مكان واحد يجمع أغلب أحداث الفيلم.. وفي كل ركن منه حكاية يجسدها أحد أبطال العمل تتشابك وتترابط مع القصة الرئيسية التي صاغها المؤلف, فيما تدور الكاميرا في أرجاء هذا المكان الضيق لتشعرك برحابته من خلال أحداث ممتعة علي مدار مدة الفيلم بالكامل, تلك التيمة السينمائية التي انتشرت خلال السنوات القليلة الماضية والتي أعادت القوة مرة أخري لفكرة الاعتماد علي الحكاية بشكل أكبر من الاعتماد علي التنوع في الأماكن علي اعتبار أن هذا المكان هو بطل العمل والذي يضم كل العناصر. بدأت فكرة الاعتماد علي مكان واحد تقريبا من خلال فيلم بين السما والأرض الذي أنتج عام1959 وتدور أحداثه داخل مصعد يتعطل فجأة وبداخله عدد من الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم من بينهم ممثلة سينمائية قامت بدورها الفنانة هند رستم وشخص مضطرب عقليا وهو عبد المنعم إبراهيم وامرأة حامل تلد في المصعد رغم ضيق المكان, وأعاد إحياءها مرة أخري الثنائي أحمد عبد الله والمخرج سامح عبد العزيز من خلال ثلاثيتهم الفرح والذي تدور أغلب أحداثه داخل حارة يقام بها فرح شعبي ليستعرض المؤلف والمخرج حكايات من قلب هذه الحارة تدور إما في الفرح أو إحدي شقق سكان الحارة. الأمر نفسه بالنسبة لفيلم ساعة ونصف الذي دارت أحداثه داخل أحد القطارات, وفي ساعة ونصف استعرض العمل قصص وحكايات ركابه, قبل أن يشتعل القطار ويلقي ركابه حتفهم. وفي فيلم كبارية الذي تدور أحداثه داخل ملهي ليلي, استعرض عبد الله وعبد العزيز حياة العاملين, وظروفهم التي اضطرتهم للعمل فيه حتي يقوم أحد الإرهابيين بتفجيره وتنتهي الحياة بداخله. توقفت تلك التيمة لفترة قبل أن تعود للمرة الثانية علي يد المخرج محمد دياب في عام2016 من خلال فيلم اشتباك والذي تدور أحداثه داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين أثناء حالة الاضطراب السياسي في2013, وتم تصوير مشاهد الفيلم في مساحة لا تزيد بالحقيقة علي8 أمتار مربعة; حيث يتفاعل عدد كبير من الشخصيات ضمن دراما تتضمن لحظات من الجنون, العنف, الرومانسية والكوميديا. ثم عادت مؤخرا في2018 من خلال فيلم طلق صناعي الذي تدور أحداثه داخل السفارة الأمريكية التي تعتبر محور العمل; حيث يسعي حسين وزوجته هبة الحامل لاستخراج تأشيرة هجرة لأمريكا أملا في الحصول علي الجنسية الأمريكية, وضمان مستقبل أفضل لأولاده ولكن تم رفضهم لأسباب غير معروفة الأمر الذي دفعه لتهديدهم بالسلاح لحين أن تلد زوجته داخل السفارة ليضمن حصول أبنائه علي الجنسية لأنهم ولدوا علي أرض أمريكية, وداخل السفارة استعرض المخرج خالد دياب الأشخاص الذين يرغبون في الحصول علي الجنسية وحكاياتهم والادعاءات الكاذبة فمنهم من يقول إنه مثلي ليسمحوا له بالهجرة, وآخر اعتنق المسيحية ويخشي الاضطهاد في بلده, وغيرها من الادعاءات. الأمر لم يكن حصريا في مصر فقط ولكن السينما العالمية استخدمته في فيلمtheroom أو الغرفة, ويتناول قصة جاك, صبي يبلغ من العمر5 أعوام ترعاه والدته, ومحاصران في مكان لا يتعدي مساحته إلا أمتار قليلة, والذي تشير إليه والدة جاك دائما باسم الغرفة, خلقت والدة جاك له كونا موازيا كاملا داخل الغرفة, ولكن بدأ الفضول ينمو بداخل جاك حول وضعهم, فتقوم بسن خطة من أجل الفرار. إن تصوير الفيلم داخل لوكيشن كان مقلقا له وشقيقته شيرين دياب التي شاركته كتابة السيناريو لتخوفهم من فكرة ملل الجمهور من اللوكيشن الواحد وكذلك الأمر بالنسبة لهم, لذلك حرصا علي ألا يكون هناك تكرار في الأحداث في مكان واحد وخلال ساعة ونصف وهو ما زاد من صعوبة العمل بالفعل صعبا, ولذلك حاول جاهدا كمخرج في البحث عن زوايا مختلفة وخفف من حدة القصة بالكوميديا وتنقل الكاميرا بين الأشخاص. وأضاف حرصت أيضا علي تخفيف الأمر من خلال إضافة عنصر الكوميديا في العمل في إطار جديد بلاك كوميدي يجمع العديد من الدراما, خاصة أنه يناقش أزمة الهوية المصرية. بينما قال الناقد أحمد شوقي: إن فكرة التصوير في لوكيشن واحد تم تكرارها العديد من المرات سواء علي مستوي السينما العالمية أو المصرية وفي كل مرة يكون لها قصتها الخاصة ووجهة نظر المؤلف الذي وجد أن قصته يجب أن تدور في مكان واحد. وأوضح شوقي أن طلق صناعي اختار زاوية واحدة لأن القصة بالفعل تدور عن السفارة الأمريكية فقط وسعي كثير من الأشخاص لها لتحقيق أمنيتهم بالسفر والهجرة لأمريكا التي يرونها المستقبل الأعظم لهم رغم أن العمل أظهر بعض المساوئ في أمريكا وكل ذلك حول محور واحد وهو المكان الذي وقع به السطو. لأن البطل كان لا يريد الخروج منه إلا إذا انتصر بالهجرة وهنا المؤلف كان يريد إبراز أهمية المكان الواحد ولكن حاول أيضا التغيير في زوايا التصوير لكي لا يصيب المشاهد بالملل فهناك عديد من الجمهور تريد تغيير المشاهد بسبب ذلك. وأضاف المنتج هشام عبدالخالق أن نوعية الأفلام التي تدور في لوكيشن واحد تكون لصناعها رؤيتهم الخاصة ولكن أغلب الجمهور لا يستطيعون استيعابها نظرا لاعتيادهم علي أن تكون الأفلام في أكثر من زاوية ومكان لتجذبهم. وأوضح أن هذه النوعية من الأفلام يكون لها مغزاها وتريد توصيل رسالة معينة للجمهور مثل فيلم اشتباك الذي استطاع عرض العديد من القصص في حكم الإخوان وتأثيرهم السلبي عن مصر من خلال عربة ترحيلات, لكنه لم يحقق إيرادات مرتفعة ولم يستوعبه الجمهور بشكل كبير, وأفلام أخري تناولت محتوي اللوكيشن الواحد جاءت إيراداتها منخفضة ولكنها في النهاية أفلام تعرض رؤية واضحة تضم العديد من القصص المختلفة, مؤكدا أن هذه القصص تجمع بين الكوميديا والرومانسية والعنف والعديد من نماذج المجتمع وهنا نجد أننا نشاهد العديد من الأفلام القصيرة داخل فيلم واحد.