذا المنتج, دون تدخل أي من أجهزة الدولة في ذلك. وبذلك تكون الثقافة والفن والأدب والسينما والفنون الشعبية والنحت والتصوير حقا لكل مواطن. 3 لايجوز منع أي من المواطنين من دخول المتاحف والمساجد والأديرة والمعابد اليهودية والمقابر الفرعونية والأضرحة أو البيوت الأثرية أو الأسبلة التارخية. 4 علي الأديرة والمعابد والمساجد ودار الكتب والوثائق والمكتبات أن تقدم جميع التسهيلات من أجل الاطلاع علي الأوراق التاريخية من مخطوطات وغيرها من أجل الأبحاث, حسب القواعد التي من شأنها حماية المتحف أو الأثر أو المخطوط من التدمير والتلف. 5 تتبني الدولة قيام المهندسين المعماريين بتصميم المنشآت المختلفة وخاصة التعليمية والصناعية والصحية والحكومية منها. وهي تحتوي مسرحا يكون مكانا لتنمية المواهب الابداعية للتلميذ والطالب والعامل. وفي نفس الوقت عرض مسرحيات أو رقصات أو إلقاء الشعر أو عروض لمصورين أو نحاتين أو رسامين أو حكائين تدعوهم المؤسسة المعنية. 6 علي الدولة ان تراعي أن تكون منشآتها تتميز بمراعاة البعد الجمالي في المبني بحيث يعد اضافة جمالية للمكان الذي ينشأ فيه وليس مبني قبيحا عبارة عن كتل خرسانية ملونة. ولا يسمح لأي مبني ان يغطي أو يحجب أثرا من الآثار. وفي حال توافر ميزانية تسمح, يمكن إزالة منشآت تفتقد إلي الطابع الجمالي وتكون الإزالة ضرورية ووجوبية إذا كان هذا المبني يقع علي النيل أو أحد فروعه أو في أحد الميادين المهمة. وأن يحترم المصممون الخصوصية المناخية والثقافية والبيئية لمصر عند تصميمهم إحدي المنشآت. 7 أهمية دعم الثقافة الشعبية سواء أكانت ريفية أو بدوية, لما لها من أهمية انثروبولوجية كبيرة فيما يتعلق بتاريخ الانسانية. 8 دعم تنمية ورعاية الحرف اليدوية في الريف والبادية والحضر خوفا عليها من الاندثار كجزء مهم لمعرفة تطور الصناعة وفهم تطور المجتمع في مراحله المختلفة. حرية الابداع: 1 لايجوز لأحد أن يصادر حرية الابداع تحت أي مسمي سواء أكان باسم الهوية أو القومية أو الدين, والملتقي للفن وحده حرية قبول العمل أو رفضه, مساندته أو تركه لإهمال التاريخ. ولذا يعتبر الحزب أن حرية الابداع مكفولة لجميع الفنانين والشعراء والروائيين والقصاصين ومصممي الحرف اليدوية والبدوية. 2 يجب مساندة حرية التفكير العقلاني في مجال العلوم الانسانية والبحث العلمي سواء في المؤسسات الجامعية أو البحثية أو المؤتمرات والأمسيات أو الصالونات الأدبية. ولا يجوز أن يتم الحجر علي حرية البحث والابداع تحت أي ذريعة من الذرائع, بل يعتبر التكفير والاتهام بالزندقة أو غير ذلك من المسميات الدينية من قبل البعض تجاه الباحثين والعلماء والمبدعين جريمة يعاقب عليها القانون, كما يري الحزب انه لا يجوز لأي انسان أو رجل دين من الاديان ان يصدر فتوي أو رأيا دينيا تهدر دم مبدع أو باحث أو تحث علي ذلك, مع التكفل في ذات الوقت بإتاحة حرية الرد والتعليق والدحض تجاه الفكرة أو العمل المطروح للنقاش. أي تكون الفكرة في مواجهة الفكرة. ويترك لكل فرد من أفراد المجتمع اختيار ما يتراءي له. إن حماية العقل والابداع هو الاساس المتين الذي يقود اي أمة من الأمم إلي التقديم والتحضر والقضاء علي الفقر والجهل والأمية.