غدير الرعيني وحامد الفقيه ومجموعتان قصصيتان: شرائط الساتان و أغنية لأمي. في المجموعتين البديعتين تتكرر كلمة القدر كما لو كان للقدر دور كبير فيما يحدث لليمن الآن وسابقا حين كان الإمام فيما قبل الثورة يتفنن في إعدام اليمنيين من المعارضين بالسيف في الميدان العام متلذذا ومبتكرا لطرق الذبح. والآن الحرب والقتل اليومي والكوليرا والجوع. لهذا نري قصص المجموعتين تغلفها الأحزان فها هي غدير الرعيني في قصتها معراج تجر قدميها الثلجيتين علي درجات الخلاص حتي تصل إلي سطح البناية التي تقطنها.. هنا فقط تستطيع لصق آلامها بحرية, تطلق العنان لمقلتيها وحنجرتها لتلفظ كل منهما ما وأدته بداخلها. في أقصوصات غدير حنين طاغ للطفولة.. الطفولة التي لا تعني في الغالب صغر السن بقدر ما تعني صغر الشعور وعدم الوعي بما يحدث حولها في هذا العالم القبيح.. وتميل الكاتبة إلي أن تكون قصصها معبرة عن لحظات شعورية عالية الحساسية بعيدا عن حدث مركزي تحوم حوله.. إنها تأخذ من الداخل لا من الخارج.. وتسقط ما بالداخل علي ما بالخارج. هذا الصباح الشتوي الأبيض يسحر السحر, وقطرات صقيعه تتخايل بسكون قارص علي أوراق الحدائق, فتسمع هسيس الأوراق وتصادم أسنانها اللبنية البكر. بأياديه المتجمدة يجرني من أذني إليه رغما عني.. أجدني أعاشره بأنفاسي الدافئة وبزفيري المتكاثف.. أيها الصباح أنا أنثاك الواقفة علي طلك ترجو الوصال. فتح الصباح الأبيض شفتيه فظهرت الشمس وذاب الندي وكشفت حجب الضباب. أما حامد الفقيه فهو شاعر قبل أن يكون قاصا. هكذا تقول لغته في أقاصيصه.. الاستعارات والكتابات والتشبيهات المتلاحقة والتي لا تعطي فرصة للقارئ لالتقاط أنفاس الواقع.. لكنه يعود للغة الواقع حين تكون اللقطة حادة والألوان عميقة غائمة رضا لا تصلي, ولا تقوم الليل. أمية لا تقرأ القرآن.. لكن تحت ظل صحون شعوبيتها حلواها الشعبية التي تبيعها أربع أرواح هم تركة جبر زوجها الذي كسر إطار حلمها بوقع حمله الثقيل علي بروازها الجميل. فجرا توزع صحونها بانتظار شمس تعكس ظل رزق أطفالها., منذ منتصف النهار وحتي قرب أصيل الليل تجمع ظلا فاتت شمسه. أحرقتني حدة خطواتها الحنقة من ظل الجمعة الذي بين يديها وهي تعدها ولا تكاد تبلغ مائة وخمسين ريالا تكاد تشبع فردا من بنيها المتضاغين جوعا, تعرض بوجهها عن صوت الخطيب الذي يرفع صوته لحضور صلاة الجمعة:(أهل الرضا والقبول هم أهل قيام الليل والذكر والاستغفار) وتتلاشي كلماته في اذنيها بتباعدها عن المسجد. وتتنوع القصص في مجموعة حامد الفقيه أغنية لأمي مشحونة بالشعر والألم والإنسانية نابعة من موهبة حقيقية.