تولي الدولة اهتماما خاصا لاستراتيجية ادارة المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة بشكل خاص لجذب الاستثمارات, والاستفادة من المناطق المجاورة لهما, واقامة عدد من المشروعات الاستثمارية في مجال السياحة, وسوف يتم وضع الفرص الاستثمارية للمتحفين في الخطة الاستثمارية الشاملة. ونحن نتساءل مع عدد من الخبراء عن أهم ملامح هذه الاستراتيجية؟ وما هي أهم الفرص المتاحة كما يراها الخبراء؟ وإلي أي مدي يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخري في مجال الاستثمار في المتاحف؟ الدكتور طارق توفيق المشرف العام علي المتحف المصري الكبير يؤكد لالأهرام المسائي أن المتحف لن يقتصر علي عرض القطع الأثرية فقط, وإنما سيشمل أيضا الاستثمار فيما يحتويه من منشآت ثقافية وسياحية وتجارية وخدمية; إذ إن هناك اتفاقا بين وزارتي الآثار والاستثمار والتعاون الدولي, علي وضع وزارة الآثار علي الخريطة الاستثمارية, في إطار الاتجاه إلي توفير مناخ استثماري أفضل في مصر وربطه بالثقافة. ويضيف: من هنا ستكون هناك سلسلة من المشروعات السياحية والترفهية سيتم طرحها علي القطاع الخاص, بالمنطقة المجاورة للمتحف المصري الكبير, بما في ذلك إنشاء فندق كبير في هذه المنطقة الأثرية المتفردة, وقاعة للمؤتمرات, وساحة للحفلات, وسلسلة محلات ومطاعم تطل علي منطقة الهرم, بحيث توفر هذه المشروعات إيرادات للمتحف المصري الكبير, أي ستسير الفرص الاستثمارية بالتوازي مع ثروته الأثرية الحضارية, كما سيكون هناك اهتمام بوجود مستنسخات وهدايا وكتب ترتبط بالقطع المتميزة التي سيضمها المتحف المصري, وسيتم تشجيع القطاع الخاص المصري لخوض هذا المجال أيضا. ويضيف د.توفيق أن المتحف يمثل مشروعا ثقافيا ضخما لا مجرد متحف وقاعات للعرض المتحفي, الأمر الذي يتطلب معه خبرات متخصصة للإدارة, ولا مجال لأي مخاوف لأن كل ما يتعلق بالآثار سيكون في أيدي الأثريين, سواء ما يتعلق بحفظ الآثار أو توثيقها, أو ترميمها وعرضها, ولن تقترب منه إدارة أية شركة, أما ما يتعلق بالجوانب الأخري للمتحف ومنها قاعة المؤتمرات التي تسع ما يزيد عن ألف شخص, والسينما ثلاثية الأبعاد التي تسع ما يزيد عن500 شخص, و28 محلا تجاريا, و10 مطاعم, وكل ما هو ليس أثريا فإنه سيحتاج أيضا إلي إدارة احترافية لمثل هذه الأنشطة المصاحبة التي تساعد علي إيجاد دخل إضافي يساعد علي المحافظة علي هذا الصرح العظيم, بالإضافة إلي مسئوليتها عن جزء من تأمين المتحف, وهو التأمين الذي سيعتمد علي محاور مختلفة لهذا المشروع منها ما هو مرئي للزائر ومنها غير المرئي, وبأحدث التقنيات. دور سياحي كبير للمتاحف يوضح د. خالد رحومة مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة دمنهور أن المتاحف بما تحمله من تاريخ القدماء تمثل رسالة حضارية تعكس ما مرت به المجتمعات البشرية من تطور مثير للاهتمام, وهو ما يجعل لتنشيط دورالمتاحف انعكاسات إيجابية أكيدة علي فرص العمل والدخل القومي ومن ثم التنمية الاقتصادية, فمتحف اللوفر الكبير بفرنسا علي سبيل المثال أصبح يستقطب ما يقرب من عشرة ملايين زائر سنويا يمارسون أنشطة متنوعة منها العروض السينمائية والحفلات ومعارض اللوحات وبيع الكتب والملصقات والتحف, وقدرت مساهمة اللوفر في الدخل القومي لفرنسا بما يقارب البليون يورو سنويا, بينما تقدر نفقاته بمئتي مليون يورو فقط, وعلي الرغم من أن العاملين به حوالي ألفي شخص إلا أن المستفيدين فعليا منه بشكل غير مباشر قد يتجاوز عددهم15 ألف شخص. فرص استثمارية لا حدود لها يتفق في الرأي السابق خبير السياحة د. أحمد نسيم الذي يقول أن الاستثمار في المتاحف يعتبر عنصرا جاذبا للسياحة, ولابد أن نقر أنه لا انفصال بين السياحة والآثار خاصة في دولة مثل مصرالتي تمتلك ثروة أثرية عظيمة, وعدد كبير من المتاحف المتنوعة والثرية بمقتنياتها الحضارية والثقافية, وهو مايسمح بفرص استثمارية لا حدود لها, ويفتح المجال أمام التوسع في انتاج مستنسخات وأنشطة مختلفة, تدر أرباحا هائلة للدولة, ويضيف: إذا نظرنا علي سبيل المثال للمتاحف الفرنسية فإن معظمها متاحف وطنية تابعة لوزارة الثقافة أو المجالس البلدية. وفي الوقت نفسه تتمتع بأعمال استثمارية ذات مردود إيجابي كبير علي الدخل القومي. يتابع: لا بد من الاستفادة من التجربة الفرنسية في هذا المجال, حتي لو تطلب الأمر إصدار قوانين جديدة تسمح للمتاحف بالاعتماد علي الاستثمار في مشروعات خاصة لتخفيف العبء الذي أصبح يثقل كاهل وزارة الآثار, بما يسمح بوضع قانوني جديد يجعل منها شركات وطنية, لكنها مستقلة إداريا وماليا. ويقترح إعادة النظر في السياسة المتحفية, بحيث تقوم علي الاستثمار والتسويق, ليس فقط للمتحفين الكبير والحضارة كما تعتزم وزارتا الآثار والاستثمار, لكن أيضا لسائر المتاحف, بحيث نتوسع في إقامة ورش العمل, وأركان الهدايا والكتب والهدايا التذكارية والملصقات بأعلي جودة, واقامة معارض في الخارج يتم فيها إعارة اسمه وخبرته ومجموعاته وبعض مقتنياته خاصة المكدسة في المخازن بأرقام خيالية للمتاحف في الخارج لمدة سنتين مثلا, مع أخذ كافة الضمانات والتأمين اللازم, واستضافة معارض دولية.