الشباب هم عماد أي أمة وسر تقدمها فهم أصحاب الهمم والعزائهم التي تبني بها الحضارات ولذلك أولي الإسلام الشباب عناية كبيرة ليس فقط في مرحلة الشباب أو الصبا وإنما قبل ارتباط الزوجين فنصح باختيار الزوج الصالح حتي يضمن صلاح الأسرة ولم يقتصر الاهتمام علي ذلك فحسب بل امتد لكل ما يجعل لشباب قويا قادرا علي تحمل المسئولية خاصة أن الدولة توليهم عناية خاصة وتمنحهم الثقة في تولي بعض المراكز المهمة وتعقد لهم في ذلك المؤتمرات التي يلتقون فيها بأصحاب الخبرات حتي يستفيدوا وينطلقوا بعقيدة راسخة بحق الوطن عليهم في النهوض به. حول عناية الإسلام بالشباب وكيف كانت معاملته لهم في البداية يوضح الدكتور أشرف فهمي مدير عام المتابعة بالأوقاف إن مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية في حياة الفرد نظرا لكونها المرحلة التي تساهم في تكوين شخصيته المستقبلية وتجعله قادرا علي إثبات نفسه في ميادين الحياة في المستقبل وكذلك السعي للوصول إلي حياة أفضل بما يمتلكه الشباب من القوة والنشاط الذي يؤهلهم إلي أن يعطوا من أعمالهم وجهودهم وعزمهم وصبرهم ثمرات ناضجة لوطنهم إذا ما ساروا في الاتجاه الصحيح, واستغلوا نشاطهم لما فيه مصلحتهم هم غيرهم خدمة للدين والوطن. وقد أثني الله علي شباب كانوا ثابتين علي الحق في قوله تعالي:{ نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي} ولقد حرص نبينا محمد( صلي الله عليه وسلم) علي العناية بالشباب والاهتمام بهم فقال( صلي الله عليه وسلم):( إن الله ليعجب من الشاب الذي ليست له صبوة)( أي شذوذ وانحراف). كما بين منزلة الشاب العابد لله, حيث يقول( صلي الله عليه وسلم):( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وذكر منها: شاب نشأ في عبادة الله). كما أن من واجبات الشباب المسلم أن يؤدي ما عليه في كل نواحي الحياة والسلوكيات والسعي في الإصلاح, فيظل محافظا علي وطنة يشرف بانتمائه إليه, وأن يقتدي بسيدنا محمد( صلي الله عليه وسلم) قولا وعملا, فإذا أخذ النبي( صلي الله عليه وسلم) قدوة حفظ نفسه من المهالك ومن المعاصي وأصبح شابا نافعا لدينه ووطنه, ومن الوقوع في الشذوذ الأخلاقي أو الانحراف أو التسيب والإهمال. وتقول الدكتورة مفيدة إبراهيم علي عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الازهر إذا أردت أن تعرف ماهية الأمة وحقيقة أمرها, فلا تسأل عن ذهبها ونشبها وبترولها ورصيدها المالي, ولكن انظر إلي شبابها, فإن رأيته شبابا متدينا متمسكا بقيمة الأصيلة منشغلا بمعالي الأمور, قابضا بأذيال الكمال وأهداب الفضائل فاعلم أنها أمة جليلة الشأن, رفيعة القدر والجاه, وقوية البناء, مرفوعة العلم لا ينال منها عدو, ولا يطمع فيها قوي. لذلك يتطلب من المجتمع الاهتمام بالشباب والتواصل معهم والإنصات إليهم ومشاركاتهم مشاعرهم وأفكارهم باعتبارهم قادة الغد وأمل المستقبل وعلي أكتافهم تقام حضارات, وترفع أمجاد فهم ركيزة المجتمع ودعامته الأساسية, لولا قوة الشباب وطاقاته المفعمة بالحيوية لما نهضت كثير من الأمم والحضارات, ذلك بأن بنيان المجتمع يحتاج في تشييده إلي سواعد قوية وفتية, فحين يقدم الكبار والشيوخ الرأي والنصحية تجد الشباب يقدمون الطاقة والجهد والعمل فتكتمل أدوار كل جيل من الأجيال ضمن منظومة اجتماعية قوية تؤدي دورها علي أكمل وجه. وقد جاء الإسلام ليعلي من قيمة الشباب ويؤكدها, كما أن النبي عليه الصلاة والسلام كان محاطا بكثير من الصحابة الشباب الذين حملوا علي عاتقهم نشر رسالة الإسلام في ربوع المعمورة حيث تجلت أهمية الشباب في توجيهات النبوة حيث وردت كلمة الشباب في الخطاب النبوي في أحاديث كثيرة مما يدل علي الاهتمام النبوي بهذه الفئة من المجتمع لدرجة أن النبي عليه الصلاة والسلام قد كلف كثيرا من الشباب للقيام بعدد من المهمات الجسام منها تكليفه الصحابي الجليل مصعب بن عمير بأن يكون أول سفير للإسلام, حيث بعثة إلي المدينة ليلعم أهلها الدين والقرآن, كما كلف النبي عليه الصلاة والسلام الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه بقيادة جيش يتوجه لقتال الروم في الشام وقد كان عمره لم يتجاوز الثمانية عشر عاما, وعلي الرغم من وجود صحابة كبار في السن في جيشه كسيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. ويقول الدكتور عبدالخالق السكري استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الازهر أن الشباب في أي أمة هم قلبها النابض إذا صلح صلحت الامة وإذا فسد فسدت الأمة والشباب في الإسلام لهم مكانة كبيرة وأهمية بالغة فهم أمل الحاضر وعدة المستقبل وعليهم تنعقد الآمال الكبيرة في نهضة الامم وقوتها في جميع مجالات الحياة ولذا اهتم الإسلام بالشباب اهتماما بالغا وأولاهم عناية خاصة فالذي يقرأ القرآن الكريم يجد أن الحق تبارك وتعالي يوضح فيه أن مرحلة الشباب هي مرحلة القوة والفتوة وبين ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة حيث قال تعالي الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير وقد امتدح الله تعالي إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي وشلمت السنة النبوية الشباب بكثير من التوجيهات لعنايتها بهم فهاهو رسول الله صلي الله عليه وسلم يوصي بالشباب خيرا لأنهم أرق قلوبا وأهدأ نفسا وأسرع إلي قبول الحق من غيرهم ففي الصحيح عن سيد ا لخلق صلي الله عليه وسلم أنه قال أوصيكم بالشباب خيرا فإنهم أرق افئدة ولقد بعثني الله بالحنيفية السمحة فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ ولم يكتف الرسول بذلك بل خاطب الشباب وخصهم بمزيد من العناية في قوله يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء فبين أن مرحلة الشباب فرصة عظيمة في حياة الإنسان يجب عليه أن يغتنمها في أبواب الخير والعمل والانتاج بما يعود عليه وعلي أمته بالنفع لقوله صلي الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس وذكر منها شبابك قبل هرمك وحياتك قبل موتك وبين عليه الصلاة والسلام أن مسئولية الشباب في المجتمع مسئولية عظيمة وخطية لدرجة أن الملك سبحانه وتعالي سوف يسألهم يوم القيامة عن فترة شبابهم في قوله لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع خصال: عن عمره, فيم أفناه؟ وعن شبابه, فيم أبلاه؟ وعن ماله, من أين؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه, ماذا عمل فيه. ويناشد السكري الآباء والامهات بتوجيه الشباب التوجيه الرشيد حتي لاينحرفوا ويقعوا فريسة للأفكار الهدامة ورسول الله يضرب لنا القدوة في طلك حيث يوصلي ابن عمه عبدالله بن عباس قائلا: يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا علي أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأفلام وجفت الصحف)) وقوله مانحل والد ولدا من نحل أفضل من أدب حسن وماورد عن عبدالله بن عامر قال دعتني أمي يوما ورسول الله جالس في بيتنا فقالت تعالي اعطك فقال: لها الرسول صلي الله عليه وسلم ما أردت ان تعطيه؟ قالت اردت ان اعطيه تمرا فقال: لها اما انك لو لم تعطه شيئا لكتبت عليك كذبة ليوضح صلوات الله عليه أهمية الأسرة في غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس الصغار منها الصدق. ويطالب السكري الشباب باغتنام هذه الفترة المهمة في حياتهم في البناء والتعمير وألا يضيعوها فيما لايفيد وخاصة أن الدولة بقيادتها الرشيدة تولي الشباب عناية خاصة وتمنحهم الثقة في تولي بعض المراكز المهمة وتعقدلهم في ذلك المؤتمرات التي يلتقون فيها باصحاب الخبرات حتي يستفيدوا وينطلقوا في ذلك من عقيدة راسخة بحق الوطن عليهم في النهوض به.