تغيير المنكر في الإسلام أصله لنا النبي صلي الله عليه وسلم في قوله: من رأي منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فليغيره بقلبه وذلك أضعف الايمان, فأساليب تغيير المنكر ثلاثة قد بينها لنا الحبيب صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث, أما الوسيلة الأولي وهي التغيير باليد فهذا من شأن الدولة والجهات المختصة, فلا يجوز لأحد من العامة أن يضرب أحدا أو ينهره علي تقصيره في حق الإسلام أو وقوعه في جريمة معينة فهذا يختص به القضاء وجهات الدولة, أما عامة المسلمين فقد علمهم النبي صلي الله عليه وسلم أن يغيروا المنكر بالأسلوبين الآخرين باللسان ويشترط في هذا الأمر أن يكون بأسلوب راق وبحكمة وموعظة حسنة وإلا فلا يجوز سب الناس أو الهجوم الحاد عليهم بدعوي تغيير المنكر, ومن لم يستطع أن ينصح الناس بقوله أو لم يقبلوا هم نصيحته فيتبقي أمامنا الأسلوب الأخير وهو التغيير بالقلب, ومعناه أن ينكر المسلم هذا الفعل بقلبه ويعلن أمام أنه الله بريء من المنكرات كلها حتي إذا حاسبه الله يوم القيامة لايكون ذلك في ميزان سيئاته. وفي الإسلام يجب الامتناع عن تغيير ماهو منكر إذا كان سيأتي هذا التغيير بفتنة أشد, والنبي صلي الله عليه وسلم قال فيما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: لولا حداثه عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها علي أساس إبراهيم فإن قريشا حين بنت البيت استقصرت ولجعلت لها خلفا, فالنبي صلي الله عليه وسلم خشي أن تكون فتنة فآثر أن يبقي الأمر الخطأ, لأنه كان سيترتب علي حدوثه أمر أعظم منه خطورة, فما بالكم بمن يقتل نفسا مسلمة بريئة بدعوي تغيير المنكر؟ فسكت النبي صلي الله عليه وسلم عن المنكر وتركه مخافة ان يحدث منكر أكبر منه. وصانعو المنكر في بلادنا اليوم هم من قاموا بنشر الخبث والفكر الضار في بلاد المسلمين, وشوهوا عقيدة المسلمين, وأشاعوا الفكر الفاسد بين كثير من شباب المسلمين, فجعلوهم يتركون بلادهم وأعمالهم وأهلهم, ويذهبون إلي تلك الجماعات الإرهابية اعتقادا منهم أن هذا جهاد في سبيل الله ولايدرون أنهم علي ضلال كبير, فالآلاف من الشباب العرب ذهبوا إلي تلك الجماعات وشاركوا هؤلاء الإرهابيين, وقتلوا الكثير من المسلمين, وهم مخدوعون لأنهم لم يفهموا حقيقة الدين, ولم يعلموا عن الاسلام والعقيدة العلم الكافي, فصار هؤلاء صانعي الفتن الكبري في بلاد المسلمين وأصبحوا أصحاب أكبر منكر, صنعوه من حيث لايدرون أنهم يسيئون إلي الدين. ولعل هذا الأمر من أمارات الساعة ومن علاماتها فقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن من أمارات الساعة أن يكثر القتل حتي لايدري القاتل كيف قتل, ولايعلم المقتول فيم قتل.